الأسباب التاريخية الكاملة لفشل الغزو الألمانى للاتحاد السوفيتى فى الحرب العالمية الثانية

أحمد أبو بيبرس

سردية يكتبها: أحمد أبوبيبرس

مقدمة

اشتعلت نيران الحرب العالمية الثانية عام 1939 عقب اجتياح ألمانيا لبولندا وأغلب دول أوربا، مدمرة فى طريقها جيوش الحلفاء فى فرنسا.

ووصلت الجيوش الألمانية حتى حدود الاتحاد السوفيتى الذى كان تحت حكم الزعيم السوفيتى جوزيف ستالين.

وقبل الشروع فى الغزو قرر هتلر خرق توقيع ميثاق ريبنتروب – مولوتوف، وذلك فى شهر أغسطس 1939 الموقع بين ألمانيا والاتحاد السوفيتى.

الموضوع

ومن أسباب الغزو الألمانى للاتحاد السوفيتى، من وجهة النظر الألمانية الآتى:
1 ـ بهزيمة الاتحاد السوفيتي فأن مشكلة قلة الأيدي العاملة في المصانع الألمانية ستنتهي بتسريح عدد من الجنود.
2 ـ أوكرانيا ستكون مصدر للزراعة.
3 ـ جعل الاتحاد السوفيتي مصدر لاستعباد الأيدي العاملة.
4 ـ هزيمة الاتحاد السوفيتي سوف تساهم في عزل الحلفاء وخصوصا بريطانيا.
5 ـ اقتصاد ألمانيا بحاجة للنفط الذي سيتم الحصول عليه عبر آبار النفط في الأراضي السوفيتية.

بداية الهجوم

وكما هو معروف تاريخياً بدأ الهجوم في 22 يونيو 1941 بمشاركة 3.7 مليون جندي من قوات ألمانيا والمحور تدعمهم حوالى 3.350 دبابة على جبهة عريضة جدا بطول 2,900 كم، فى أكبر وأضخم غزو عسكرى عرفه التاريخ الإنسانى حتى تلك اللحظة.
سميت العملية باسم بارباروسا نسبة إلى الإمبراطور فريدريك الأول بربروسا حيث تقول الأسطورة أن بربروسا سيستيقظ من سباته وينقذ ألمانيا حينما تحتاجه.

شكلت عملية بارباروسا الجزء الأكبر من معارك الجبهة الشرقية خلال الحرب العالمية الثانية.

أسباب الفشل

تكلموا كثيرا عن أسباب الفشل الألمانى على الجبهة الشرقية على مدار التسعة والسبعين عاما الماضية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وألفوا الكتب والمجلدات الكبيرة، وعقدوا الندوات والمحاضرات وصوروا البرامج والأفلام الوثائقية والتاريخية وتم شرح وتقديم كافة تفاصيل أكبر معارك التاريخ العسكرى على الجبهة الشرقية ( عام 1941 / 1945) إلا أننى سوف أقوم بإعادة ذكرها وشرحها باستفاضة وبسهولة ويسر فى نفس الوقت.

1 ـ كان من الخطأ الأول الكبير الفادح الذى وقعت فيه القيادة العسكرية الألمانية (الفيرماخت) هو التفكير فى غزو بلد مثل الاتحاد السوفيتى بقوته واتساعه وضخامة موارده قبل حسم المعركة مع بريطانيا أساسا لأن الجزر البريطانية ظلت بعيدة فى البحر بأسطولها البحرى العظيم عن متناول القوات الألمانية .. وبريطانيا من موقعها البحرى تستطيع تنظيم الدفاع وقيادة العمليات الحربية الاستراتيجية الكبرى ضد ألمانيا والتنسيق مع الحلفاء الكبار مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى كما حدث بالفعل.

لذلك كان يجب منذ البداية تحييد بريطانيا بأى شكل أو غزوها أولا قبل بدء العمليات الحربية ضد روسيا وخصوصا أن بريطانيا العظمى قدمت معلومات عسكرية قيمة فيما بعد للسوفيت نتيحة التجسس على الشفرات العسكرية السرية الألمانية اضرت كثيرا بعمليات الجيش النازى على الجبهة السوفيتية الشرقية

2 ــ فشل المخابرات الألمانية ( الجستابو) فى تقدير القوة الحقيقة للجيش الأحمر السوفيتى نظرا لقيام ستالين بعملية تطهير كبيرة فى صفوف الجيش الأحمر شملت إعدام وسجن من 30 إلى 40 ألف ضابط قبل الغزو الألمانى مباشرة شكلت أبرز قوات النخبة السوفيتية بما أوهم الألمان أن الجيش السوفيتى يعانى من حالة مزرية فى نقص الكوادر البشرية المدربة على القتال وليس فى حالة اتزان عسكرى وسيلزم وقت طويل قبل تعويض ذلك العدد الكبير من ضباطه لكن هذا ليس كافيا لبناء حكم عام مسبق بالفشل الكامل للجيش الأحمر السوفيتى.

3 ـ فشل أخر للمخابرات الألمانية فى تقدير القوة العددية المخيفة للجيش السوفيتى فان الاتحاد السوفيتي لم يكن بأي حال من الأحوال بلداً ضعيفاً، ففي عام 1941 كانت القوات المسلحة السوفيتة تتألف 5.774 مليون جندي يعنى أكبر من القوات الألمانية المخصصة بأكملها لغزو الإتحاد السوفيتى غزواً شاملاً ! وأكبر من حجم أى جيش أخر واجهته العسكرية الألمانية منذ إشعالها نار الحرب العالمية الثانية.
كان الجيش السوفييتي يتألف من 303 فرقة عسكرية منها 61 فرقة مدرعة و 31 فرقة آلية، 70% من الفرق السوفيتية كانت في الجبهات الغربية أي 240 فرقة سوفيتية.

كان للسوفيت التفوق العددي في الدبابات حيت امتلك الجيش الأحمر 23,106 دبابة منها ما يتفوق على دبابات البانزر الألمانية مثل الدبابة السوفيتية الشهيرة تى / 34.

ومن ضمن العدد الكلى للدبابات الروسية 12,782 دبابة متواجدة في المقاطعات العسكرية الغربية الخمسة (ثلاثة منها واجهت غزو الالمان بصورة مباشرة) بالإضافة إلى آلاف الطائرات الحربية السوفيتية المقاتلة ونظرة واحدة على هذه الأرقام كفيلة بإلغاء فكرة الغزو من أساسها لأن مجمل الخسائر الألمانية فى الحرب بلغت 80 % على الجبهة السوفيتية وحدها إلا أن الجيش الأحمر كان يفتقر للصيانة والإمدادات وأجهزة اللاسلكي كما أن بعض الوحدات افتقرت إلى عربات النقل التي تؤمن الإمداد والذخيرة والوقود للوحدات القتالية.

مقابل ذللك تفوق الجيش الألمانى الغازى فى التنظيم والتسليح والانضباط التام بين أفراده وحسن التدريب الممتاز والسمعة العسكرية اللامعة البراقة التى إكتسبها طوال أكثر من سنة ونصف كاملة من الحروب المتصلة والتى نجح فيها فى إخضاع أوروبا لحكم الرايخ الألمانى ـ عدا بريطانيا

4 ـ التوقيت .. كان من المقرر بدء غزو أراضى الإتحاد السوفيتى خلال شهر مايو عام 1941 قبل حلول الشتاء على ان يكون شهر سبتمبر حل من نفس العام وقد تم إخضاع الإتحاد السوفيتى كله والسيطرة علي أراضيه لكن إنشغال الجيش الألمانى بمعارك غزو اليونان نيابة عن الجيش الإيطالى الذى فشل فى ذلك زاد من تأخر الغزو إلى نهاية شهر يونيو بما أضاع وقت ثمينا لحسم المعركة مبكراً

5 ــ ضخامة مساحة الاتحاد السوفيتى واتساعها الهائل (22 مليون كم مربع) جعل القوات الألمانية المخصصة لغزو روسيا (3.7 مليون جندى) عبر 3 محاور لا تتناسب مع مساحة وحجم الاتحاد السوفيتى فبدت مهلهلة للغاية لدرجة انه بعد هزيمة الجيوش السوفيتية الكبيرة خلال معارك شهرى يونيو ويوليو 1941 إحتجزت مابين محاور التقدم الألمانى فلول قوات سوفيتية هاربة كبيرة العدد قدرت بعشرات الألوف من الجنود دون ان توجد قوات ألمانية كافية مخصصة لسحقها .

6 ــ بسبب التخلف النسبى للاتحاد السوفيتى عموما عن دول أوروبا التىاحتلها هتلر فلم يكن يتمتع الاتحاد السوفيتى بشبكة الطرق الممهدة الممتازة التى سارت عليها مدرعات وناقلات القوات الألمانية بسهولة ويسر فى دول بلجيكا والدنمارك وفرنسا بعكس الطرق الترابية والطينية الطويلة غير الممهدة وكثرة الأنهار والبرك والمستنقعات فى روسيا.

كل ذلك شكل إعاقة كبيرة وحد من سرعة تقدم الدبابات الألمانية على محاور التقدم السوفيتية وتعطلها فى احيان كثيرة على الجسور والطرقات وزاد فى إستهلاك كميات الوقود المخصصة وخلق مصاعب لوجيستية هائلة فضلا عن المقاومة السوفيتية الضارية التى تكفلت بتعقيد التقدم الألمانى أكثر وأكثر

7 ــ كان أغلب الجيش الألمانى غير ُمميكن بالكامل (حقيقة يجهلها الكثيرون) إذ حشد الألمان فى حملة غزو روسيا حوالى 600 ألف حصان للمساعدة فى نقل الجنود وجر المدافع والمعدات الثقيلة خلافاً للدعاية الألمانية التى لا تشير إلى ذلك لخدمة البروباجندا الإعلامية الألمانية، لم تكن القوات الألمانية المخصصة لغزو الإتحاد السوفيتى ُمميكنة إلا بنسبة 25 % منها فقط، ويضاف ذلك للعامل الذى سبقه بتخلف الطرقات السوفيتية بينما ولو كانت قوات الحملة الألمانية مُميكنة بالكامل لتقدمت داخل السهوب الروسية متغلبة على سوء الطرق الروسية، وبسرعات أكبر وأعلى تتفق مع استراتيحية الجيش الألمانى فى اختراق عمق دفاعات العدور بسرعة فائقة كعادتها ولطرقت أبواب موسكو مبكراً .

8 ـ حلول فصل الشتاء القارص والمناخ الجليدى القاتل، فقد وصلت درجات الحرارة في جبهات القتال الى 40 درجة تحت الصفر، مما ساعد السوفيت فى دحر الألمان رغم أنه مر حوالى 4 سنوات كاملة أثناء مراحل الحرب مرت فيها جميع فصول العام وليس الشتاء وحده ولكن يمكن القول أن سوء طقس الشتاء كان أحد أسباب الفشل فى السنة الأولى من الغزو

9 ــ غياب التنسيق مع اليابان وهذا الخطأ يعتبر( خطأ إستراتيجى فادح جدا) كان على اليابانيون القيام بمشاغلة العدو السوفيتى وتثبيت الجيش الأحمر على الحدود مع اليابان بما يتيح للجيش الألمانى دحر القوات السوفيتية على أبواب موسكو وسرعة إحتلالها.

10 ـ جيوش الاتحاد السوفيتى كانت بالملايين وأعدادهم كالجراد لا يسهل هزيمتها لكثافة أعدادها وقدرتها على استعواض الخسائر فضلاً عن البطولة والشراسة الهائلة التى تمتع بها الجيش الأحمر في مواجهة الغزاة الألمان دفاعا عن وطنهم الأم روسيا والتى أدت في النهاية لهزيمة الجيوش الألمانية رغم معدل الخسائر الفادحة فى صفوف السوفيت.

11 ـ بخلاف كثافة أعداد الجيش الأحمر كان الجيش السوفيتى الجيش الوحيد فى العالم بعد الجيش الألمانى الذى يستخدم الدبابات بتشكيلات فيالق ونهج استراتجيات تشبه الأساليب والاستراتيجيات الألمانية لذلك لم يجد التفوق الألمانى المدرع نفعا مع جيش كهذا.

12 ــ قوة وتطور الصناعة السوفيتية الحربية خلال سنوات الحرب وتفوقها على الصناعة الالمانية من حيث الكم
فضلا عن أن موارد الإتحاد السوفيتى الرهيبة اللامتناهية فى الثروات المعدنية والبترولية والطبيعية وحتى البشرية خدمت التفوق السوفيتى وإمتصاص الهجوم الألمانى

13 ـ تدخلات الزعيم النازى أدولف هتلر.. من أكبر العوامل والأسباب التى أدت الى الهزيمة ليس على الجبهة الشرقية وحسب وإنما على كل الجبهات وخسارة الحرب فى النهاية.

إذ كان هتلر يتدخل بإستمرار فى خطط كبار قواده العسكريين رغم أنه لايتمتع بأى خبرة عسكرية فى الأساس بما أدى إلى تضييع فرص مذهلة لجيشه وقواته لتحقيق الإنتصار الشامل، مع العلم أن القادة الزعماء مثل ونستون تشرشل ورزفلت لم يتدخلا فى سير الخطط العسكرية التى يضعها كبار جنرالات الحلفاء، ويمكن القول أن هذا العامل بالذات من أكبر العوامل التى ادت إلى خسارة ألمانيا النازية الحرب برمتها

14 ــ التأخير الألمانى المتعمد فى إحتلال موسكو العاصمة أتاح الفرصة للسوفيت لصد الهجوم الألمانى وضيع الفرصة التى كانت سانحة للظفر بموسكو كان الفوهرر يصر على تركيز هجمات قواته على أهداف إقتصادية داخل الإتحاد السوفيتى مثل إحتلال اوكرانيا أولا قبل التفرغ لسحق الأهداف العسكرية والسياسية الأخرى أما موسكو العاصمة فكان هتلر يوليها عناية أقل رغم إعتراض كبار القادة الألمان على ذلك

15 ــ عدم إنتاج ألمانيا لقاذفات جوية إستراتيجية بعيدة المدى مثل القاذفات الأمريكية بعيدة المدى من طرازات بى 17 و بى 29 والتى كانت تعرف (بالقلاع الجوية الطائرة) والقاذفة البريطانية ( لانكستر) كانت قاذفات سلاح الجو ( اللوفت وافا ) الألمانية قصيرة المدى مما جعل المصانع الحربية السوفيتية الكبرى فى أقصى منطقة الأورال بعيدا عن متناولها وأعطى السوفيت الأمان المطلوب والوقت الكافى لإعادة إنتاج أسلحة جديدة وإستعواض الخسائر فى الجيش الأحمر

16 ـ لشدة ثقة الألمان فى تحقيق النصر النهائى على كافة اعدائهم لم يحاولوا فى بداية الحرب إنتاج الأسلحة الألمانية الشهيرة المرعبة مثل دبابات التايجر وصواريخ الأرض ـ أرض (فى / 1 و 2 ) والطائرات النفاثة ( المسرشميث 262) إلا بعد أن بدأ مسار الحرب على كل الجبهات يتغير لصالح الحلفاء بينما لو تم وضع خطط قبل الحرب لإنتاج مثل هذه الأسلحة المتطورة لتغير وجه التاريخ وغير من نتيجة الحرب لصالح ألمانيا النازية

17 ـ معركة ستالينجراد مفخرة النصر السوفيتى كانت من أهم الأسباب الكبرى لهزيمة حملة غزو الإتحاد السوفيتى فلم يكن هناك داعى لكى يطول الألمان مدتها الزمنية ويتمسكوا بالحصار الطويل لها ربما يعود ذلك لعناد هتلر الشديد لقد تكفلت هذه المعركة وحدها بالقضاء على ربع القوات الألمانية المخصصة لغزو الإتحاد السوفيتى وهذا العامل مرتبط بالعامل السابق رقم 13 الخاص بتدخلات هتلر فى خطط قادته العسكريين

18 ـ لامفر من الإعتراف بأهمية دور وقوة شخصية السفاح جوزيف ستالين الحديدية ووجوده على رأس الحكم فى الإتحاد السوفيتي ضمن حسن إدارة الدولة والجيش فى الظروف الحالكة التى مرت بها روسيا فى بداية الحرب والسيطرة الحديدية على مقدراتها ومكنت السوفيت من الوقوف على اقدامهم وإستمرار القتال وتدمير أغلب قوات الجيش الألمانى رغم الهزائم الأولية الجسيمة التى تلقوها

19 ـ خطأ إعلان المانيا الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية فى ديسمبر 1941 قبل ذلك الإعلان كانت حكومة الولايات المتحدة لا تزال محايدة رسميًا خلال الحرب العالمية حيث كان من الأفضل عدم إستفزاز قوة عالمية ضخمة مثل امريكا والسعى لعدم إدخالها فى أتون الحرب بقدر الإمكان على الأقل لحين حسم معارك الجبهة الشرقية أو معارك بريطانيا حسما نهائياً

20 ــ قيام الولايات المتحدة الأمريكية بموجب قانون الإعارة والتأجير الأمريكى بإمداد السوفيت بإمدادات خرافية فى المعدات والأسلحة بلغت حوالى نصف مليون مركبة حربية من كافة الأنواع ( دبابات – مجنزرات – ناقلات جنود – سيارات عسكرية ) و مصانع إنتاج سلاح كاملة هى التى مكنت القوات السوفيتية من سرعة إستعواض الخسائر والصمود فى القتال وكذلك إمداد الإنجليز للروس بمعلومات بالغة السرية عن تحركات الجيش الألمانى النازى ساعدت كثيرا فى تحقيق إنتصارات الجيش الأحمر السوفيتى

21 ـ نزول الحلفاء فى إيطاليا عام 1943 ثم نجاح نزول نورماندى عام 1944 نتيحة انشغال الجيش الألمانى بحرب روسيا جعل الجيش الألمانى يقاتل على جبهتين ومن ثم لم يعد هناك مفر من الهزيمة.

22 ــ فى النهاية بوجود ثلاث قوى عظمى على ثلاث جبهات تتمتع بإمكانيات بشرية واقتصادية وعسكرية وتكنولوجية هائلة كان على ألمانياأن تحاربها في وقت واحد وهو المستحيل بعينه وهذه القوى هى: 1 ــ الاتحاد السوفيتى في الشرق 2 ــ بريطانيا في الغرب 3 ــ الولايات المتحدة الأمريكية في الغرب أيضا.

سبب أخير

هذه هى الأسباب الـ 22 لفشل عملية باربروسا فشلا ذريعا، انتهى بسحق الجيش الألمانى على الجبهة الشرقية وأدت إلى إحتلال ألمانيا، ولو تم تلافى عامل واحد او أو عاملين منها ( مثل عدم تدخل هتلر فى خطط القيادة الألمانية) او (حسن التنسيق مع اليابان) أو حتى (تلافى معركة ستالينجراد ) لكان ذلك كفيلاُ بتحمل باقى الأخطاء وتحقيق النصر رغم ذلك حتى لو تحقق بصعوبات كبيرة .
إلا أنه يوجد سبب أخير وخاص هذا العامل الهام قلما تحدث عنه أحد ويغرقون فى الدراسات العسكرية والسياسية ويهملونه تماما .
هذا العامل هو العامل الإنسانى فى المعركة ( العامل رقم 23 المجهول ) والذى أجلت الحديث عنه للنهاية.

لقد أهمل الألمان فرضية أن شعوب الاتحاد السوفيتى كانت تكره ستالين وتكره حكمه الشيوعى الوحشى ولقد قابلت شعوب الجمهوريات السوفيتية الألمان فى البداية بترحاب بالغ وإعتبرتهم محررين لهم من نير الحكم الشيوعى لكن عقلية هتلر والمارشال جورينج الضيقة اللا إنسانية فى تطبيق سياسة الحل الأخير ضد كل من هو شيوعى أو سوفيتى فلم تفرق بين الشيوعى المؤمن بستالين والفلاح الروسى المسكين، وهذا ما جعل الألمان ينتهجون أشد الأساليب بطشا وقهرا ووحشية تجاه المدنيين العزل المسالمين فتم تجويع وقتل الملايين من الأبرياء السوفيت بلا ذنب ولا رحمة وإبادة سكان قرى وبلدات بكاملها.

ولو حاول هتلر كسبهم إلى صفه بحسن معاملة الشعوب السوفيتية المسالمة لنجح نجاحا بالغا فى شق الاتحاد السوفيتى وجعل جمهورياته تنفلت من بين أصابع ستالين جمهورية تلو جمهورية، ويلقى الجميع السلاح امام الألمان بدون قتال.

حتى مدينة باسلة مثل ستالينجراد يعود سر إصرارها على القتال والصمود تحت أصعب الظروف إلى خوف الجميع من إنتقام القوات الألمانية البشع ولولا ذلك لألقت ستالينجراد بيد الطاعة والولاء لقوات الجنرال الألمانى فون باولوس المهاجمة منذ البداية وكان الجيش الألمانى إحتلها بدون قتال او بأقل مجهود عسكرى مبذول .
إن القائد العسكرى الناجح هو من يحاول أن يكسب مدنيين العدو إلى صفه ويقلل من عدائهم له لأقل مستوى ممكن بيد أن هذا لم يتحقق فى حملة الشرق …
لو طبق هتلر والحزب النازى هذه الاستراتيجية لتم النصر الساحق ولتم ( ألمنة ) جميع جمهوريات الاتحاد السوفيتى بسهولة نسبية مهما كانت الأخطاء العسكرية والسياسية المشار إليها التى ارتكبت، بما كان سيمهد الطريق لألمانيا النازية بعد الإنتهاء من غزو روسيا للتربع على عرش العالم بعد ذلك.

اقرأ أيضا:

زر الذهاب إلى الأعلى