محمد قدرى حلاوة يكتب: “فضل”

استيقظ من نومه مفزوعا على صوت دقات المنبه العتيق.. كان صوت هاتفه المحمول بموسيقاه الناعمة لا يكفي لإيقاظه.. يحتاج إلى ” مقرعة” توقظه دوما وتظل تلح عليه حتى يستفيق من أحلامه المحلقة ليواجه واقعه وروتينه اليومي.. كان ” فضل” موظفا صغيرا في الحي بأحد المناطق الراقية.. يقطن في منزل قديم متهالك في ” باب الشعرية”..تعرض المنزل لأضرار جسيمة في زلزال عام ١٩٩٢..سقط حينها لوحا زجاجيا مهشما على جانب وجهه ترك أثرا لجرح غائر مازال يخفيه حتى اليوم بترك لحيته تنمو وتتكثف حوله..حدثه أحد الأصدقاء بأنه يمكن مداراتها بعملية تجميل بسيطة.. ولكن أني له بثمنها.. كلما تفقد جرحه شعر برعب تلك اللحظات وتذكر أصدقاء طفولة قضوا تحت أنقاض بناية مجاورة..لم يذكرهم أحد ولم يهرع إليهم مثلما تقاطروا فزعين إلى عمارة ” مصر الجديدة”.. منسيين في الحياة والممات.. رغم أن والده الراحل قد ساهم مع بعض الجيران في ترميم المنزل.. إلا أن الجيران قد هجروه بعد حين لخطورته وسوء حالته..وصار يسكن في البناية الصغيرة وحده رافضا كل محاولات صاحب البيت لإخلائه..

نهض من فراشه وأشعل الموقد لإعداد كوبا من الشاي الثقيل.. وأخذ يغسل وجهه وهو ينظر في شقفة مرآة صدئة وأخذ يلتف بعنقه محاولا تبين ملامحه وسط بقعها الداكنة .. الصنبور اللعين يتقاطر الماء من حوله مثل “نافورة” الميدان وهو يكبتها بيده.. بدأ الشعر الأبيض يغزو ملامحه.. لم يتمكن من الزواج بعد.. لم يجد من ترضى بسكني هذا البيت الضيق القديم المتهالك..لا يملك من حطام الدنيا شيئا سوي ” كشك” صغير تمكن والده من الحصول عليه بعد بلوغه سن المعاش.. وتركه ” فضل” لأحد الجيران ليديره ورغم أنه كان يعلم أنه لصا لا ضمير له.. إلا أنه لم يكن متفرغا أو يملك جهدا ليباشره.. فأكتفي بالجنيهات القليلة التي يأتيه بها.. فهي تساعده على الأقل في مواجهة متطلبات الحياة وإقتناء الكتب القديمة رفيقة وحدته وصحبته الوحيدة.. كف عن المحاولة والبحث عن عروس بعد أن ذاق مرارة الحلم وقرب الوصول ليكتشف أن الطريق قد كان بعيدا وأنه كان يطارد السراب.. الوالدة رحلت سريعا من حزنها على الأب… وأخيه الوحيد هاجر إلى أوروبا وإنقطعت أخباره.. إرتدي ملابسه على عجل ووقف في الشرفة المتداعية بحذر.. وهو يتناول كوب الشاي الساخن وينفث دخان سيجارته ويلوح بين الفينة والأخرى للمارين رادا تحية الصباح..

جلس يلمع حذاءه وقد ثبت نظره على التلفاز يتابع حديث أحد المتحذلقين وهو يتحدث عن أهمية أن يعتمد الشباب على نفسه وأن يتبنوا أفكارا غير تقليدية ويبادروا بالإجتهاد سعيا للنجاح.. إبتسم إبتسامة ساخرة وهو ينظر لهذا السبعيني بشعر رأسه وشاربه شديدي السواد يتحديان الزمن .إنهم يريدون سرقة مستقبله أيضا كما سلبوا ماضيه . أما آن لهذا الجيل أن يصمت بعد؟.. كان إشتراكيا زمان الإشتراكية.. وإنفتاحيا حين إنفتاح .. ومؤيدا للخصخصة في زمانها.. ثائرا زمن الثورة.. داعما للإستقرار وقت ذيوع دعواه.. يبدو عليه سمات النعمة بملابسه الفاخرة وساعة يده الذهبية وإنتفاج أوداجه وسمنته الملحوظة.. بدا أنه يقطف ثمار كفاحه المشبوه الذي يطالب به الشباب الآن.. أنصرف في طريقه إلى عمله بعد أن أغلق الباب بالمفتاح.. هل وراء هذا الباب ما يستحق جهد لص أحمق لنواله؟.. تسائل بداخله وهو يضحك.. نزل درجات الدرج المنكسرة بحرص.. وقد شعر بقرصة الجوع تنهش أمعائه..

(٢)

وقف أمام عربة الفول بعد أن حيا البائع وتناولا بعض النكات البذيئة وأخذ يلتهم طبقه المعتاد من ” الفول بالزيت الحار” على وجهه بيضة ” مسلوقة” مقطعة قطعا صغيرة وقد علت من فمه أصوات ” خرفشات” بصلة خضراء يلوكها بيده الأخرى.. وبينما يرتشف مياه “، السلطة” الحارقة.. لاحظ جمعا من القطط يلتف حوله وينظر إليه في ضراعة.. ماذا تريد هذه القطط البلهاء؟.. هل يأكلون الفول مثلنا؟.. الفول لا عظام له تلقى.. يبحثون عن أمل واهم في غير محله وأوانه.. هم مثله تماما أسري أحلام لا يستطيعون تحقيقها وغربة قاتلة في الزمان والمكان.. إبتسم إبتسامة شيطانية وألقى إليهم بقطعة من ” المخلل”.. إقتربت القطط تتحسسها بأنفها ثم تركتها زاهدة ومضت منصرفة في خطوات وئيدة كسيفة…إتسعت إبتسامته شاعرا بالنصر.. ليس هو المهزوم الوحيد الآن..يمكنه أيضا أن يحقق بعض الإنتصارات..

وقف في ” الطابور” ليستقل ” الميكروباص”.. مكتوبا عليه ” سعة ١٤ راكب”.. تماما مثلما يكتب على الزجاجة مثلا سعة ١ لتر.. البشر المكدسين داخل العربة وحدة قياس وتعبئة لا آدمية فيها.. بعد عناء مطبات الطريق وحركات القائد الأفعوانية.. وصل أخيرا إلى مبنى الحي.. مضى بين مجموعات البشر المتلاطمة التي أتت لقضاء المصالح وبعضا من أفراد الأمن ينظمون الدخول وقد علت الأصوات والمشاحنات.. مضى إلى مكتبه المتواضع وألقى تحية الصباح على الزملاء.. وتهيأ لتنظيم الملفات في الأرشيف..
كان عمله بسيط.. موظف أرشيف يرتب الملفات ويسلم تلك المطلوبة لإنجاز الأعمال ليستردها مرة أخرى معيدا إياها لموضعها… لم يكن عمله يتيح له العمل مع الجمهور.. كان جميع العاملين يعلمون تماما أن هناك فئة من الزملاء والمهندسين يمارسون أعمالهم بطريقة ووسائل ليست فوق مستوى الشبهات.. علامات ودلائل الثراء التي ظهرت عليهم تشير إلى ذلك وتفضحه.. كان الزملاء يتبادلون الحديث سرا فيما بينهم ولا أحد يجرؤ على الحديث علنا فضلا عن المكاشفة والمواجهة.. هناك أسرارا معروفة وتلوكها الألسن ولكنها بأحكام العرف والخوف وإيثار السلامة تبقى سرا.. ويصير المشي ” جنب الحيط” هي الوسيلة الأكثر أمانا وسلامة..

كان وبعضا من زملاءه يستنكرون هذا السلوك ويلعنونه هو وفاعليه.. لم يتعرض أحدا منهم لهذا الإغراء وتلك الغواية من قبل.. يسهل أحيانا على المرء وصف أعماق المحيط وهو يقف هناك على الشاطئ.. لا ينكر أنه قد فكر كثيرا في ” خبطة ” واحدة تنقله من حياته البائسة إلى حياة الراحة والنعيم.. بل وأخذ يخطط شاردا سارحا ماذا يفعل بالمال الهابط عليه من السماء؟.. عملية التجميل تأتي أولا.. منزل جديد و” عروسة” وسيارة ولا بأس من ” شاليه” صغير على البحر في إحدى تلك القرى السياحية التي تتكرر إعلاناتها الملحة.. يظل في أحلام اليقظة هذه إلى أن يداعبه النوم.. ليستيقظ بعدها على واقعه المرير..

(٣)

ناداه رئيسه في العمل وطلب منه ملف إحدى البنايات الشاهقة.. كانت تلك مقدمة يعلمها جيدا لإدخال المرافق للبنايات المخالفة أو لتعلية بعض الأدوار..حدث نفسه قائلا ” يا لا هؤلاء اللصوص”..

أحصي الأوراق وسلمها إلى المكتب الهندسي وقفل عائدا..
إنتهى اليوم المكرور كحبات عقد متتابعة متشابهة لا فرادة فيها.. جلس على ” القهوة” يلتهم ” ساندوتشات الفلافل” وقد ذهب تفكيره بعيدا.. لقد بلغ الخامسة والثلاثين من العمر ولم يحقق شيئا بعد.. حتى تلك الوظيفة التافهة لم يحصل عليها سوي بعد وساطة والده الذي كان يعمل بالحي لدي أحد الكبراء الذي عينه مراعاة لصداقة قديمة تجمعهما وسيرة والده الحسنة… كان هذا الرجل الكبير فاسدا عظيما يعلم الكل فساده ولكنه يتمتع بشبكة من العلاقات العنكبوتية مع من هم أكثر كبرا منه منعته من السقوط وحمته من المسائلة.. تسائل في نفسه كثيرا لماذا يحرص الفاسدون دائما على توطيدعلاقتهم مع ذوي السيرة الحسنة؟.. هل هي محاولة لغسل السمعة؟.. أم محاولة تعويض نقصا فيهم وحلم طهارة تلوثت؟..وربما تكون مدعاة لتفاخرهم ومباهتهم بالنعماء وبالرفاه أمام تواضع معيشة حسنوا السيرة؟.. لم يستطع الإجابة أبدا.. لاحظ أن القطط قد إلتفت حوله من جديد.. ألم ييأسوا بعد؟.. كان أكثر رهافة وحسا هذه المرة وألقى إليهم ببعض قطع الخبز الباقية فأخذوا يلوكونها في نهم وهم يتصارعون ويصدر منهم مواء متوعد..

أخذ نفسا عميقا من حجر ” الشيشة” وسرحت أفكاره تموج مع الدخان المتصاعد..زميله ” حمدي” من نفس دفعته ولا يتميز عنه كثيرا في شئ.. لكنه يسكن الآن في “شقة” فاخرة في أحد الأحياء الجديدة ويأتي في سيارة حديثة متأففا دوما من جو المكتب الحار.. تزوج وأنجب وألحق أبناؤه بإحدى مدارس اللغات…لم تنطلي على أحد حكاية الميراث الذي هبط عليه من السماء.. الجميع يعلم من أين أتى بثروته ويتندرون منه في أحاديثهم الخافتة…دعاه ” حمدي” يوما لتناول الغذاء عنده… تناول غذاء فاخرا يومها ( والغريب أنه أصيب حينها بتقلصات شديدةفي أمعائه وحالة إسهال حاد ظل يعاني منه ثلاثة أيام).. دخن علبة كاملة من “المارلبورو” وتبادل الحديث مع زوجته الحسناء.. أستأذنه “حمدي” ليصلي ” المغرب” وجلس ” فضل” وحيدا للحظات يتأمل الثريات والتحف الفاخرة وآيات ” القرآن” المعلقة في كل الأركان داخل الإطارات المذهبة.. كيف يأتي هؤلاء القوم بكل هذا التناقض؟.. إنصرف ” فضل” يومها وبحث في جيوبه عن علبة السجائر ” الكليوباتزا” ووجد سيجارة واحدة منثنية باقية.. عدل قوامها ثم فركها بيده للتخلص من التبغ الزائد وأشعلها ساحبا نفسا ثقيلا عميقا وشعر بالراحة والإشباع.. ألحت على ذهنه صورة والده الراحل..لقد زرع فيه ذلك المعنى المؤرق المنازع لرغبات النفس ” الضمير”.. تذكر العبارة التي تقول” كم تصبح الحياة سهلة لولا هذا الإختراع اللعين المسمى بالضمير”.. نسي قائلها وبينما يعتصر ذهنه ليتذكره علا صوت ” صبي” القهوة مخاطبا إياه ” الشاي برد يا أستاذ فضل”.. عاد إلى منزله والأفكار تتصارع في ذهنه… تناول كتابا ليصرف أفكاره ويريح ذهنه المتعب.. لم يستطع القراءة.. وعادت التساؤلات تلح في ذهنه من جديد… أراد أن يمزق كتبه تلك التي شرعت له عالما من الفضيلة والأوهام والأحلام والإنتصارات المزعومة.. فليفتح التلفاز إذا.. يالا البؤس المقيم تلك إعادة لحديث متحذلق الصباح يرغي ويزبد ويتخرص ويتماهي..

(٤)

عندما أسترد الملف في اليوم التالي وجد ورقة ناقصة.. ماذا يفعل الآن؟.. أشتعل رأسه غضبا وتوجه مندفعا مكتب المهندس ليسأله في حدة عن الورقة الناقصة.. واجهه المهندس بلغة أكثر حدة وبرود ساخر ” ورقة إيه يا أستاذ اللي أنت بتسأل عنها.. الملف ده عهدتك.. ولو حاجة ضاعت منه تبقى أنت المسئول”.. وهنا لوح ” فضل” بأنه لن يصمت وسيهدم المعبد على رؤوس الجميع.. تغيرت لهجة المهندس حينها وقال له بلهجة تجمع بين الترغيب والوعيد ” معبد مين يا شاطر اللي تهده.. أنت عارف أنت بتقول إيه وبتكلم مين.. أنا ممكن أحولك للتحقيق دلوقنَتي.. أعقل كده يا بني وأهدي وشوف مصلحتك.. أنت لسه صغير وأكيد نفسك في حاجات كتير.. معايا تكسب.. ومن غيري تخسر كل حاجة الورقة الضائعة هتيجي غيرها مكانها مكبر الموضوع ليه؟ “..

انصرف ” فضل” وهو في حالة مزيج من الغضب والخوف.. كان التلميح صريحا بأن ورقة الترخيص ستتغير هذا كل ما في الأمر حقيقة لن يستطيع الوقوف أمام هؤلاء القوم.. ورقة تغيرت لن يكتشف أمرها أحد وخصوصا أن الجميع متواطئ في الأمر.. هو الآن في لحظة إختبار.. أحلام يقظته في كفة.. وتلك المعاني الكبيرة التي لا تسد جوعا أو تحقق رغبة في كفة أخرى.. مستقبله كريشة في الهواء.. يمكنه الإمساك بها لو رضخ وقبل .. أو يعصف بها وبمستقبله الهواء لو رفض.. لم يستطع النوم يومها.. ولم يذهب للعمل في اليوم التالي ولبضعة أيام بعده.. شعر المهندس بالخطر فهؤلاء القوم أصحاب المبادئ الهادئين غير محترفي المكائد لا يمكن للمرء أن يتوقع ردود فعلهم العاصفة .. و الأخطر من ذلك الجلبة و”الشوشرة” التي قد تحدث وتفتح العيون الناعسة وترهف الأذان الصماء وهم في غنى عن كل ذلك..فليدفع ” فضل” الثمن والمغرم وحده إذا.. تم تحويل “فضل” للتحقيق.. هاتفه ” حمدي” محذرا.. ” سمعت إن فيه قرار بفصلك هيتمضي خلاص.. تعال بس وراضي الباشمهندس وأنا هأحل لك كل حاجة”.. يا ” فضل.. فضل.. إنت رحت فين”..

فصل” فضل ” لانقطاعه عن العمل وإتهامه بالإهمال الجسيم.. من الصعب أن تعيش مختلفا في مجتمع يحتقر الإختلاف.. من العسير أن تتمسك بمعاني بليت وحلت محلها معاني جديدة إلتهمتها وبلعتها.. الحقيقة؟.. من يملك الحق والحقيقة؟.. القوي فقط يفرضها.. زائفة.. شائهة.. منتحلة.. كاذبة… لا يهم المهم أنه يفرضها ويتوجها ملكة متسيدة بسطوة القوة وجبروتها وتسلطها وسلاحها الممضي..

لم يكن أمام ” فضل” سوي العودة “لكشك” والده بعد مشاحنات ومماحكات حدثت من جاره وأستطاع العقلاء من أهل الحي حلها وتصفية الأجواء والخلاف.. بعد حين وبينما كان ” فضل” يجلس مواصلا عمله الجديد.. فتح الجريدة وهو يناول أحد الزبائن علبة سجائر ووجد عنوانا عريضا عن سقوط إحدى البنايات الشاهقة في الحي الراقي.. وأن تحقيقات موسعة تجري في شبهات وملابسات وقائع فساد كبيرة إرتكبها موظفي الحي.. شعر ” فضل” أخيرا بالنصر… لقد كان على حق إذا.. أنتصرت المبادئ والضمير.. شعر بحنين جارف لوالده.. أراد أن يتجسد أمامه ليعانقه ويقبل يديه.. أخذ يتخيل ” حمدي” والباشمهندس في الأصفاد وببدلة السجن الزرقاء.. وزوجة ” حمدي” الجميلة تبكي.. لم يخلق مثلها للبكاء لكن للزمن أحكامه.. صار يتابع التحقيقات الصحفية عن الواقعة بشغف شديد لا يخلو من تشفي.. صدم ذات يوم بخبر منع النشر وسرية التحقيقات.. ماذا؟.. للصالح العام؟.. الصالح العام هو فضح هؤلاء الفسدة والمتآمرين على قوت البسطاء وأرواحهم.. عاودته الهواجس والشكوك.. ستبرأ ساحة الباشمهندس و” حمدي” إذا.. وسيذهب حمدي ” لشاليهه” مع أطفاله وزوجته الجميلة لينفض ذكرى تلك الأيام الصعبة( ذلك الشاليه الذي دعاه إليه كثيرا ليتفاخر عليه ورفض فضل تلبية الدعوة.. وظل يحلم بإمتلاك نظيره)..

بدأ يشعر باليأس وينتابه القنوط.. مرت شهور وهو لا يعلم شيئا عن سير مجري التحقيق.. وذات صباح قرأ خبرا صغيرا منزويا في صفحة الحوادث يتحدث عن حريق ضخم شب في مبنى الحي الراقي وإلتهم أدوارا كاملة منه..” وأشارت التحقيقات المبدئية أن الحريق ناتج عن ماس كهربائي.. هذا وتواصل النيابة التحقيق”.. إذا ضاع وطمس الدليل والقرينة .. وجد “فضل” نفسه يضحك بصوت مجلجل وهو يعتصر الجريدة بيده صائحا ” ياولاد الكلللللللللب”..

رن جرس الهاتف.. على الطرف الآخر “حمدي” يتحدث مبتهجا ” فضل.. كده ياراجل المدة دي كلها متسألش عليه.. واحشني كتير.. شوفت اللي حصل.. الحي ولع.. ربنا نجانا.. كنا كلنا هنموت.. ما تيجي النهاردة تتغدى معانا.. عاملين عزومة كده على الضيق.. فضل.. فضل.. إنت مبتردش ليه”.. كان ” فضل” يمسك بأمعائه وقد عاودته تلك التقلصات الرهيبة التي شعر بها حين تناول الطعام مع” حمدي ” لأول وآخر مرة..

زر الذهاب إلى الأعلى