“نزوح”: رحلة إنسانية – على شريط سينمائى – من قلب دمشق إلى شاشات العالم
كتب: على محمود
“معضلة تواجهها عائلة بين البقاء في وطنها المحبوب سوريا أو المخاطرة بالرحيل إلى المجهول، هذا ملخص موضوع فيلم “نزوح” للمخرجة سؤدد كعدان التى حصدت من خلاله عدد من الجوائز فى المهرجانات العالمية، ومنها على سبيل المثال، جائزة مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، في دورته 79، وتحتضن دور العرض الإنجليزية الفيلم خلال هذه الأيام.
والفيلم من بطولة كندة علوش، وسامر المصري، إلى جانب هالة زين، نزار العاني، ومن إخراج سؤدد كنعان، وتدور أحداثه حول عائلة محاصرة في إحدى مناطق دمشق، يخوض أفرادها صراعا حول قرار البقاء أو الفرار.
وعرض الفيلم لأول مرة على الصعيد العالمي في مسابقة بالمهرجان، حيث فاز بجائزة الجمهور، التي تقدمها شركة “أرماني” كراعٍ رسمي للمهرجان، ما جعله أول فيلم عربي يفوز بهذه الجائزة، ويخرج من قلب دمشق إلى شاشات السينما العالمية، ليقدم نظرة ثاقبة على معاناة اللاجئين وتحدياتهم، ويثير تساؤلات حول الهوية والانتماء والوطن.
خلال كورونا
صُور الفيلم خلال فترة كورونا عام 2020 بمدينة عنتاب، وهي مدينة في جنوب تركيا، وتولت تصويره المصورة السينمائية الشهيرة هيلين لوفار، وتدور أحداثه في عام 2013.
جاءت فكرة “نزوح”، وهي كلمة باللغة العربية تشير إلى نزوح الأرواح والماء والناس، إلى كعدان بعد أن شاهدت صورة تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي لمنزل مدمر في العاصمة السورية في عام 2012.
شارك فى أكثر من 20 مهرجانا
الفيلم شارك في أكثر من عشرين مهرجانًا دوليًا حول العالم، من بينها مهرجان لندن وموسترا دي فالنسيا في إسبانيا وساو باولو وطوكيو وبوسان في كوريا الجنوبية وتطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط والسينما المتوسطية في بروكسل ونوافذ سينمائية على المغرب العربي والشرق الأوسط، إلى جانب مالمو للسينما العربية في السويد.
“نزوح” السوري، شريط سينمائى يعكس قصة تشبه الحلم لعائلة محاصرة في دمشق، حيث يقع اللاجئون في مفترق طرق بين البقاء والرحيل عن الوطن، وما أصعبه من قرار.
تُقدم المخرجة سؤدد كعدان في هذا الفيلم رحلة سينمائية فريدة ترفض فيها تبسيط تعقيدات الحرب السورية لتناسب توقعات الجمهور الغربي، بل تسعى لإظهار الجوانب الإنسانية بغموض الواقع وعمق الشخصيات.
يُفتح “نزوح” نوافذ على مشاهد حياتية ومواقف إنسانية في مدينة دمشق المنكوبة، حيث يجد الأب معتز نفسه يواجه اختيارات صعبة بين البقاء أو المغادرة، في حين تتأرجح زوجته هالة وابنتهما البالغة من العمر 14 عامًا، زينة، بين شجاعة المواجهة والخوف من المجهول.
يُقدم الفيلم رؤية مختلفة عن أفلام الحروب التقليدية، حيث لا يركز على مشاهد العنف أو الموت، بل يتميز بمزيج فريد من الفكاهة السوداء والواقعية السحرية، ما يجعله جذابًا للجماهير العالمية.
فيلمها الثانى
“نزوح” هو ثاني فيلم روائي طويل للكاتبة والمخرجة سؤدد كعدان بعد فيلم “يوم فقدت ظلي” الحائز على جوائز، والذي يدور حول أم عزباء تبحث في ضواحي دمشق التي مزقتها الحرب عن أسطوانة غاز.
ولدت كعدان في فرنسا، وترعرعت في دمشق وعاشت هناك مع والديها وإخوتها الثلاثة قبل وأثناء السنوات الأولى من الحرب، وبعد بدء القصف في حيها، قررت المغادرة.
في كانون الأول/ ديسمبر 2012، انتقلت إلى بيروت، عاصمة لبنان، التي كانت على بعد ساعتين بالسيارة من مدينتها، وعاشت هناك حتى عام 2020.
تعيش كعدان الآن في لندن، بعد أن جاءت إلى المملكة المتحدة بتأشيرة موهبة استثنائية، وتقول إنها لم تكن لتتردد في طلب اللجوء وتصبح لاجئة إذا لم يكن لديها خيار آخر.