طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (33)
بيان
تطور بالغ الجرأة والخطورة شهدته عملية طوفان الأقصى على مدى يوم أمس الجمعة واليوم السبت بوصول طائرة مسيرة حوثية من طراز يافا إلى قلب تل أبيب وعلى بعد أمتار قليلة من السفارة الأمريكية في تل أبيب، وأسفرت عن مقتل إسرائيلى وإصابة ثمانية آخرين وكسرت كل الدفاعات الإسرائيلية وحسابات المسافات حيث قطعت أكثر من ألفي كيلو متر.
وبالطبع أمام قسوة اللطمة التى دوت على وجه إسرائيل، كان لزاما الرد وهو ماحدث اليوم السبت، بغارات على ميناء الحديدة استهدفت مخازن النفط وبعدها مباشرة أعلن وزير الدفاع الإسرائيلى جالانت أن اشتعال النار في اليمن يمكن لأى مكان فى الشرق الأوسط رؤيته وهو مايوضح بجلاء أن الضربة استعراضية بالدرجة الأولى، والدليل على ذلك عدم استهداف أية قواعد عسكرية أو منصات صواريخ ومسيرات حوثية أو حتى عمليات اغتيال لشخصيات حوثية بارزة.
واعترفت إسرائيل اليوم فقط بحدوث ٢٠٠ هجوم حوثى على إسرائيل منذ اندلاع طوفان الأقصى ولم ترد إسرائيل تاركة الأمر للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ولكن بعد هجوم الحوثيين على تل أبيب لم يكن ممكنا عدم الرد الإسرائيلى المباشر.
على الجانب الأخر أعلن الحوثيون عن بنك أهداف داخل تل أبيب مع الإعلان على لسان يحيى سريع المتحدث العسكرى للحوثيين بأن تل أبيب منطقة غير آمنة.
ولا أشك مطلقا فى حدوث رد الحوثيين على هجمات إسرائيل اليوم على الحديدة وأثق تماما أن هذا الرد لن يتأخر طويلا في ضوء معطيات قدمها الحوثيون بالإغلاق العام لميناء إيلات ومنع الملاحة إليه منذ أكتوبر الماضي علاوة على التصدى الحوثى لأساطيل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وما أطلق عليها عملية حارس الازدهار، وانتهى هذا الوجود بانسحاب حاملة الطائرات إيزنهاور بعد استهداف الحوثيين لها حتى وصولها إلى قناة السويس بالصواريخ الباليستية والمسيرات.
المضحك في الأمر هو إعلان إسرائيل أن الولايات المتحدة الأمريكية لاعلاقة لها بالضربة الإسرائيلية لميناء الحديدة وهو كذب صارخ حيث أنه لايمكن لطائرات حربية أن تقطع ألفي كيلو متر ذهابا ومثلهم إيابا بإجمالى أربعة آلاف كيلو دون تزود بالوقود ودعم لوجيستى.
الولايات المتحدة الأمريكية ليست شريك فاعل فى هجمات إسرائيل اليوم على الحديدة بل مخطط ومدبر ومنفذ ومشارك لإسرائيل فى هذه الهجمات كما هو الحال في حرب غزة منذ انطلاقها.
الحوثيون اثبتوا مرار وتكرارا صمودهم الطويل على مدى ثماني سنوات من القصف والقتل الممنهج من قوات ما كان يسمى بالتحالف العربى، وأجبروا هذا التحالف على وقف الحرب على اليمن بعد استهداف موانىء ومناطق حساسة داخل السعودية واليمن.
كل المعطيات تؤكد الرد الحوثى وليست الإشكالية على الإطلاق في الرد من عدمه بل أصبحت الإشكالية تتجسد في الهدف الذى سيهاجمه الحوثيون داخل تل أبيب ومدى أهمية هذا الهدف.
لقد اخطأت إسرائيل بشدة في هجومها اليوم على الحديدة حيث حولت الجبهة اليمنية من جبهة إسناد إلى جبهة قتال ولن يقف الحوثيون بعد هذه العملية أبدا موقف الإسناد لغزة بل ستنخرط فى المواجهة المباشرة مع إسرائيل وحرب طويلة الأمد ضد بنك أهداف متعدد داخل تل أبيب، وكان طبيعيا جدا أن يعلن سلاح البحرية الإسرائيلى عن رفع درجة التأهب القصوى بين قطعه البحرية تحسبا للانتقام الحوثى الآتى.
وأؤكد أن جبهات الإسناد الأخرى سواء في لبنان أو العراق أو حتى الفصائل الفلسطينية داخل غزة لن تترك اليمن وحيدا في مواجهة إسرائيل بل ستشهد هذه الجبهات اشتعالا ضخما على جميع الجبهات في إطار مصطلح وحدة الساحات.
وشهدت الجبهة اللبنانية تطورا جديدا بعد استهداف حزب الله لثلاثة مستوطنات جديدة لم يتم استهدافها من قبل بعد ساعات قليلة من إعلان حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله بالرد على قصف إسرائيل للمدنيين اللبنانيين باستهداف مستوطنات جديدة لم تصل إليها صواريخ حزب الله من قبل.
بالإضافة إلى استهداف الفصائل الفلسطينية بشدة أماكن تموضع القوات الإسرائيلية فى محور نتساريم علاوة على تصعيد الهجمات والكمائن ضد الجيش الإسرائيلى فى مختلف مدن قطاع غزة وخاصة في رفح.
ولا استبعد على الإطلاق أن تتسع وتتعدد جبهات القتال المفتوحة المباشرة وانفجار الوضع في وجه نتنياهو وهو ماسيدفع الولايات المتحدة الامريكية وقتها فقط بإصدار الأوامر لإسرائيل بوقف الحرب.
لكل بالتأكيد الأيام القادمة ستكون الأكثر سخونة على الإطلاق بين كل أيام طوفان الأقصى.