تقرير إسرائيلي: القضاء على حماس أم تحرير الرهائن؟ خيارات إسرائيل واستيراتيجية السنوار

كتب: أشرف التهامي

مقدمة

هل تتمكن إسرائيل من إلحاق الهزيمة بحماس في حين تعمل على تأمين إطلاق سراح الرهائن لديها، أم يتعين عليها أن تختار بين هذين الهدفين؟
هذا السؤال، الذي يُطرح بشكل متكرر في وسائل الإعلام الإسرائيلية والخطاب السياسي، ليس مضللاً فحسب، بل معيب بشكل أساسي، بحسب تقرير مركز “ألما” الإسرائيلي البحثي “للدراسات الأمنية والعسكرية والإستخبارية والمعني بمراقبة ومتابعة دول محور المقاومة ودول الطوق وقوات الإيرانية ووكلائها على الحدود الإسرائيلية وخاصة قوات حزب الله اللبناني”.

ويؤكد المركز “ناشر التقرير” أن هذا السؤال يصرف الانتباه عن واقع أكثر إلحاحاً من وجهة النظر الإسرائيلية، كما يعتقد الإسرائيليون أن حماس لن تكون لديها مصلحة في إطلاق سراح جميع الرهائن إذا حصلت على وقف لإطلاق النار.

وللمفارقة نلمح بيت طيات التقرير التأثير المباشر لحرب الاستنزاف التي لا تطاق والتي يشنها حزب الله في الشمال على إسرائيل.
و كالعادة ومن خلال متابعتنا في موقع “بيان” لكل ما يصدره الإعلام السياسي والعسكري والإسرائيلي، ننشر المحتوى دون تدّخل منا فيما يطرحه لنعكس ما يدور فى رأس راسم السياسات.

نص التقرير:

تشابك استراتيجي وموقف السنوار:

بينما يختتم المبعوث الأميركي الخاص عاموس هوشستاين زيارة أخرى إلى المنطقة، يواصل حزب الله ربط أي وقف لإطلاق النار في المستقبل في لبنان بوقف إطلاق النار في غزة، الأمر الذي يخلق تشابكاً استراتيجياً.
وفي غزة، يرد زعيم حماس يحيى السنوار على مقترحات وقف إطلاق النار بعروض مضادة مشروطة تهدف في النهاية إلى انتزاع المزيد من التنازلات من إسرائيل. وتنعكس هذه الديناميكية بوضوح في القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن غزة، القرار رقم 2735، الذي تم تبنيه في الحادي والثلاثين من مايو.
ويدعو إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية ويمهد الطريق لمزيد من المفاوضات. وردد الرئيس بايدن هذا الشعور، ودعا إلى وقف دائم لإطلاق النار مشروط بالإفراج عن بعض الرهائن الإسرائيليين، مع مراحل إضافية لمناقشة المزيد من الشروط. ويمكن أن تستمر المرحلة الثانية من هذه الخطة إلى أجل غير مسمى.
وهذا النهج يخاطر باللعب في أيدي حماس. وبينما يستخدم السنوار المفاوضات لكسب المزيد من النفوذ، فهو يهدف إلى إطالة أمد المحادثات إلى أجل غير مسمى، مما يسمح لحماس بإعادة بناء قدراتها العسكرية واستعادة السيطرة على غزة دون إطلاق سراح جميع الرهائن.
وتمتد آثار استراتيجية السنوار إلى ما هو أبعد من غزة. وفي الشمال، يواصل حزب الله هجماته، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من الإسرائيليين. وتؤكد الهجمات المستمرة التي يشنها حزب الله على نقطة بالغة الأهمية:
” فما دامت الجبهة الجنوبية بلا حل، فإن الهدوء في الشمال يظل بعيد المنال.”

الاستراتيجية الإيرانية وإضعاف إسرائيل استراتيجياً وداخلياً

إن هذه الحالة الدائمة ظاهرياً من الصراع المنخفض الحدة تعمل على إضعاف إسرائيل استراتيجياً وداخلياً، وهو الهدف الذي تتقاسمه حماس وحزب الله وادعماهما في إيران. لا يمكن المبالغة في تقدير دور إيران في هذا الصراع. وهي تدعم كلاً من حماس وحزب الله، وتعزز حملة استنزاف متعددة الجبهات تهدف إلى إنهاك إسرائيل.
وتهدف الإستراتيجية الإيرانية إلى:
إلحاق تكاليف باهظة بإسرائيل، حتى لو كان ذلك يعني خسائر كبيرة لحماس.
والهدف النهائي ليس بالضرورة الحفاظ على قوة حماس العسكرية، بل التآكل المطول لقوة إسرائيل ووحدتها.
ومن المؤسف أن الجدل الدائر داخل إسرائيل يعكس هذا الأمر. وفي حين يدعو البعض إلى تقديم تنازلات لتأمين وقف إطلاق النار وإعادة الرهائن، يرى آخرون أن هذا يشكل سابقة خطيرة من شأنها أن تشجع أعداء إسرائيل.

ما هي القضية الحقيقية من وجهة نظر إسرائيل؟

إن القضية الحقيقية ليست ما إذا كانت إسرائيل قادرة على هزيمة حماس أو تأمين الرهائن، بل كيف يمكنها أن تفعل الأمرين من دون الوقوع في فخ المفاوضات التي لا نهاية لها والتي لا تؤدي إلا إلى تعزيز خصومها.
ولمعالجة هذه المشكلة فمن الأهمية بمكان أن نرفض الانقسام الزائف الذي يتعين على إسرائيل أن تختار بين هزيمة حماس وإطلاق سراح الرهائن. كلا الهدفين مترابطان. إن أي وقف إطلاق نار أو مفاوضات لا تشتمل على آليات واضحة لمنع حماس من إعادة تسليح نفسها وتعزيز سيطرتها على غزة من المحتم أن تفشل.
وطالما لا توجد نقاط ضغط فعالة على السنوار، فليس لديه أي حافز لإطلاق سراح جميع الرهائن. ويتعين على المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة، أن يفهم هذه الديناميكية. ويجب أن يكون الهدف تشكيل جبهة موحدة تطالب بالإفراج عن جميع الرهائن كنقطة انطلاق.
ويجب أن يقترن هذا بجهود متواصلة لتفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس ومنع ظهورها من جديد. ولن يتسنى لإسرائيل أن تأمل في تحقيق الأمن لمواطنيها إلا من خلال مواصلة الضغط على حماس.

المناقشات الجارية في وسائل الإعلام الإسرائيلية

تعكس المناقشات الجارية في وسائل الإعلام الإسرائيلية وبين قادتها السياسيين والعسكريين إحباطًا عميقًا. ولكن ما يفتقده هذا الخطاب هو الاعتراف بأن النهج الحالي في التعامل مع المفاوضات المرحلية معيب. فهو يخاطر بترسيخ قوة حماس وإطالة أمد معاناة الرهائن، الأمر الذي يقود إسرائيل إلى موقف يخسر فيه الجميع.
إن فكرة أن إسرائيل يجب أن تختار بين هزيمة حماس وإطلاق سراح الرهائن هي رواية كاذبة تقوض قدرتنا على الصمود. ويتعين على المجتمع الدولي وإسرائيل أن يرفضا هذا الانقسام. هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستقودنا بها الإنجازات العسكرية التي حققها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة إلى تحقيق أهدافنا، وهي على وجه التحديد:
إعادة الرهائن إلى الوطن .
القضاء على قدرات حماس العسكرية.

طالع المزيد:

زر الذهاب إلى الأعلى