عاطف عبد الغني يكتب: الطعنة هذه المرة فى القناة
بيان
يوم 26 يوليو 1956 من ميدان المنشية بالإسكندرية، أعلن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر قرار تأميم قناة السويس لتصبح “شركة مصرية 100%”.
هذا القرار فى هذا التوقيت كان يمثل أكبر زلزال يضرب الإمبراطوريات الاستعمارية التى لا تريد أن ترفع قبضتها عن المنطقة العربية ومصر، تحديدا بريطانيا و فرنسا، يضاف إليهما إسرائيل التى تسعى للقضاء على قوة مصر الناهضة بعد ثورة 23 يوليو 1952، لذلك اجتمعت الدول الثلاث على شن حرب على مصر، لتحطيمها وكسر إرادتها والقضاء على ثورتها وإعادة احتلالها عسكريا إن أمكن، وكان ما عرفناه من العدوان الثلاثى، الذى انتهى بهزيمة الدول الثلاث المعتدية وكسر إرادتها هى وليس إرادة مصر.
مرة أخرى نعود إلى تاريخ التأميم عام 1956 لنؤكد أنه كان لحظة فارقة فى تاريخ العالم، والمنطقة، ومصر، وقناة السويس نفسها، وأن هذا التاريخ سبقه تاريخ طويل صفحاته متخمة بالوقائع والأحداث، منذ أن كانت القناة فكرة صعب تنفيذها، إلى شقها بدماء وعرق المصريين الذين حفروها “بالفأس والمقطف سخرة” وافتتاحها رسميا لأول مرة فى عام 1869، وما تلى تاريخ التأميم أيضا من أحداث جسام شهدتها القناة، أو دارت على ضفتيها وأدت إلى إغلاقها، وتعطلها عن وظيفتها كشريان ملاحة عالمى ذى أهمية اقتصادية كبيرة لاقتصاديات العالم، وإلى أن عاد الرئيس السادات ليصدر قرار تطهيرها من آثار الحرب، وافتتاحها مرة أخرى للملاحة فى 29 مارس 1975.
ثم يأتى الرئيس السيسى ليطورها بإنشاء تفريعة جديدة تضيف قدرات هائلة لعملها ويتم افتتاحها فى 6 أغسطس 2015، وصولا إلى اليوم الذى تشهد فيه القناة تحديات هائلة وغير مسبوقة فى نوعها.
وتتلخص هذه التحديات (اختصارا) فى أنها أصبحت جزءا أصيلا ومحوريا فى صراع الغرب والشرق، هذا من جانب، ومن جانب آخر هى أداة مهمة وخطيرة للخصم من قدرات مصر وخنقها اقتصاديا، إما لدفعها إلى القبول بالمخططات الصهيونية المتعلقة بما يسمى مشروع الشرق الأوسط الجديد، وفى القلب منه صفقات تصفية القضية الفلسطينية وترحيل الفلسطينيين إلى مصر، أو التحجيم من قدرات قوتها الشاملة الناهضة، التى تمثل خطرا على إسرائيل من وجهة نظر الأخيرة، وربيباتها فى الغرب.
وعلى هذا الأساس السابق يمكن أن نفهم الأحداث التى تدور من حولنا من تعطيل الملاحة فى البحر الأحمر، إلى خلق توترات عسكرية دائمة فى المنطقة، والدفع إلى حروب إقليمية، وأخطر من كل ما سبق محاولة توريط مصر فى صراعات عسكرية تعطل مشروعها التنموى، وتحد من صعودها حتى لا تمثل خطرًا على الكيان الصهيونى.. لكل ما سبق تأتى الطعنة هذه المرة فى قناة السويس.
اقرأ أيضا للكاتب: