طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين ؟

الجمود التام على جميع الجبهات هو شعار هذه المرحلة من حرب غزة، وهذا الجمود يضع نتنياهو فى ركن وظهره إلى الحائط من جميع الجهات وأول هذه الجهات هى غزة التى انطلق إليها منذ تسعة أشهر ببنك أهداف واضح لا لبس فيه ولم يحقق من هذا البنك هدف واحد.

ولطالما وضع عربة رفح أمام حصان إتفاقية وقف إطلاق النار وعرض مرارا وتكرارا هدنة مؤقتة يحصل خلالها على الرهائن الإسرائيليين ثم يعاود الانقضاض من جديد على غزة بهدف القضاء على حماس وباقى الفصائل الفلسطينية.
وهو ما أعلنت حماس بشكل قاطع وحاسم مؤخرا أنها لن تقبل إلا بوقف شامل لإطلاق النار والانسحاب الكامل من قطاع غزة  وتستند إلى إستمرار عمليات المقاومة بنفس قوة اليوم الأول من الحرب وهو ماينسف الهدف الأول لنتنياهو وهو القضاء على حماس.

إذن فهذا أول جوانب جمود نتنياهو الذى استنفذ ورقة التهديد باجتياح رفح ولم يحقق هدف واحد من هذا الاجتياح.

وتأتى الجبهة الشمالية في مقام ثانى جوانب جمود نتنياهو وحصاره داخل الركن فبعد تهديدات محمومة باجتياح جنوب لبنان جاءت رسالة الهدهد المسيرة التى طارت لمدة أربعة ساعات كاملة فوق حيفا وصورت كافة المواقع المدنية والعسكرية واللوجستية وخرجت من إسرائيل دوت أن يشعر بها أحد وهو انتهاك صارخ لمنظومة القبة الحديدية يضع حيفا بالكامل فى نطاق استهدافات صواريخ حزب الله وبالطبع فقد كانت رسالة قوية جدا موجهة أولا إلى الولايات المتحدة الأمريكية التى سارعت بالإعلان أنها لن تشارك بحرب اسرائيل مع حزب الله إذا بدأت اسرائيل بالحرب ولكنها ستنخرط تماما فى هذه الحرب إذا بدأها حزب الله.

وبعد أن كانت نبرة الحرب هى المرتفعة عادت اسرائيل ومعها حزب الله إلى التأكيد بعدم الرغبة في إشعال الحرب والإبقاء على قواعد الإشتباك كما هى منذ الثامن من أكتوبر.

والولايات المتحدة من جانبها أعلنت بوضوح أنها تسعى بكل قوتها إلى منع اندلاع الحرب على الجبهة اللبنانية منعا لنشوب حرب إقليمية.

وليس هذا هو التحدى الوحيد الذي يواجه الولايات المتحدة فهناك فى البحر الأحمر كابوس الحوثيين ونجاحهم في إستمرار منع السفن المتجهة إلى اسرائيل بالإضافة إلي السفن الأمريكية والبريطانية مما اضطر الولايات المتحدة إلى سحب حاملة الطائرات ايزينهاور درة تاج البحرية الأمريكية والتى أعلن الحوثيون استهدافها ثلاث مرات متتالية وأنهم لاحقوها في اقصى شمال البحر الأحمر قبل دخولها قناة السويس وأعلن ذلك بوضوح عبدالملك الحوثى في خطابه يوم الخميس ٢٧ يونيو ٢٠٢٤ كما أكد أن حاملة الطائرات البديلة التى ستحل محل ايزينهاور سيتم استهدافها اعتبارا من هذه اللحظة.

وتنتظر حاملة الطائرات ايزينهاور مهمة صعبة في شرق المتوسط قد تجعلها عرضة للاستهداف مرة أخرى إذا تورطت فى أى صراع محتمل بين اسرائيل وحزب الله.

الجديد هو إعلان عبدالملك الحوثى عن ثلاث عمليات مشتركة مع المقاومة العراقية فى استهداف ميناء حيفا وتوعد إسرائيل بالمزيد من هذه العمليات وأكد الحوثى على تمام الاستعدادات لدى حزب الله لخوض أى حرب محتملة مع إسرائيل.
الركن الأخير الذى جمد موقف نتنياهو هو دخول الضفة الغربية على خط العمليات المركبة التى تماثل عمليات غزة والتى أسفرت عن مقتل ضابط إسرائيلى واصابة ١٦ جندى فى عملية مركبة بالعبوات الناسفة نفذتها كتيبة حماس في مخيم جنين بالإشتراك مع الجهاد الإسلامي.

وتلقى كل هذه التطورات بالجمود أيضا على مواقف جميع الأطراف وعلى رأسها إيران التى دخلت الصمت الإنتخابي قبل إنطلاق سباق الرئاسة الإيرانية وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية التى شهدت أولى مناظرات ترامب وبايدن اللذان تسابقا في دعم وتأييد إسرائيل.

وفى محاولةيائسة من نتنياهو للخروج من مصيدة الجمود قام بقصف الشجاعية والتفاح بدعوى القضاء على محاولة حماس والجهاد للعودة مرة أخرى إلى هناك وهو مانفته بشدة كافة الفصائل الفلسطينية.

وخارج هذا الصندوق جاءت تصريحات خالد مشعل القيادى بحركة حماس تحمل الدعوة لوحدة الصف الفلسطيني دون إنتظار لانتهاء الحرب على غزة مع إقراره بالدمار الكامل لقطاع غزة وهو مايتوجب معه تعاون الكل ونبذ جميع الخلافات والتأكيد على دعوة جميع الفصائل الفلسطينية إلى الانخراط في حرب غزة لمساندة المقاتلين في الميدان.

ترى هل يستمر هذا الجمود طويلا؟ أم تنكسر كل القواعد باندلاع المواجهة بين اسرائيل وحزب الله؟

لازلت أرى أن شبح الحرب على الجبهة اللبنانية لايزال بعيدا في إنتظار ماتسفر عنه أحداث الأيام القادمة كما أرى أن الخناق يشتد على نتنياهو فهل يهرب إلى الأمام بمغامرة في الشمال أم يعيد البحث فى غزة عن مخرج من فشل عملية رفح؟
هذا ما ستكشفه التطورات المتلاحقة على جميع الجبهات.

زر الذهاب إلى الأعلى