تقرير إسرائيلى: ماذا يعني فوز ترامب بالرئاسة للمرة الثانية بالنسبة لأمريكا ؟!
كتب: أشرف التهامي
في الفسيفساء المعقدة للسياسة والاقتصاد العالميين، قد تكون رئاسة ترامب الثانية للولايات المتحدة الأمريكية، حدثاً زلزالياً يمتد تأثيره من واشنطن إلى تل أبيب.
والواقع أن التأثيرات المحتملة على الاقتصاد الأميركي وإسرائيل، كما عبر عنها خطاب حملة ترامب، تقدم دراسة وافية للتناقضات ــ الوعد بالنمو والاستقرار من ناحية، وزرع بذور عدم اليقين من ناحية أخرى.
عن تلك الفسيفساء كتب المحلل السياسي في صحيفة يديعوت احرونوت “ايلان ألون” تحليلاً بعنوان: ” ماذا يعني فوز ترامب بالرئاسة للمرة الثانية بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل”.
ويقول الكاتب فى الدراسة إن “ولاية ترامب الثانية قد تعزز النمو الاقتصادي الأميركي من خلال التخفيضات الضريبية وتحرير القيود التنظيمية، لكنها تخاطر بارتفاع الديون والتضخم والتوترات التجارية؛ وبالنسبة لإسرائيل، فإن توسيع اتفاقيات إبراهيم قد يعزز الاستقرار الإقليمي، لكنه قد يؤدي إلى تكثيف التوترات مع الفلسطينيين”.
.. وفى التالى ترجمة كاملة للتقرير:
الاقتصاد الأميركي
لنبدأ بالاقتصاد الأميركي. ولنتخيل هذا: دفعة قوية نحو المزيد من التخفيضات الضريبية. كان قانون التخفيضات الضريبية والوظائف الذي أصدره ترمب في عام 2017 مناورة جريئة، إذ خفض معدل الضريبة على الشركات إلى 21%. والآن، لنتخيل جولة ثانية من التخفيضات الضريبية تستهدف الأسر ذات الدخل المتوسط. وما هو التأثير الفوري؟
زيادة الدخل المتاح.
زيادة الإنفاق الاستهلاكي.
زيادة النشاط الاقتصادي.
الواقع أن إلغاء القيود التنظيمية، وهو حجر الزاوية الآخر في فلسفة ترامب الاقتصادية، من شأنه أن يعمل على تضخيم هذا التأثير. فمن خلال خفض البيروقراطية، وخاصة في قطاعي الطاقة والمالية، قد تجد الشركات قوة جديدة، وقد تزدهر الإبداعات، وقد يعود المحرك الاقتصادي الأميركي إلى الحياة.
ولكن هنا تكمن المشكلة ــ ميل ترامب إلى الحماية التجارية. فقد أدت الحروب التجارية في ولايته الأولى، وخاصة مع الصين، إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية وترك العديد من المزارعين الأميركيين في ورطة. وقد يؤدي الدفع المتجدد نحو التعريفات الجمركية إلى إعادة إشعال فتيل هذه التوترات، مما يخلق بيئة متقلبة للشركات التي تعتمد على التجارة الدولية.
وعلاوة على ذلك، قد تؤدي السياسات المالية المقترحة من قِبَل ترامب ــ التي تتسم بزيادة الإنفاق الدفاعي ومشاريع البنية الأساسية الطموحة ــ إلى تضخم الدين الوطني. وقد يؤدي هذا الدين المتضخم إلى ارتفاع أسعار الفائدة مع تنافس الحكومة على الموارد المالية، مما قد يؤدي إلى تهميش الاستثمار الخاص.
ويشكل التضخم، الشبح الصامت الكامن وراء السياسات الاقتصادية، تحديا آخر. إن تركيز ترامب على استقلال الطاقة، على الرغم من أنه قد يؤدي إلى خفض تكاليف الطاقة، قد يقابله ضغوط تضخمية ناجمة عن سياسات التجارة الحمائية. وإذا ارتفعت أسعار الواردات، فقد ترتفع تكاليف المعيشة، مما يؤدي إلى تآكل فوائد التخفيضات الضريبية للأسر ذات الدخل المتوسط.
الانتقال إلى إسرائيل
وبالانتقال إلى إسرائيل. فإن المشهد معقد بنفس القدر. فقد شهدت ولاية ترامب الأولى خطوات دبلوماسية كبيرة لإسرائيل، من النقل التاريخي للسفارة الأمريكية إلى القدس إلى اتفاقيات إبراهيم الرائدة. وكانت هذه الاتفاقيات، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية، بمثابة معالم بارزة في الدبلوماسية في الشرق الأوسط، حيث عززت أمن إسرائيل وعلاقاتها الاقتصادية في المنطقة.
إن ولاية ترامب الثانية قد تبني على هذه الإنجازات. فقد أعرب ترامب عن رغبته في توسيع اتفاقيات إبراهيم، مما قد يؤدي إلى جلب المزيد من الدول العربية والأغلبية المسلمة إلى الحظيرة. وقد يؤدي هذا إلى خلق شرق أوسط أكثر استقرارًا وتكاملًا اقتصاديًا، مع إسرائيل في المركز.
وعلاوة على ذلك، فإن دعم ترامب الثابت لإسرائيل في المحافل الدولية قد يوفر حاجزًا دبلوماسيًا ضد الانتقادات العالمية، مما يعزز موقف إسرائيل على الساحة العالمية.
ومع ذلك، فإن هذا التوافق الوثيق مع ترامب قد يكون له أيضًا عيوبه. فقد يؤدي الموقف القوي المؤيد لإسرائيل لإدارة ترامب إلى تفاقم التوترات مع الفلسطينيين، مما يؤدي إلى المزيد من الاضطرابات وتعقيد أي عملية سلام محتملة. بالإضافة إلى ذلك، فإن العلاقات العميقة بين إسرائيل والولايات المتحدة المستقطبة سياسياً قد تجعلها عرضة للتحولات في السياسة الداخلية الأمريكية، مما يحد من مرونتها الاستراتيجية.
جوهر الأمر
يعد فوز ترامب بالرئاسة للمرة الثانية بمزيج قوي من النمو الاقتصادي والمناورات الجيوسياسية. فبالنسبة للاقتصاد الأميركي، تتضاءل احتمالات الازدهار من خلال التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية بسبب مخاطر الحروب التجارية وارتفاع الديون. وبالنسبة لإسرائيل، لابد من موازنة الدعم الدبلوماسي المستمر والتكامل الإقليمي مع تحديات التوترات المتزايدة والاعتماد الاستراتيجي. وبينما نتنقل عبر هذه التضاريس غير المؤكدة، فإن المفتاح سيكون استغلال الفرص مع تخفيف المخاطر ــ وهي رقصة دقيقة على المسرح العالمي.