طارق صلاح الدين يكتب: مأساة أصحاب المعاشات

بيان
وضع غير مسبوق يعيشه أصحاب المعاشات بالهيئة الوطنية للإعلام وتتجسد غرابته الشديدة بالنسبة لهؤلاء المتقاعدين بعد بلوغهم السن القانونية للمعاش وبعد أداء واجبهم الوظيفى على الوجه الأكمل فى أنهم لم يحصلوا على حقوقهم التى يكفلها لهم الدستور والقانون وتتضمن هذه الحقوق مكافأة نهاية الخدمة ورصيد الإجازات وهى حقوق يحصل عليها كافة العاملين بالدولة بعد التقاعد مباشرة وبعد أيام قليلة من إنتهاء عمرهم الوظيفى.

ولكن الأمر يختلف تماما بالنسبة لأصحاب المعاشات بالهيئة الوطنية للإعلام الذين عليهم الإنتظار ليس لأيام أو أسابيع أو شهور بل يحتاجون إلى سنوات انتظار طويلة حتى يتمكنوا من صرف مستحقاتهم.
وأصحاب الحظ من أصحاب المعاشات تسلموا شيكات مكافأة نهاية الخدمة بعد تقاعدهم فى ٣٠ أكتوبر ٢٠١٩ ولك أن تتخيل أيها القارىء العزيز مشقة انتظار خمس سنوات كاملة حتى تحصل على حقوقك بما فيها من معاناة الفجوة الرهيبة بين المرتب الكامل بمتغيراته وبين قيمة المعاش والتى تصل فى كثير من الأحيان إلى ثلث الراتب وبالتالى يعتمد أصحاب المعاشات على مكافأة نهاية الخدمة ورصيد الإجازات لإيداعها بالبنوك والحصول على فوائد تقلل فجوة المرتب والمعاش في ظل أوضاع إقتصادية طاحنة وصلت فيها معدلات التضخم إلى أرقام قياسية، ومع الوضع فى الاعتبار انخفاض قيمة الجنيه مع مرور الوقت بما يجعل قيمة مكافأة نهاية الخدمة تقل كثيرا عند صرفها بعد خمس سنوات عن قيمتها الحقيقية وقت بلوغ سن المعاش.

ويصل الأمر فى بعض الاحيان إلى وفاة أصحاب المعاشات قبل حصولهم على مستحقاتهم القانونية وخاصة أنهم بلغوا من العمر مالايسمح لهم بالالتحاق من جديد بعمل يعينهم على الظروف المعيشية الصعبة.
ولايجد أصحاب المعاشات إلا طريق القضاء الطويل بعقباته المادية المتمثلة في رسوم رفع القضايا وأتعاب المحامين والتأجيلات المتتالية حتى يحصلون على أحكام واجبة التنفيذ، ولكن رغم ذلك لايتم تنفيذها فيضطرون من جديد إلى اللجوء لرفع جنحة عدم تنفيذ الأحكام بما تتطلبه من أموال جديدة وأتعاب جديدة للمحامين وفى النهاية وبعد طريق التقاضى الطويل يجد أصحاب المعاشات أنهم يحصلون عن طريق القضاء على مستحقاتهم بعد ثلاثة سنوات على أحسن تقدير أو أربعة سنوات على أصعب تقدير بما يقترب بهم في النهاية من حاجز الخمس سنوات الذى تضعه الهيئة الوطنية للإعلام لصرف مستحقات مكافأة نهاية الخدمة ورصيد الاجازات والذى ربما تتسع فترته الزمنية بمرور الوقت وتصل إلى عدد أكبر من السنوات بالنسبة للمتقاعدين الجدد خلال هذا العام والاعوام المقبلة.
ولست هنا بصدد سبب المشكلة ولا دوافع تضخمها ولا المقصرين في علاجها ولا العاجزين عن العثور على حلول لها ولكنى أناقش أمر واحد لا ثانى له وهو الوضع المعيشى لأصحاب المعاشات، وعائلاتهم وكيفية مواجهتهم لمتطلبات المعيشة من غذاء ودواء ومصروفات تعليم وجامعة.
بالتأكيد سيجد أصحاب المعاشات طرق جديدة يسلكونها لطرح مشكلتهم ولتحويلها إلى قضية رأى عام يتعاطف فيها المجتمع معهم وخاصة أن مطالبهم قانونية تماما وليس بها مبالغة وهم فقط يطلبون أبسط حقوقهم المادية التى ينالها أمثالهم فور خروجهم من الخدمة.
الطريق طويل والأبواب متعددة وكلها قانونية ولا تهدف النيل من أحد بل الرفق بضعفاء أفنوا حياتهم الوظيفية فى خدمة الدولة ويستحقون تعاطف الجميع معهم على امتداد أجهزة الدولة التنفيذية والتشريعية بالإضافة إلى آمال عريضة تراودهم بتدخل القيادة السياسية وإصداره قرار ينهى معاناتهم.
بالتأكيد ستكون لى سلسلة مقالات طويلة تتناول أصحاب المعاشات بالهيئة الوطنية للإعلام حتى يأذن الله سبحانه وتعالى بتضميد جراحهم وحصولهم على حقوقهم الطبيعية والقانونية والله الموفق والمستعان.

طالع المزيد:

زر الذهاب إلى الأعلى