طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (٣٤)
بيان
أربع ضربات قاسية تلقاها محور المقاومة بدأت بقصف اسرائيل لميناء الحديدة اليمنى وتلاها عملية مزدوجة بقصف الولايات المتحدة للحشد الشعبى فى العراق بالتزامن مع قصف صهيونى للضاحية الجنوبية ببيروت استهدف فؤاد شكر أبرز قادة حزب الله على الإطلاق، وبعد ساعات قليلة تمت الضربة الأكبر باغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس فى طهران وهى بذاتها ضربة مزدوجة أيضا تستهدف حماس وإيران معا حيث أن الإغتيال وقع بحق أبرز زعماء حماس وتمت العملية فى قلب العاصمة الإيرانية وأثناء تنصيب رئيس إيران الجديد مسعود بزشكيان.
الضربات الأربعة بالفعل افقدت محور المقاومة توازنه وخاصة حزب الله حيث استلزم الأمر ساعات طويلة صمت خلالها حزب الله ثم أعلن بيانه بحتمية الرد دون الإشارة إلى مصير فؤاد شكر ثم لاحقا أعلن عن إغتيال القائد الأبرز لقوات حزب الله وخليفة مصطفى بدر الدين الذى قتل فى سوريا عام ٢٠١٦ ويعتبر فؤاد الإمتداد العسكرى اللوجيستى لعماد مغنية أحد مؤسسى الجناح العسكري لحزب الله.
وبالإضافة إلى الأهمية القصوى لفؤاد شكر لدى اسرائيل حيث يعتبره قادة الجيش الإسرائيلى بمثابة وزير دفاع قوات حزب الله والساعد الأيمن لحسن نصر الله الأمين العام لحزب الله.
وتلتقى الولايات المتحدة الامريكية مع إسرائيل مع إسرائيل فى وضع فؤاد شكر على قائمة المطلوبين لأمريكا ليقينها بضلوعه فى الهجوم على مشاة البحرية الأمريكية “المارينز” فى بيروت عام ١٩٨٣والذى أسفر عن مقتل ٢٤١ من أفراد الجيش الأمريكى وإصابة ١٢٨ آخرين ووصفه مايك بنس نائب الرئيس الأمريكى الأسبق بأنه أحد العقول المدبرة لهذا الهجوم.
وعرضت الولايات المتحدة الأمريكية مكافاة قدرهاخمسة ملايين دولار أمريكى لمن يدلى بمعلومات تساعد في إلقاء القبض علي فؤاد شكر.
وفى ٢٠١٩ قامت وزارة الخارجية الأمريكية بتصنيف فؤاد شكر كإرهابي عالمى بموجب الأمر التنفيذى رقم ١٣٢٢٤.
وهكذا تحول فؤاد شكر إلى هدف مزدوج للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ومثل أحد الأوراق البارزة التى استخدمها نتنياهو في إقناع الأمريكيين بضرب الضاحية الجنوبية ببيروت خلال زيارة نتنياهو الأخيرة للولايات المتحدة الامريكية وهى الزيارة التى حصل فيها نتنياهو على كل ما أراده من أضواء خضراء لعملياته بل ووصل الأمر إلى حصوله على تنسيق الولايات المتحدة الأمريكية مع إسرائيل فى كل ماتقوم به لتخرج الصورة النهائية حاملة اشتراك أمريكا العلنى فى الحرب إلى جانب اسرائيل.
ولعل تأخر الرد اليمنى على القصف الإسرائيلى لميناء الحديدة كان خطأ استراتيجى فادح منح نتنياهو الثقة، وأمهله الوقت الكافى لتدبير خطواته التالية.
كمان أن تواضع ردود أفعال حزب الله على استهداف القادة الميدانيين البارزين بدءا من وسام الطويل الذى زعمت اسرائيل أنه شقيق هدى الطويل زوجة حسن نصر الله الأمين العام للحزب وحتى محمد نعمة ناصر القائد ذو الثقل الاستراتيجى بين القادة الميدانيين..ساهم تواضع الرد فى تشجيع اسرائيل على استهداف أهم القادة وهو فؤاد شكر.
وتنبع أهمية سياسة الاغتيالات التى تتبعها امريكا وربيبتهااسرائيل فى الجانب المعنوى وليس العسكرى فعلى امتداد عقود هذه الاغتيالات كانت دوما النتائج عكسية على الصعيد العسكرى فبعد إغتيال قاسم سليماني قام خليفته إسماعيل قانى بجهود تفوق ماكان يبذله سليمانى وبعد إغتيال عماد مغنية تضاعفت قوة حزب الله بفضل خلفاءه لأن القائد البديل يبذل جهود جبارة لسد الفراغ وإثبات وجوده.
لكن يبقى الجانب المعنوى والمتمثل في تصدير أمريكا وإسرائيل لسردية القدرة على الوصول للقادة البارزين.
وينسحب نفس الأمر على حركة حماس حيث لايشكل اغتيال إسماعيل هنية جانب ضعف للحركة فقد تم اغتيال الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس فى ٢٢ مارس ٢٠٠٤ دون أن يؤثر ذلك على قوة حماس بل على العكس فقد يتسبب اغتيال إسماعيل هنية فى المزيد من التطرف داخل الحركة حيث كان هنية يمثل التيار المعتدل داخل الحركة عكس كل المرشحين لخلافته مثل خالد مشعل وخليل الحية وأسامة حمدان وغيرهم من رموز الحركة.
أجزم أن رد حزب الله قادم لامحالة وسيكون هذه المرة على مستوى استهداف الضاحية الجنوبية خارج قواعد الإشتباك وإن كان أيضا تواضع رد حزب الله على استهداف إسرائيل للضاحية سابقا واغتيال صالح العرورى نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس داخل مقر حماس بالضاحية قد شجع اسرائيل على تكرار استهداف الضاحية للمرة الثانية.
وعلى كل الأحوال فإن الصراع سيتسع وسيشمل قواعد جديدة تماما للاشتباك لكنى لااعتقد وصولها إلى الحرب الشاملة رغم كل التطورات السابقة.
وحتما سيكون الرد قوى وسيتحتم على الجميع إنتظار رد اسرائيل على الرد وهكذا ستدور الحلقة المفرغة.
حزب الله يدرك تماما أن عدم الرد على اغتيال فؤاد شكر ستكون تكلفته أكبر من الرد لأن الحزب سيفقد هيبته وقدرته على الردع وسيسلم لنتنياهو باستعادة الهيبة الإسرائيلية التى مرمغها فى التراب هجوم السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ والإخفاقات العسكرية في غزة على مدى عشرة أشهر.
كذلك أجزم برد حوثى أكيد قادم وأيضا رد من الحشد الشعبي العراقى حيث أن محور المقاومة بأكمله نال ضربات قاسية في جميع أركانه ويتحتم عليه الرد الذى أعتقد أيضا أنه لن يتأخر هذه المرة وربما يحدث بعد مراسم تشييع جثمان فؤاد شكر الخميس أول اغسطس ٢٠٢٤ ويعقبه خطاب للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله يوضع ملامح الخطوات التالية للمواجهات.
الأيام المقبلة ان شاء الله حبلى بالأحداث الجسام وعلينا الإنتظار الذى لن يستمر طويلا.