د. عبد الغنى الكندى يكتب: أذن ترمب وأذان مكبرات غزة
بيان
نشر المفكر والكاتب السعودى د. عبد الغنى الكندى، مقالا فى صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية يحمل عنوان: ( أذن ترمب وأذان مكبرات غزة ).
ويشرح الكاتب فى مقاله أهمية مفهوم ( القوة) في علم السياسة، والذي جعل الإعلام العالمي يسلط الضوء على “أذن” ترامب مقابل تغاضي النظر عن قتلى غزة.
كما يناقش المقال أهمية ربط الدعاء بالأخذ بأسباب القوة مبرهنا على ذلك باستدلالات وتجارب متنوعة من التراث النبوي والإسلامي والغربي، ومن الممكن اعادة انتاج نفس التحليل في سياقات وحالات مختلفة بما في ذلك الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة.
وفى التالى اقتباسات من المقال.. يقول الكاتب:
سيظل الدعاء المجرد من المخالب طقوساً رهبانية متشحة بسواد الخرافة والأسطورة، ولا يستقيم أثرها إلا مع تصوف لا عقلاني منهيّ عنه شرعاً وعقلاً.
ولو كان الاتكال على الدعاء حصراً معياراً للنصر، والتواكل على السماء من دون الأرض، واللامبالاة بتكلفة الخسائر الإنسانية والمادية، لكان الرسول قد استنفر أتباعه المستضعفين في مكة إلى القتال دفاعاً عن والدي عمار بن ياسر وهو يمر بهم وهم يعذبون وينكل بهم ويُقتلُون من سادتهم مكتفياً بمواساتهم بقوله: «صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة»،
عندما سُئل الإمام أحمد: عن الرجلين يكونان أميرين في الغزو، وأحدهما قوي فاجر والآخر صالح ضعيف، مع أيهما يغزو؟ فقال: أما الفاجر القوي، فقوته للمسلمين، وفجوره على نفسه، وأما الصالح الضعيف فصلاحه، لنفسه، وضعفه على المسلمين، فيُغزى مع القوي الفاجر.
عندما سأل أحد الجنود نابليون بونابرت قبيل اندلاع معركة «واترلو»: هل الله معنا نحن الكاثوليك، أم مع الإنجليز البروتستانت؟! فأجابه: «الله مع صاحب المدفع الأكبر».
أما نيتشه فيقول في هذا الصدد: «كم هزئت من الضعفاء الذين يظنون أنفسهم أخياراً لأنهم من دون مخالب!».
فالمؤمن الضعيف الأعزل أمام مقارعة الأسود سيكون في موقف أكثر ضعفاً من الفاسق المتسلح بالبندقية أو المخالب
فالمنظمات الدولية والتنظيمات الحقوقية ليست إلا حائط مبكى وأدوات أخلاقية تلجأ إليها الدول الضعيفة لتحقيق العدالة الدولية، في حين أن الدول القوية ترى العدالة الدولية في مراكمة المزيد من عناصر القوة بما في ذلك توظيف التنظيمات الحقوقية والأدوات الأخلاقية والدينية لتحقيق مصالحها وتعظيم مصادر قوتها الوطنية.
ومن هنا كان على «حماس» التأسي بالأثر النبوي قبل أن تنخرط في صراع عسكري لقضية عادلة، ولكنها ضعيفة، ضد دولة تنطلق من قضية ظالمة، ولكنها قوية وبمخالب نووية.