القصة المؤلمة: بداية السقوط وضياع فلسطين وتقسيم المنطقه العربية لصالح الدولة اليهودية
سردية يكتبها: رجب هلال حميدة
أعلن الشريف حسين الثورة على الدولة العثمانية في (10 يونيو 1916م) وأطلق بنفسه في ذلك اليوم أول رصاصة على قلعة الأتراك في مكة؛ إيذانًا بإعلان الثورة،
هذه الثورة العربية ضد الخلافة العثمانية كانت بدعم من بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى؛ حيث تمكن أفراد القبائل الذين انضموا إلى الثورة من تفجير خط سكة قطارات الحجاز بمساعدة ضابط المخابرات البريطاني “لورنس”، ومنعوا وصول الدعم العثماني إلى الحجاز، ثم طردوا الجيش العثماني من مكة و المدينه والطائف وجدة وينبع والعقبة ومعان ودمشق .
وأخيرًا حلب في عام 1919م.
ولم يلبث أن بويع الشريف حسين ملكًا على العرب.
تم الاتفاق على التعاون العسكري بين المملكة العربية الوليدة وبريطانيا، الذي كان يعني فرض الحماية البريطانية على المملكة نظير حماية المصالح الإنجليزية في المنطقة الإسلامية، ووقوف الشريف حسين إلى جانب بريطانيا في مواجهة الخلافة العثمانية ؛ وبموجب هذا الاتفاق قام الشريف حسين بحمل سيفه لضرب الخلافة العثمانية في ظهرها؛ بينما كانت دولة الخلافة تحارب في الغرب والشمال أوربا الشرقية وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا، وبينما تحارب في الشرق روسيا القيصرية يأتي الشريف ويطعن في الجنوب، فيضرب الجيش العثماني المسلم في الشام وفلسطين..وذلك ليس بمسمى الخيانة ومساندة الصليبيين ضد دولة الخلافة؛ ولكن تحت اسم جميل عنوان براق وهو: “الثورة العربية الكبرى”؛ ثورة للتحرر -كما يقولون- من الظلم والاستبداد واحتلال الأتراك للعرب!!
وقد نسفت القوات العربية بقيادة الأمير فيصل سكة حديد الحجاز، واحتلت ينبع والعقبة، واتخذ الثوار العرب من العقبة نقطة ارتكاز لهم، ثم أخذ فيصل يتقدم ليحارب العثمانيين في منطقة شرقي الأردن، وبذلك قدم للحلفاء أكبر مساعدة؛ حيث استطاع اللورد “اللنبي” قائد القوات الإنجليزية أن يدخل القدس بمعاونة العرب، كما أن احتلال الثوار العرب للمنطقة شرقي معان قد حمى ميمنة القوات البريطانية في فلسطين من هجمات الأتراك عليها في منطقة بئر سبع والخليل، وحمى خطوط مواصلاتها.
ولم تلبث القوات العربية أن تقدمت في ( سبتمبر 1918م) فاحتلت دمشق واصطدمت بالأتراك قبل أن يدخلها اللنبي، ولم يمض أكثر من شهر حتى زال نور الخلافة الاسلامية من سوريا بعد انسحاب اخر جندي عثماني و دخول القوميين العرب لها .
واسقط الأسطول الإنجليزي ثغور جدة ورابغ وينبع وغيرها من موانئ الحجاز، و كان ثغر بورسودان القاعدة التي انطلق منها الأسطول الإنجليزي لدعم ثورة الشريف حسين من قبل ضباط إنجلترا وفرنسا الذين يقودون القبائل العربية – الغبية – مثل اللنبي وكوكس وكاترو وغورو، والضابط الشهير لورانس، ووصل الأمر ببعض هؤلاء الضباط إلى ركل قبر الناصر صلاح الدين، وإعلانه أن آخر الحروب الصليبية قد انتهت بدخول القدس،
ثم تكرست المرارة والحسرة عندما ارتفعت أعلام بريطانيا وفرنسا على المناطق التي قاتل فيها العرب اخوانهم الاتراك ، ولم يكن بينها علم الدولة العربية المنتظرة.
و لم يعلم العرب باتفاق سايكس – بيكو إلا عندما أعلنه البلاشفة بعد قيام ثورتهم في روسيا، وتأكد العرب أن الاتفاق أهمل تأسيس خلافة عربية، وأعطى بعض أجزاء من الدولة العربية المنتظرة لفرنسا، وأثار هذا الاتفاق حفيظة العرب، إلا أنهم مضوا في ثورتهم بسذاجة بعد الحصول على طمأنات من البريطانيين، إلا أن الخلافات الحقيقية بين العرب والإنجليز تعمقت وظهرت مع إطلاق بريطانيا لوعد بلفور في (نوفمبر 1917م)، وتعهدت فيه بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
ثم كانت الصدمة الثانية للعرب في انعقاد مؤتمر “سان ريمون” في (إبريل 1920م) وتقرر فيه وضع القطاع العربي الشمالي الممتد من البحر المتوسط إلى فارس تحت الانتداب، فأعطيت بريطانيا الانتداب على العراق وفلسطين وشرقي الأردن، وأعطيت فرنسا الانتداب على سوريا ولبنان.
وهكذا دخل الشرق العربي في مرحلة الاستعمار الأوروبي وتجزئة المنطقة العربية إلى دول قومية ضعيفة تكافح الاستعمار الأوروبي بعد اختفاء الخلافة الإسلامية المهيبة الموحدة للامة ،
وقد حاول بعض زعماء العرب المغرر بهم وحدة عربية مزعومة بدل الخلافة فكانت هذه الدعوات أكثر بؤسا من هذه الكيانات السياسية الضعيفة، أما الشريف حسين فكان نصيبه من ثورته، تمجيد القوميين والغربيين له في كتب التاريخ بوصفه قائد “الثورة العربية الكبرى”..
والحق أنها كانت الخيانة العربية الكبرى للإسلام والمسلمين..
فهل نعي ونعقل ونتدبر؟
إقرؤا التاريخ ففيه العظات والعبره من أنباء السابقين ، وزاد النصر للواعدين والعاملين لمستقبل هذه الأمة.