تقرير إسرائيلي: كيف يرتبط مستنقع غزة الإسرائيلي بتدهور العلاقات مع القاهرة
كتب: أشرف التهامي
آفي كالو، زميل في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب (ICT)، جامعة رايخمان، هرتسليا، وقد تقاعد مؤخرًا من جيش الدفاع الإسرائيلي بعد ما يقرب من 25 عامًا في قلب مركز التجميع والتشغيل والتحليل في مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي في العديد من المناصب الإدارية والقيادية.
نشر كالو اليوم السبت رأياً تحليليلاً في صحيفة “يديعوت احرونوت” الإسرائيلية تناول فيه واقع الأزمة المصرية الإسرائيلية بما يخص الحرب في قطاع غزة وتهديد الكيان المحتل بعملية عسكرية في مدينة رفح.
واستعرض الكاتب الإسرائيلى فى المقال تاريخ التوترات بين البلدين، وكيف تطورت الاجراءات المصرية الاحتجاجية ضد اسرائيل بحسب مجريات الاحداث و سقطات الكيان المحتل المتكررة.
كما أشار كالو إلى العلاقة الطردية بين (توتر العلاقات بين مصر واسرائيل ) و (التطبيع الإسرائيلي السعودي)، وتفاصيل أخرى تناولها الكاتب فى المقال الذى نقدم النص المترجم له فى التالى:
المقال:
كلما طال أمد الحرب وبدا أنها لا معنى لها، فإن المجتمع الدولي – والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على وجه التحديد – يفقد الثقة في القيادة الإسرائيلية، مما يؤدي إلى تآكل العلاقات بين الجارتين إلى مستويات غير مسبوقة.
تراجع ملحوظ في العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل ومصر
شهد الأسبوع الماضي تراجعا ملحوظا ومؤسفا في العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل ومصر. لعقود من الزمن، تجنبت القاهرة بعناية تجاوز “الخط الأحمر” المتمثل في تجميد أو إنهاء اتفاق السلام، حتى خلال الأزمات الكبيرة مثل عملية الرصاص المصبوب.
ومع ذلك، فإن تصرفات مصر الأخيرة تظهر ترسانتها من التدابير للضغط على إسرائيل.
المخاوف المصرية
أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي عن القلق المصرى من أن عمليات الجيش الإسرائيلي في رفح تؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة وتهدد الأمن القومي المصري، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى المخاوف من تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى سيناء، حيث يقيم بالفعل أكثر من 70 ألفًا. بالإضافة إلى ذلك، تواجه القاهرة انتقادات داخلية متزايدة بسبب موقفها الداعم لإسرائيل منذ بدء الحرب.
إجراءات مصرية احتجاجية ضد إسرائيل
تاريخيًا، استخدمت مصر إجراءات احتجاجية رمزية ضد إسرائيل، مثل خفض مستوى وجودها الدبلوماسي في سفارة تل أبيب. ومع ذلك، فإن الوضع الحالي مثير للقلق بشكل خاص بسبب عمق واتساع الإجراءات التي تدرسها مصر.
فأولا، اتخذت مصر خطوة غير مسبوقة تتمثل في ضم نفسها كطرف في الإجراءات القانونية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، إلى جانب جنوب أفريقيا، الحليف السياسي لحماس على الساحة العالمية.
ثانيا، أغلقت مصر معبر رفح من جانبها، مما أدى إلى وقف تدفق البضائع والأشخاص من غزة وإليها، مما أدى إلى تكثيف العبء الإنساني الثقيل بالفعل الواقع على كاهل إسرائيل لتلبية احتياجات غزة اقتصاديا وقانونيا وعسكريا.
وأخيراً، تفكر القاهرة في خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
وادعى الجيش الإسرائيلي أنه بدأ عملية رفح بالتنسيق التكتيكي مع الجيش المصري. ومع ذلك، يبدو أنه على المستوى الاستراتيجي، لم تقم الحكومة الإسرائيلية بتنسيق هذه الأنشطة بشكل كافٍ مع القصر الرئاسي في القاهرة، مما أثار مخاوف في واشنطن أيضًا.
وربما أدى هذا النقص في التنسيق إلى سوء تقدير رد الفعل المصري على عمليات رفح، وهو ما قد يُنظر إليه على أنه انتهاك إسرائيلي للملحق العسكري لاتفاقية السلام، مما يحد من تواجد جيش الاحتلال الإسرائيلي في منطقة 1.8 ميل بالقرب من الحدود، المعروفة باسم مثل المنطقة د.
الكثافة غير المتوقعة للإجراءات المصرية المناهضة لإسرائيل
إن الكثافة غير المتوقعة للإجراءات المصرية المناهضة لإسرائيل في تل أبيب تسلط الضوء على المنظور المحدود الذي تنظر من خلاله إسرائيل إلى جارتها الجنوبية في السنوات الأخيرة، مع التركيز في المقام الأول على الأجهزة الأمنية والعسكرية المصرية.
وقد ساهم هذا الحوار المثمر بشكل كبير في أمن البلدين، ومع ذلك، وعلى غرار التحيزات التي تظهر في التقييمات الأمنية الإسرائيلية لأعدائها، فقد يكون الوقت قد حان لإعادة تقييم ما إذا كنا نحدد بشكل ضيق للغاية عمق وطبيعة سلامنا مع مصر، بما يتجاوز الجوانب الأمنية البحتة.
حجر الزاوية في التصورات الأمنية الإسرائيلية
الصورة الناشئة قاتمة إلى حد ما: هناك علاقة مباشرة بين الشلل الاستراتيجي المستمر للحكومة الإسرائيلية في تجنب تشكيل آلية لإنهاء الحرب والأزمة المتفاقمة في العلاقات مع مصر، وهي حجر الزاوية في التصورات الأمنية الإسرائيلية لما يقرب من النصف قرن.
ومن الناحية العملية، يمكن أن يؤثر تدهور العلاقات مع مصر على جوانب مهمة من مستقبلنا، بما في ذلك تصور الأصول الإسرائيلية في الولايات المتحدة والمنطقة، تمامًا كما تستعد المملكة العربية السعودية للتطبيع بقيادة إدارة بايدن.
وعلى المدى القصير، فإن تدهور العلاقات مع القاهرة سيؤثر بشكل مباشر على شروط استئناف المفاوضات من أجل عودة الأسرى لدينا، الذين يواجهون بالفعل صعوبات مزمنة وسياسية ومتأصلة.
المصالح الوطنية والأمنية الأساسية في الشرق الأوسط
إن التوصل إلى اتفاقيات سريعة مع واشنطن والقاهرة فيما يتعلق بنطاق عملية رفح وتأطيرها، كما هو الحال من خلال اتصالات الوزير بيني غانتس مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، لن يساعد فقط في خلق وضوح استراتيجي لأهداف الحرب وتداعياتها، ولكن الأهم من ذلك، سيحافظ على مكانة إسرائيل, والمصالح الوطنية والأمنية الأساسية في الشرق الأوسط وخارجه.