القس بولا فؤاد رياض يكتب: « مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ »

بيان

تَحْتَفِلَ اَلْكَنِيسَةُ اَلْقِبْطِيَّةُ اَلْأُرْثُوذُكْسِيَّةُ فِي أَوَّلِ يُونْيُو مِنْ كُلِّ عَامِ اَلْمُوَافِقِ 24 بَشَنْس بُعَيْدَ دُخُولِ اَلسَّيِّدِ اَلْمَسِيحِ إِلَى بِلَادِنَا اَلْحَبِيبَةِ مِصْرَ.
لَقَدْ دَخَلَ اَلسَّيِّدُ اَلْمَسِيحُ أَرْضَنَا وَهُوَ بَعْدُ طِفْلٍ عَلَى ذِرَاعَيْ اَلسَّيِّدَةَ اَلْعَذْرَاءَ. فَتَبَارَكَتْ بِلَادُنَا اَلْمِصْرِيَّةُ بِقُدُومِهِ، وَتَحَطَّمَتْ أَوْثَانِهَا كَمَا تَنَبَّأَ اَلنَّبِيُّ إشْعِيَاءْ “هُوَذَا الرَّبُّ رَاكِبٌ عَلَى سَحَابَةٍ سَرِيعَةٍ وَقَادِمٌ إِلَى مِصْرَ، فَتَرْتَجِفُ أَوْثَانُ مِصْرَ مِنْ وَجْهِهِ، وَيَذُوبُ قَلْبُ مِصْرَ دَاخِلَهَا.” (إش 19: 1)
لَقَدْ اِمْتَثَلَ اَلْقِدِّيسُ يُوسُفْ اَلنَّجَّارْ بِأَمْرِ اَلْمَلَاكِ “«قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ».” (مت 2: 13)
لَقَدْ سَارَتْ اَلْعَائِلَةُ اَلْمُقَدَّسَةُ فِي هُرُوبِهَا مِنْ وَجْهِ هِيرُودِسْ إِلَى مِصْرَ حَوَالَيْ 1033 كِيلُو مِتْرِ وَهِيَ اَلْمَسَافَةُ مِنْ بَيْتِ لَحْمٍ إِلَى اَلدَّيْرِ اَلْمُحْرِقَ ذَهَابًا ثُمَّ مَثَّلَهَا إِيَابًا. بِحَسَبَ اَلتَّرْتِيبِ اَلتَّالِي:
مِنْ بَيْتِ لَحْمٍ إِلَى اَلْفَرْمَا اَلتَّابِعَةَ لِلْعَرِيشِ، وَمِنْهَا إِلَى تَلِّ بَسْطَةٍ (بِالْقُرْبِ مِنْ اَلزَّقَازِيقِ)، وَمِنْهَا إِلَى بِلْبِيسْ، وَمِنْهَا إِلَى مَنِيَّةِ جَنَاحٍ (بِالْقُرْبِ مِنْ سَمَنُّودْ)، ثُمَّ إِلَى اَلْبُرُلُّسْ، ثُمَّ إِلَى سَخَا (بِالْقُرْبِ مِنْ كَفْرِ اَلشَّيْخِ)، حَيْثُ وَضْعُ اَلطِّفْلِ يَسُوعْ رِجْلَهُ عَلَى حَجَرِ فَانْطَبَعَ عَلَيْهَا لِذَا؛ سُمِّي هَذَا اَلْمَكَانِ (بَيْنِي أيسوسْ) أَيَّ كَعْبِ يَسُوعْ، ثُمَّ اِنْتَقَلَتْ اَلْعَائِلَةُ إِلَى وَادِي اَلنَّطْرُونْ، ثُمَّ إِلَى عَيْنِ شَمْسٍ، فَالْمَطَرِيَّةُ (حَيْثُ شَجَرَةُ مَرْيَمْ اَلْمُبَارَكَةِ)، ثُمَّ إِلَى فُسْطَاطِ مِصْرَ (مِصْر اَلْقَدِيمَةِ)، حَيْثُ اِخْتَبَأَتْ اَلْعَائِلَةُ اَلْمُقَدَّسَةُ فِي مَغَارَةٍ وَهِيَ فِي كَنِيسَةِ أَبِي سَرْجُهُ اَلْآنَ، ثُمَّ تَوَجَّهُوا إِلَى اَلصَّعِيدِ وَاسْتَقَرُّوا عَلَى صَخْرَةٍ عَالِيَةٍ مَعْرُوفَةٍ اَلْآنِ بِجَبَلِ اَلطَّيْرِ (شَرْقَ سَمَالُوطْ حَالِيًّا)، ثُمَّ إِلَى اَلْأَشْمُونِينْ (بِجِوَارَ مَرْكَزِ مَلَّوِي)، ثُمَّ اِسْتَأْنَفُوا اَلسَّيْرُ مِنْ اَلْجَبَلِ اَلشَّرْقِيِّ إِلَى اَلْغَرْبِ حَيْثُ وَصَلُوا إِلَى جَبَلِ قَسْقَامْ (اَلْمَعْرُوفَ اَلْآنِ بِالدَّيْرِ اَلْمُحْرِقَ) حَيْثُ أَقَامُوا هُنَاكَ 6 أَشْهُرٌ.
جَاءَ اَلسَّيِّدُ اَلْمَسِيحُ إِلَى أَرْضِنَا اَلْحَبِيبَةِ مِصْرَ اَلَّتِي بُنِيَ فِيهَا مَذْبَحَهُ اَلْمُقَدَّسِ إِذْ تُنْبِئُ عَنْهُ إشْعِيَاءْ اَلنَّبِيِّ قَائِلاً “فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ، وَعَمُودٌ لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخْمِهَا.” (إش 19: 19)
وَكَمَا جَاءَ يُوسُفْ اَلصِّدِّيقَ اِبْنُ يَعْقُوبْ إِلَى مِصْرَ، هَكَذَا جَاءَ اَلسَّيِّدُ اَلْمَسِيحُ. وَكَمَا جَاءَ مُوسَى اَلنَّبِيِّ إِلَى مِصْرَ رَمْزًا لِمَجِيءِ اَلسَّيِّدِ اَلْمَسِيحِ إِذْ عِنْدَمَا سَمِعَ فِرْعَوْنْ هَذَا اَلْأَمْرِ طَلَبَ أَنْ يَقْتُلَ مُوسَى فَهَرَبَ مِنْ وَجْهِ فِرْعَوْنْ، وَهَكَذَا اَلسَّيِّدْ اَلْمَسِيحَ هَرَبَ مِنْ هِيرُودِسْ إِلَى مِصْرَ لِمَا أَرَادَ قَتْلُهُ. وَكَمَا عَادَ مُوسَى إِلَى مِصْرَ لِيَخْرُجَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ عُبُودِيَّةِ فِرْعَوْنْ، هَكَذَا عَادَ اَلسَّيِّدُ اَلْمَسِيحُ مِنْ مِصْرَ عِنْدَمَا ظَهَرَ اَلْمَلَاكُ لِيُوسُفْ فِي حُلْمِ قَائِلٍ ” قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ (مت ٢: ٢٠)
حَقًّا أَنَّ تَحْوِيلَ كُلِّ تَجْرِبَةٍ إِلَى مَنْفَعَةٍ رُوحِيَّةٍ هُوَ عَمَلٌ مُهِمٌّ فَالسَّيِّدُ اَلْمَسِيح حَوْلَ تَجْرِبَةِ اَلِاعْتِدَاءِ عَلَيْهِ (اَلتَّصْفِيَةُ اَلْجَسَدِيَّةُ) إِلَى أَعْظَمِ مَنْفَعَةٍ رُوحِيَّةٍ لِلتَّارِيخِ كُلِّهِ فِي إِيجَادِ مَكَانٍ مُقَدَّسٍ يَشْهَدُ بِمَحَبَّةِ اَللَّهِ.
فَمِصْرُ أَوَّلُ قِطْعَةِ أَرْضٍ عَلَى سَطْحِ اَلْكُرَةِ اَلْأَرْضِيَّةِ خُطَّتُهَا قَدَمَهُ كَانَتْ مِصْرُ. لِأَنَّهُ جَاءَ مَحْمُولاً عَلَى ذِرَاعَيْ اَلسَّيِّدَةَ اَلْعَذْرَاءَ، وَتَعَلُّمَ اَلسَّيْرِ عَلَى قَدَمَيْهِ فِي مِصْرَ، وَعَلَى أَرْضِهَا. أَوَّلُ طَعَامِ أَكْلِهِ اَلسَّيِّدِ اَلْمَسِيحِ عَلَى سَطْحِ اَلْكُرَةِ اَلْأَرْضِيَّةِ كَانَ مِنْ أَطْعِمَةِ وَمَزْرُوعَاتِ مِصْرَ، وَأَوَّلَ مَاء شُرْبِهِ اَلسَّيِّدِ اَلْمَسِيحِ عَلَى سَطْحِ اَلْكُرَةِ اَلْأَرْضِيَّةِ كَانَ مَاءَ نَهْرِ اَلنِّيلِ مَاءَ مِصْرَ، لِأَنَّهُ جَاءَ بِمَرْحَلَةِ اَلرَّضَاعَةِ مِنْ اَلسَّيِّدَةِ اَلْعَذْرَاءِ، وَتَمَّ فِطَامُهُ، وَبِدَايَةَ تَنَاوُلِهِ لِلطَّعَامِ وَالشَّرَابِ كَانَ فِي مِصْرَ.
مِصْر اَلدَّوْلَةِ اَلْوَحِيدَةِ اَلَّتِي زَارَهَا اَلسَّيِّدُ اَلْمَسِيحُ بِالْجَسَدِ غَيْرِ بَلَدِ مَوْلِدِهِ (أَرْضُ فِلَسْطِينَ)، وَهِيَ أَيْضًا اَلَّتِي فَضَّلَهَا لِكَيْ يَحْتَمِيَ بِهَا مَعَ أُمِّهِ اَلْعَذْرَاءِ وَيُوسُفْ اَلنَّجَّارْ وَكَانَ بِإِمْكَانِهِ اَلِاتِّجَاهُ إِلَى لُبْنَانَ أَوْ سُورْيَا أَوْ اَلْأُرْدُنِّ شَمَالاً أَوْ اَلْعِرَاقِ شَرْقَ أَوْ مِنْطَقَةِ اَلْحِجَازِ جَنُوبًا بَدِيلاً عَنْ بِلَادِ مِصْرَ بِالْغَرْبِ.
لِذَلِكَ نَثِقُ تَمَامُ اَلثِّقَةِ أَنَّ أَوَّلَ دَوْلَةِ خُطَّتِهَا قَدَمِي اَلسَّيِّدَ اَلْمَسِيحَ لَنْ تُخَرِّبَ، وَأَوَّلَ دَوْلَةٍ أُطْعِمَتْ اَلسَّيِّدُ اَلْمَسِيحُ لَنْ تَجُوعَ، وَأَوَّلَ دَوْلَةٍ رَوَتْ ظَمَأَ اَلسَّيِّدِ اَلْمَسِيحِ لَنْ تَعَطُّش، وَأَوَّلَ دَوْلَةٍ اِحْتَمَى بِهَا اَلسَّيِّدُ اَلْمَسِيحُ سَتَكُونُ آمِنَةً دَائِمًا.
رَحْلَةٍ العائلة المقدسة إلى مصر هي رحلة اِسْتِثْنَائِيَّةٍ بِامْتِيَازٍ، رَحْلَةٍ تَعُودُ بِنَا إِلَى أَزْمِنَةِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، إِلَى أَيَّامٍ كَانَتْ فِيهَا مِصْرُ مَلاَذًا وَمَأْوَىً لِلْعَائِلَةِ الْمُقَدَّسَةِ. فِي هَذِهِ الأَرْضِ الكَرِيمَةِ، الَّتِي شَهِدَتْ عَلَى مَرِّ العُصُورِ تَعَاقُبَ الحَضَارَاتِ وَتَلاَقُحَ الثَّقَافَاتِ، يَمْتَدُّ مَسَارُ العَائِلَةِ الْمُقَدَّسَةِ، ذَلِكَ الطَّرِيقُ الْمُبَارَكُ الَّذِي يَرْوِي قِصَّةَ السَّيِّدِ الْمَسِيحِ وَأُمِّهِ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمَ وَالْقِدِّيسِ يُوسُفَ النَّجَّارِ فِي رَحْلَتِهِمُ الإِلَهِيَّةِ عَبْرَ الأَرْضِ الْمِصْرِيَّةِ. عَلَى هَذِهِ الأَرْضِ الطَّيِّبَةِ، الَّتِي كَانَتْ شَاهِدَةً عَلَى تَعَاقُبِ الإِمْبْرَاطُورِيَّاتِ وَتَفَاعُلِ الثَّقَافَاتِ الْمُتَنَوِّعَةِ، يَنْسَابُ مَسَارُ العَائِلَةِ الْمُقَدَّسَةِ كَنَهْرٍ مِنَ الْبَرَكَاتِ، يُحَكِّي لَنَا الرَّحْلَةَ الإِلَهِيَّةَ لِلسَّيِّدِ الْمَسِيحِ وَأُمِّهِ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمَ وَالْقِدِّيسِ يُوسُفَ النَّجَّارِ عَبْرَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ. مَنْ يَسْلُكُ دَرْبَ هَذِهِ الرِّحْلَةِ الْمُبَارَكَةِ، يَنْخَرِطُ فِي تَجْرِبَةٍ عَمِيقَةٍ لَا تُمْحَى مِنَ الذَّاكِرَةِ، تَجْرِبَةٍ تَنْسِجُ خُيُوطَ الرُّوحَانِيَّةِ مَعَ رَوْعَةِ الْجَمَالِ، وَتَمْزِجُ بَيْنَ عَبَقِ التَّارِيخِ وَعُمْقِ الإِيمَانِ الَّذِي لَا يُضَاهَى. مَسَارُ العَائِلَةِ الْمُقَدَّسَةِ يَتَعَرَّجُ عَبْرَ ٣٣ مَوْقِعًا تَارِيخِيًّا مُتَنَاثِرًا عَلَى طُولِ الْبِلاَدِ، كُلُّ مَوْقِعٍ يَتَنَفَّسُ الْحَيَاةَ وَيَرْوِي حِكَايَاتِ الإِيمَانِ وَالاسْتِمْرَارِيَّةِ. مِنْ رِمَالِ سِينَاءَ الذَّهَبِيَّةِ، حَيْثُ تَنْقُشُ الْجِبَالُ وَالأَوْدِيَةُ أَسَاطِيرَ الأَنْبِيَاءِ، إِلَى الْمَطْرِيَةِ وَالْمَحْرَقِ، حَيْثُ تَتَجَسَّدُ الْمَعْجِزَاتُ وَتَتَعَالَى الصَّلَوَاتُ، يُمْكِنُ لِلزُّوَّارِ أَنْ يَشْهَدُوا كَيْفَ اسْتَقْبَلَتْ هَذِهِ الأَمَاكِنُ العَائِلَةَ الْمُقَدَّسَةَ بِكُلِّ حُبٍّ وَاحْتِرَامٍ. وَمِنْ صَحْرَاءِ وَادِي النَّطْرُونِ، حَيْثُ تَقِفُ الأَدِيرَةُ الْعَرِيقَةُ كَحُرَّاسٍ عَلَى مَرِّ العُصُورِ، إِلَى أَسْيُوطَ، حَيْثُ تَتَرَاقَصُ أَشْجَارُ النَّخِيلِ مَعَ لَمَعَانِ النُّجُومِ، يُمْكِنُ لِلزُّوَّارِ أَنْ يَغْمُرُوا بِالْهُدُوءِ وَالسَّلَامِ الَّذِي يَخِيمُ عَلَى هَذِهِ الأَمَاكِنِ الْمُبَارَكَةِ.
إِنَّ مَسَارَ العَائِلَةِ الْمُقَدَّسَةِ هُوَ دَعْوَةٌ لِلْعَالَمِ لِاكْتِشَافِ جَمَالِ مِصْرَ الْخَالِدِ، لَيْسَ فَقَطْ مِنْ خِلَالِ مَعَالِمِهَا الأَثَرِيَّةِ، بَلْ مِنْ خِلَالِ قِصَصِهَا الحَيَّةِ الَّتِي تَتَنَاقَلُهَا الأَجْيَالُ. إِنَّهَا فُرْصَةٌ لِلتَّعَرُّفِ عَلَى كَيْفِيَّةِ تَشْكِيلِ هَذِهِ الرِّحْلَةِ لِلْهُوِيَّةِ الْمِصْرِيَّةِ وَإِسْهَامِهَا فِي تَعْزِيزِ قِيَمِ التَّسَامُحِ وَالسَّلَامِ.
نَحْنُ نَفْخَرُ بِتُرَاثِنَا وَنَدْعُوكُمْ لِتَشَارِكُونَا هَذَا الْفَخْرِ. مِنَ الْقَاهِرَةِ وَمِنْ قَلْبِ النَّهْرِ الْخَالِدِ أَدْعُو الْعَالَمَ لِزِيَارَةِ مِصْرَ. تَعَالَوْا اسْتَكْشِفُوا مَسَارَ العَائِلَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَعِيشُوا تَجْرِبَةً لَنْ تُنْسَوهَا أَبَدًا، تَجْرِبَةً تَلَامِسُ الْقَلْبَ وَتُثْرِي الرُّوحَ، تَجْرِبَةً تَجْمَعُ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالتَّأَمُّلِ، بَيْنَ الِاكْتِشَافِ وَالْمَعْرِفَةِ.
فِي كُلِّ خَطْوَةٍ عَلَى هَذَا الْمَسَارِ، سَتَجِدُونَ جُزْءًا مِنْ قِصَّةِ مِصْرَ، قِصَّةِ الإِنْسَانِيَّةِ الَّتِي تَتَجَدَّدُ مَعَ كُلِّ شُرُوقٍ وَغُرُوبٍ. فَمِصْرُ لَيْسَتْ مَجَرَّدَ وَجْهَةٍ سِيَاحِيَّةٍ، بَلْ هِيَ رَحْلَةٌ فِي أَعْمَاقِ التَّارِيخِ وَالرُّوحِ.
من مصر أدعوا العالم لزيارة هذه الرحلة، هي ليْسَتْ مَجَرَّدَ دَعْوَةٍ لِزِيَارَةِ مَكَانٍ، بَلْ هِيَ دَعْوَةٌ لِتَجْرِبَةِ حَيَاةٍ، تَجْرِبَةٍ تَعِيشُونَهَا مَعَ كُلِّ نَسْمَةِ هَوَاءٍ وَمَعَ كُلِّ حَبَّةِ رَمْلٍ، تَجْرِبَةٍ تَحْكِي عَنْ مِصْرَ، عَنِ الإِنْسَانِيَّةِ، عَنِ السَّلَامِ.
فَلْتَكُنْ رَحْلَتُكُمْ إِلَى مِصْرَ بِدَايَةً لِفَصْلٍ جَدِيدٍ فِي حَيَاتِكُمْ، فَصْلٍ يُكْتَبُ بِأَحْرُفٍ مِنْ نُورٍ وَيُرْوَى بِأَلْحَانٍ مِنْ أَمَلٍ. تَعَالَوْا وَاكْتَشِفُوا مِصْرَ، اكْتَشِفُوا مَسَارَ العَائِلَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَاكْتَشِفُوا جُزْءًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ قَدْ لَا تَعْرِفُونَهُ.
أَخِيرًا طُوبَاكِي يَا مِصْرُ يَا مِنْ شَققَّتِي قَلْبُكَ اَلْوَثَنِيُّ، وَفِي دَاخِلِكَ خَبَّأَتْ اَلْمَسِيحَ. نَزَلَ عِنْدَكَ لِيُصْعِدكَ عِنْدهُ (اَلْقِدِّيسْ يُوحَنَّا سَابَا).
مَجِيءُ اَلسَّيِّدِ اَلْمَسِيحِ وَالْعَائِلَةِ اَلْمُقَدَّسَةِ بِرُفْقَتِهِ إِلَى بِلَادِنَا كَانَ بِشَارَةَ خَلَاصِ لَنَا إِذْ لَمْ تَنْقَضْ 60 عَامًا إِلَّا وَقَدْ تَمَّتْ كِرَازَةَ بِلَادَنَا عَلَى يَدِ اَلْقِدِّيسِ اَلْعَظِيمِ مَارْ مُرْقُسْ اَلرَّسُولْ اَلْإِنْجِيلِيِّ فَأَسَّسَ اَلْكَنِيسَةَ اَلْقِبْطِيَّةَ اَلَّتِي مَا زَالَتْ مَنَارًا عَالِيًا يَسْتَضِيءُ بِنُورِهَا اَلْعَالَمِ بِأَجْمَعِهِ.
حقاً مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ.
كُلُّ عَامِ وَمِصْرَ بِخَيْرٍ وَسَلَامٍ وَأَمَانٍ.

………………………………………………………………

كانب المقال: كَاهِنِ كَنِيسَةٍ مَارْجِرْجِسْ اَلْمَطَرِيَّةَ اَلْقَاهِرَةِ

اقرأ ايضا للكاتب:

  القس بولا فؤاد رياض يكتب: شم النسيم أقدم الأعياد فى التاريخ

زر الذهاب إلى الأعلى