د. ناجح إبراهيم يكتب: الطب.. النعمة التي جحدها البعض

بيان
• كانت أمي رحمها الله ترفض أن تفطر في أيام الحيض رغم علمها بالأحكام الشرعية، فتشرب جرعة ماء قبل المغرب بنصف ساعة، هذه عزمات جيدة ولكنها بالنسبة للمرضى قد توردهم المهالك، وقد تسبب مضاعفات كارثية، فبطل قصتنا هذه في الثمانين من عمره وتوقف قلبه ويرفض إفطار يوم من شوال، وهو سنة وليس فرضاً.
• استعادت ذاكرتي مهندساً شاباً كان معنا في المعتقل استدعاني لفحصه فقلت له: “هذه زائدة ملتهبة ولابد لها من جراحة”، رفض بحجج واهية، وساذجة طبياً، إذ خلط بين تخدير الجراحات والسكر بالخمر، شرحت له أن الخمر تقيد العقل وتطلق الغزائر والجوارح، أما البنج” التخدير”فيقيد الجميع ولا يجعل الجوارح تعمل فلا يصدر منه ذنب ولا معصية.
• ظل علي رفضه أسبوعاً وأنا أكرر عليه أنك ستجرى الجراحة شئت أم أبيت؟ في سابع يوم استدعاني علي عجل، وقال : “أريد إجراء الجراحة فوراً”.

قلت له : “والبنج؟!”.

قال : “أي شيء”.

أدرك الجراحون يومها حياته بصعوبة وكافأهم يومها اللواء/ أبو باشا وزير الدخلية وقتها بمكافآت سخية.
• عادت بي الذاكرة لفقدان شاب شهم، ووفي، وعابد، وزاهد، ولكن شيخه كان معروفاً بالتشدد وكراهية الدواء والعلاج الحديث، ويتداوي بما يسمي الأعشاب أو ما وجد في كتاب ” الطب النبوي” مع أن 99 % من هذا الكتاب لا يمت للنبي بصلة، فالنبي أعطى قواعد عامة في الطب، وهي في الصفحات الأولى من هذا الكتاب المجتزأ من كتاب كبير معنون بهذا العنوان، ومعظمه يصف عشب كذا ونبات كذا وكلها من أطباء اليونان والرومان وغيرهم، ويظن البعض السذج أن هذا كلام النبي وتعاليمه ويظنون خطأً أن الطب الصحيح ليس إلا في الأعشاب.
• كان صاحبنا مريضاً بالضغط المرتفع جداً ويرفض تناول الدواء ويكتفي ببعض الأعشاب والمشروبات أتباعاً لنهج شيخه، ارتفع ضغطه يوماً إلي عنان السماء، وحدث نزيف في المخ فغيبوبة في المستشفي فوفاة، حزنت عليه كثيراً فما قصده أحد في معروف أو استنجد به أو استغاث به إلا أغاثه.
• تذكرت يومها كلمة العبقري عمر بن الخطاب: “اللهم إليك أشكو جلد الفاجر وعجز التقي” وأحورها لنفسي قائلاً: “اللهم أشكو إليك ذكاء الفاجر وغباء التقي”.
• بعضنا يشدد علي نفسه في موضع التيسير ولا يدرك أن الشريعة جاءت باليسر لا العسر، والتيسير لا التعسير، والرفق لا العنف، وأنه ما خير رسول الله “ص” بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً” وأنه أمر بالتداوي وجوباً “تداووا عباد الله” وأنه يأثم من يترك التداوي إذا أدي ذلك إلي إلحاق ضرر بجسده أو عضو من أعضائه.
• أما الإمام أحمد بن حنبل الذي رخص في عدم التداوي فذلك محمول علي ما لا يحدث منه ضرر علي البدن أو تلف لعضو منه، كما أن الطب في عهده لم يكن قد تطور في معرفة الأمراض وهو رأي واحد من عده آراء له ولا يلزمنا في شيء.
• ويكفي أن يعلم الناس أن مريض السكر لو ترك العلاج عدة أشهر فإنه قد حكم علي نفسه بالموت.
• ومنذ أيام دخل مريض العناية المركزة وهو يقترب من الموت لأنه ترك علاج السكر والضغط عدة أشهر ولولا لطف به لمات.
• أما طب الأعشاب فهو نصب واحتيال ما لم يقنن في المنظومة الطبية الحديثة بوسائلها الحديثة، وأنه للوقاية وليس العلاج.. يا قوم لا تشددوا علي أنفسكم فيشدد الله عليكم.

اقرأ أيضا للكاتب:

د. ناجح إبراهيم يكتب: شريعة الحب عند المسيح سلام الله عليه

د. ناجح إبراهيم يكتب: الجامعات الأمريكية تثور لفلسطين

زر الذهاب إلى الأعلى