طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين 29
مجزرة رهيبة وحمم النيران على أكبر المخيمات الفلسطينية وهو مخيم النصيرات قام بها الجيش الإسرائيلى للتغطية على عملية إطلاق سراح أربعة من الأسرى في عملية استخباراتية عسكرية بالغة التعقيد شاركت فيها كل أسلحة الجيش والشرطة والموساد بالإشتراك مع الوحدة الأمريكية الاستخباراتية الأمريكية المتقدمة الموجودة في غزة مع توارد بعض الأنباء غير المؤكدة بمشاركة المارينز الأمريكي فى العملية.
وبدأت العملية بقصف رهيب بحرا وبرا وجوا على مخيم النصيرات للفت الأنظار عن عملية نوعية استخدمت شاحنة مساعدات وسيارة مدنية للتمويه على انطلاق وحدات من الشرطة الإسرائيلية شاركت فيها وحدات كوماندوز اليمام وقوات النخبة بجهاز الأمن الداخلى الشاباك ووحدات الكوماندوز بالجيش الإسرائيلى ووحدة خاصة أمريكية متخصصة في إطلاق سراح الرهائن، وذلك بعد تزويد الولايات المتحدة الامريكية لإسرائيل بمعلومات بالغة الدقة عن طريق الأقمار الاصطناعية والاتصالات كشفت عن وجود أربعة رهائن فى عمارة سكنية بمخيم النصيرات وبعد عدة ساعات من الاشتباكات الضارية مع المقاومة الفلسطينية تمكن جيش الدفاع الإسرائيلي من إطلاق سراح أربعة رهائن وكاد الأمر كل ينقلب إلى كابوس بعد تعطل السيارة التى كانت تقل ثلاثة من الرهائن الأربعة وإطلاق المقاومين الفلسطينيين النار عليها، وكذلك استهداف صاروخ للمروحية الإسرائيلية التى وصلت لنقل الرهائن ولكن كثافة نيران الجيش الإسرائيلى وعمليات التغطية حالت دون وقوع هذه الكارثة.
وبرز سؤال غاية في الأهمية وهو لماذا لم يطلق المقاومون النار على الأسرى وقتلهم بعد التأكد من إمكانية إطلاق سراحهم ؟ وهو سؤال تبرز الإجابة عليه مدى إنسانية المقاومين والذين لايوجد فى قاموسهم قتل الأسرى العزل حتى بعد التأكد من إمكانية إطلاق سراحهم، وهو أمر لاعلاقة مطلقا لجيش الدفاع الإسرائيلي به.
العملية يجب أن نضعها في إطارها الصحيح فهى ليست النصر العسكرى المطلق الذى تحدث عنه نتنياهو ولا هو إطلاق سراح جميع الرهائن ولا قضاء على حماس.
هى مجرد عملية نوعية أسفرت عن انتصار تكتيكى بعد ثمانية أشهر من الفشل المتواصل في إطلاق سراح الرهائن، وهى عملية نتج عنها وقوع مجزرة سقط فيها أكثر من 150شهيد و400جريح.
وقد أعلنت المقاومة الفلسطينية على لسان احد المسؤلين أن ذلك لايعتبر نصر بل فشل ذريع استمر لمدة ثمانية أشهر، وفى النهاية وبعد العملية يتبقى 120 أسير لدى الفصائل الفلسطينية.
أما نتنياهو فقد أجاد استثمار العملية واختيار التوقيت الأمثل لها، فرغم أن التخطيط لهذه العملية بدأ منذ شهرين وقرار التصديق عليها تم أول أمس الخميس، إلا أن نتنياهو أصر على تنفيذ العملية اليوم السبت وهو اليوم المخصص لتظاهرات أهالى الأسرى.
والعملية بدأت بالاستخبارات المشتركة البريطانية والأمريكية والإسرائيلية والتى تتمثل في بصمة الصوت لأحد الرهائن والتى تتابعها بدقة الطائرات البريطانية والأمريكية المعاونة لإسرائيل والتى تنفذ طلعات منتظمة في قطاع غزة بالتزامن مع نشاط وحدات المستعربين التى تندس وسط الفلسطينيين في مختلف المخيمات.
واطل ابوعبيدة الناطق العسكرى لحركة حماس ليؤكد أن هذه العملية وإن كانت قد أطلقت سراح أربعة رهائن فقد قتلت مجموعة من الأسرى وهى كلمات أفسدت البهجة والمبالغة الإسرائيلية فى الفرحة.
وأكد ابو عبيدة أن هذه العملية الإسرائيلية ستؤثر بشكل كبير على باقى الأسرى من حيث ظروف تعاطيهم للغذاء والدواء وتوفير الأمن لهم، وخاصة أن العملية تمت في عمارة سكنية وليس فى انفاق، حيث يتم احتجاز العدد الأكبر من الرهائن.
وأن العملية أتت متأخرة ثمانية أشهر كاملة وأنها دليل على الفشل الذريع وليس النصر المطلق.
العملية أثبتت مشاركة الولايات المتحدة الامريكية وبريطانية الكاملة في الحرب الإسرائيلية على غزة وأن الولايات المتحدة تدير الحرب على غزة.
وكشفت اكسيوس بوضوح عن مشاركة وحدة إطلاق سراح الرهائن مع إسرائيل في عملية إطلاق الرهائن، وهو أول اعتراف صريح بالدور الأمريكى فى حرب غزة.
اتوقع استمرار العمليات العسكرية وتصعيد الفصائل الفلسطينية لعملياتها مع تراجع شديد في مسار المفاوضات.
كما اتوقع ردا سريعا وكبيرا للفصائل الفلسطينية على هذه العملية، الأمر المثير للدهشة أن عائلات الأسرى سواء الأربعة الذين تم إطلاق سراحهم أو باقى الرهائن فقد أكدوا أن الطريق الوحيد هو صفقة تبادل الأسرى وليس ضغط عسكرى يروج له نتنياهو ويحاول استثمار النصر التكتيكى لعملية اليوم لفرض هذا الأسلوب في إطلاق سراح باقى الرهائن.
على جبهة الشمال واصل حزب الله تصعيده المتواصل عن طريق المسيرات الانقضاضية ورشقات صواريخ الكاتيوشا في الجولان وكفر شوبا وزرعيت ومزارع شبعا.
ومن جهتها أبدت وسائل الإعلام الإسرائيلية مخاوفها العميقة من فتح جبهة الشمال لأن، ذلك سيمنح حزب الله فرصة للوصول بصواريخه إلى كل مكان بإسرائيل وأن حيفا وعكا وتل أبيب ستصبح مثل كريات شمونة من حيث حجم الدمار وإمكانية نسف حزب الله لحقول الغاز الإسرائيلية وأن سلاح الجو الإسرائيلي لن يعمل باريحية؛ بسبب منظومات الصواريخ التى امدت إيران بها حزب الله.
المقاومة الإسلامية في العراق أيضا استهدفت بالمسيرات والصواريخ ميناء حيفا.
الحرب لازالت طويلة في رأيى ومن المبكر جدا توقع أن تضع أوزارها قريبا.