دور سلاح الطيران السورى فى الحرب ضد العصابات الإرهابية فى الفترة من 2012 إلى 2015

أحمد أبو بيبرس

سردية يكتبها: أحمد أبوبيبرس

سلاح الطيران السورى الشقيق ـ مع كامل التقدير والإحترام منا لدوره وأهميته وتضحيات رجاله وطياريه ـ يعد سلاح جو متواضع جدا وضعيف الإمكانيات، ورغم أنه تعرض لفشل سابق خلال حرب البقاع عام 1982 مع إسرائيل وأمام طائراتها المتفوقة من طرازات الفانتوم إف / 4 وإف / 15 وإف / 16 .

إلا أن القيادة السورية لم تحاول الإستفادة من هذا الفشل وتعلم الدروس حيث ظل سلاح الجو السورى على تواضعه وتخلف طائراته الشديد من طرازات الميج 21 و 23 و25 والسوخوى 22 بعدد حوالى 600 طائرة تراوحت ما بين مقاتلة وقاذفة ونقل وهليكويتر وجدير بالذكر أن الطرازات المذكورة من الطائرات هى من طائرات الجيل الثانى التى إنتجت فى الاتحاد السوفيتى السابق فى أوائل الستينيات وحتى أوائل السبعينيات.

صحيح أن سلاح الجو السورى اشتمل على أكثر من 500 طائرة قتالية مختلفة الأنواع إلا أنها من طرازات وأنواع عفا عليها الزمن لا تصلح لمواجهات حروب القرن الواحد وعشرين المتطورة وذات التكنولوجيا الفائقة ولا تشكل ندا أو خصما مرعبا لطيران العدو الإسرائيلى الذى لا يتوقف عن تحديث أسطوله الجوى عاما بعد عام من خلال الحصول على أفضل وأحدث الطائرات المقاتلة لدى الولايات المتحدة الأمريكية وأخرها طائرة التفوق الشامل إف / 35 ؟ وأيضاً تحديث معدات الحرب الإلكترونية لديه ورفع مستوى التدريبات لدى الطيارين الإسرائيليين ودراسة الأساليب القتالية لدى طيارى الجيوش العربية ومحاولة إبتكار أفضل الأساليب للتغلب عليها بما لا نجد له مثيلا لدى القيادة الجوية السورية على مدار 20 عاما متوالية.

على سبيل المثال اتضح أن القوات الجوية السورية من خلال ذلك العرض لا تملك طائرات متطورة روسية للإنذار المبكر مثل ال E2C أو الأواكس الأمريكيتين لرصد الطلعات الجوية المعادية من على مدايات تبلغ عشرات ومئات الكيلومترات خلف الحدود السورية وهى ألف باء إجراءات الإنذار المبكر لدعم سلاح الدفاع الجوى عن سماء الدولة.
ونفس الأمر ينسحب على معدات الدفاع الجوى والرادارات السورية الأخرى وأساليب الوقاية من عمليات التشويش والإعاقة الإليكترونيين المعاديين وذلك حتى عام 2015 ..!!
وكذلك لاتملك القوات الجوية السورية صواريخ لإصابة الهدف أو الإشتباك خارج مجال الرؤية بالنظر .. سلاح الجو السوري من اضعف افرع القوات المسلحة اساسا وليس له تاثير تكتيكي مثل الجيوش ذات العقيدة الغربية كما ظهر في الحرب مابين عامى 2012 / 2015 فقط براميل و صواريخ غير موجهه سلاح طيران كامل لا يملك قدرات قصف ليلي ولا حاضن توجيه.

سلاح الطيران السورى للأسف نام لسنوات وسنوات فى العسل ثم استيقظ على أزمة كارثية مفاجئة تعرضت لها سوريا كادت أن تمحوها من الوجود محوا لولا رحمة من الله وسبحانه وتعالى وجهود أبنائها المخلصين وخصوصا جنود الجيش السورى ورجال القوات الجوية بالأخص .

ورغم أن سلاح الجو مع ذلك تحمل النصيب الأكبر فى المواجهة وضرب جحافل المسلحين ودحر العدوان والحفاظ على ماتبقى من التراب السورى وكذلك إستمرار حكم نظام الدولة القائم هناك إلا أنه مع ذلك كان يلزمهم تحديث شامل جذرى لطائراتهم بحيث تختفى أسراب الميج 21و 23 وغيرهما من الطائرات الأخرى المتوسطة القدرات ويتم استبدالها بأسراب كاملة تضم طائرات الميج 29 المعدلة و الميج 31 والياك 141 ثم السوخوى 30 .. الميج 31 و الياك 141 صفقات.

نسور الجو السوريونطائرة هليكوبتر جازيل فرنسية الصنع تخدم فى طيران الجيش السورى

وبالنسبة لطائرات الهليكوبتر فكان يلزمها طائرات المى / 28 والكاموف كطائرات صف أول بدلا من طائرات الجازيل والمى /17 الباليتين مع برنامج تطوير وتدريب محترم للطيارين السوريين يرقى بمستوى طيارى وطائرات سلاح الجو السورى لأعلى المستويات كما قامت الجزائر الشقيقة بتحديث أسطولها الجوى مثلا، وخصوصا أن سوريا بالذات لديها دوافع أقوى من الجزائر للقيام بذلك فهى تقع على خط المواجهة مع العدو الإسرائيلى ولا تربطها بإسرائيل معاهدة صلح أو سلام يمكن أن ترتكن إليها لتبرير هذا التراخى والسلبية الشديدة فى تنمية قواتها المسلحة العاملة بما فيها سلاح الجوى مع أن إسرائيل ما فتأت تقصف أهدافا داخل سوريا بين وقت وأخر منذ عام 2007 وحتى الوقت الراهن.
خلال سنوات المؤامرة على سوريا منذ مارس عام 2011 وقع على عاتق سلاح الجو العربى السورى عبء جسيم فى التصدى للجماعات الإرهابية المسلحة بكافة فصائلها وانواعها.
وسوف تقتصر هذه الدراسة على الفترة التى خاض فيها الطيران السورى الحرب منفردا ضد الجماعات الوحشية المدعومة دوليا حتى ماقبل مرحلة التدخل الجوى الروسى فيما عرف بعاصفة السوخوى إبتداءا من من 30 سبتمبر 2015.

لاريب أن سلاح الجو السورى قد تأخر كثيرا فى التصدى لجحافل الجحوش الإرهابية المسلحة إذ دخل متأخراً كثيرا إلى ساحة المعارك فى شهر يوليو من عان 2012 بعد ان تمددت الفصائل الإرهابية على مساحات كبيرة من الأراضى السورية وحاصرت مدن سورية كبرى ربما يعود ذلك إلى فيض الإغراق الإعلامى المكثف الذى ظل يتهم الحكم السورى الباسل بمذابح لم يرتكبها فى الواقع بما غل يده عن التعامل بحسم وحزم عسكرى مناسبين منذ أول الأحداث.
مع ذلك أثبت سلاح الجو سرعة استجابة في دعم القوات البرية سواء في العمليات الهجومية أو الدفاعية، ومرونة في جميع ساحات المعارك المعقدة في المدن والريف والمناطق الجبلية والصحراوية، وإن لم تكن عمليات سلاح الجو دقيقة إلا أنها كانت مؤثرة. ما كان يجبر الطيران السورى للهبوط إلى ارتفاعات منخفضة نسبيًا لضرب أهدافها، والهليكوبترات التي تلقي البراميل المتفجرة، وهذه البراميل تسمى بـسكود الفقراء لرخص ثمنها، مقارنة بالذخيرة الذكية للطائرات الحديثة
ومع أنه يصعب تعقب خسارات سلاح الجو السوري، لكن تشير تقديرات قائمة على تقارير المعارضة الإرهابية إلى أن أكثر من 200 طائرة مقاتلة قد تكون قد دُمرت، بالإضافة إلى عدد من أفراد الطاقم الجوي الذين قتلوا أو أسروا أو أصيبوا بجراح أو انشقوا عنها وحتى مع أخذ المبالغة المتوقعة بعين الاعتبار، يبدو أن استنزافا كبيراً قد وقع وبغض النطر عن هذه الخسارات يبدو أن القوات الجوية السورية تجرى نحو 100 طلعة جوية في اليوم أما روسيا وإيران قد قدمتا مساعدات حيوية للحفاظ على القوات الجوية بما في ذلك توفير قطع الغيار وعمليات تجديد وترميم وتحسين المعدات.
وتنفذ القوات الجوية السورية مجموعة كبيرة من العمليات القتالية الاستراتيجية، وتمكّن سلاح الجوّ السوري أيضاً من الحفاظ على معدل طلعات يبلغ فى المتوسط مائة طلعة يومياً نصفها على الأقل قتالي وتعتمد في حربها ضد عدوها على استراتيجية «الذئاب المنفردة»، أي أن الغارات تنفذ تقريبا من قبل طائرة واحدة في كل مرة تقوم بقصف هدف محدد أو تغير عليه عدة مرات، وذلك بسبب صعوبة التنسيق بين أسراب الطائرات المقاتلة، ولتخفيف الإصابات في صفوفها دعمًا لأهدافها المختلفة عبر هجمات على مناطق يسيطر عليها المسلحين تلعب فيها الهليكوبترات التى تقذف بالبراميل المتفجرة دورًا رئيسيًا
بما في ذلك المنازل والمرافق الطبية التابعة لهم
– طوابير عرباتهم الرباعية الدفع ومدرعاتهم ودباباتهم
– الدشم والتحصينات الخاصة بهم فى الأرياف وخواصر المدن
– معسكرات التدريب والدعم اللوجستى وأماكن تجمعات الإرهابيين
– المراكز والقرى والمناطق التى تأوى أهالى المسلحين وتشكل بيئات حاضنة لهم مثل حلب الشرقية وداريا وجوبر ودوما بريف دمشق وغيرها فى باقى الأرياف الأخرى
إنزال ضربات بأهداف عسكرية بما فيها القيادة والقوات والمعدات والخدمات اللوجيستية –
– دعم عمليات الحصار التي تهدف إلى تقويض المقاومة في المناطق التي يسيطر عليها المسلحين ، والمنشآت التابعة لهم اعتراض التحركات التكتيكية والعملياتية بما في ذلك شن هجمات على السيارات المدنية وقوافل الإرهابيين المتقدمة على الطرق والمدقات
– عمليات دعم جوي تكتيكية عن قرب لمساندة القوات البرية. فى هجماتها أو صد هجمات العدو على مواقع القوات السورية شن الهجمات الانتقامية بعد سقوط منطقة ما في يد العدو
– – إعادة التزويد الجوي بالسلاح والمؤن للقوات المعزولة وكذلك المدن المحاصرةالتابعة للنظام والحكومة مثل مدينتى نبل والزهراء بريف حلب وكفريا والفوعا والمطارات العسكرية المحاصرة الأخرى مثل مطارى منغ وكويرس وأبو الضهور العسكرية قبل أن يسقط مطار منغ وأبو الضهور فى قبضة فصائل الجماعات المجرمة المقاتلة
– وكذلك إعادة الإنتشار الجوى والتعزيز الجوى وإجلاء القوات ( على الأفل الضباط) من المعاقل المهددة
أما بالنسبة لتسليح الطائرات المقاتلة السورية فلم يكن دقيق او متطور بطبيعة الحال رغم الجهود المبذولة فى تحسين نوعيات القنابل والصواريخ بأيدى فنيين سلاح الجو السورى ولا يتسع هنا المجال لذكرها كاملة للأسف
لقد أصبحت حقيقة واضحة جدا أن سنين الحرب قد أثرت بشكل خطير جدا على أسطول سلاح الجو السورى فمعظم الطائرات الان اصبحت فى مراحل مختلفة من الدمار والحالة الفنية السيئة
بالتأكيد حدثت خسائر كبيرة جدا فى سلاح الجو السورى فهناك تقارير تقول انه خسروا اكثر من 350 طائرة واكثر من 100 هيلكوبتر على مر السنين سواء فى الجو او على الارض وهذا عدد كبير جدا
يجب ان نقدم اعلى درجات الاحترام للطيارين السوريين لانهم لا يكترثون بالمخاطرة بحياتهم كل يوم بطائرتهم المنتهية .فكل الطائرات والهليكوبترات السورية تعمل كقاذفات وتم التغاضى عن المهمات الاساسية التى تم تصنيعها من اجلها .. إن أداء الطائرات فى الجو أو أجهزة الرؤية والتصويب المفتقدة يتم معادلتها بالمهارة الفردية للطيار السورى . وبالتالى يقوموا باستخدام القنابل المصنعة محليا فى ضرب الاهداف بمناورات الغطس (طريقة كلاسيكية وقديمة جدا لرمى القنابل لا تتوافر بها الدقة كمثل القنابل الموجهه بالليزر او الكاميرات ) ولك بالرغم من ذلك يصيبوا الاهداف بدقة مكافئة للقنابل الموجهه فكل هجمة يقوم بها الطيارين السورين هى تذكرة للموت بسبب التعرض للمخاطر كلما تطلبت الحاجة لذلك بدون تردد .
كانت هذه إطلالة على إستراتيجية الحرب العامة النهائية لدى القيادة الجوية السورية فى الحرب على العدو الإرهابى …
أما عن الأساليب التكتيكية التى نفذت بواسطتها القوات الجوية السورية أهدافها الإستراتيجة يعتمد سلاح الجو النظامي السوري في حربه ضد معارضيه على استراتيجية «الذئاب المنفردة»، أي أن الغارات تنفذ تقريبا من قبل طائرة واحدة في كل مرة تقوم بقصف هدف محدد أو تغير عليه عدة مرات، وذلك بسبب صعوبة التنسيق بين أسراب الطائرات المقاتلة، ولتخفيف الإصابات في صفوفها.
إن القوات الجوية السورية لجأت إلى اتباع مجموعة من التكتيكات خلال عملياتها أبرزها الطلعات الفردية المؤلفة من طائرة واحدة تحلق مرة أو أكثر فوق الهدف. والهجمات التسلسلية المؤلفة من ضربات متتالية تقوم بها طائرة واحدة. والهجمات المتكررة ضد منطقة مستهدفة خلال فترة من الزمن بطائرة واحدة أو أكثر. بالإضافة إلى تنفيذ هجمات دقيقة بأسلحة موجهة، ربما بطائرات من طراز «ميغ 29» و«سوخوي سو 24» كما القصف بالبراميل المتفجرة بهليكوبترات نقل وطوافات مقاتلة ضد مناطق مستهدفة.
ويرى مراقبون أن الضربات الجوية المركزة التي وجهها الطيران السوري إلى مقرات تنظيم داعش في الرقة، شمال البلاد، على سبيل المثال أبرزت متغيرً ا عسكريًا مفصليًا في تجربة سلاح الجو النظامي الذي عرف في السابق باستخدام طائرات قديمة الطرازات وهليكوبترات هجومية وطائرات تدريب. فقد استخدم الطيران النظامي، لأول مرة في أغسطس 2014، طائرات تحلق على ارتفاع شاهق، رمت قنابل أصابت الأهداف بدقة من جهة أخرى، لطالما استخدم الجيش السوري الهليكوبترات المسلحة لرمي براميل متفجرة استهدف بها مناطق سيطرة المعارضة الإرهابية في حلب ودرعا وحماه وريف اللاذقية وداريا في ريف دمشق، كما استخدم طائرات «ميغ 21» القديمة الطراز، إضافة إلى طائرات تدريب من طراز L-39التي طورها الجيش العربى السورى لتصبح قاذفة ترمي القنابل من نقاط تعليق . وحسب إفادة ضابط منشق عن الجيش النظامي فإن «النظام يمتلك طرازًا حديثًا من عائلة الميغ بينها (ميغ 29) الروسية الصنع، كما يمتلك طائرات (سوخوي) حديثة لكن تلك الطائرات كانت متوقفة في حظائرها، قبل عامين ونصف العام، بسبب افتقارها لقطع الغيار بحسب ما كانوا يقولون لنا»، من غير أن يستبعد أن تكون روسيا «وفرت قطع الغيار لتلك الطائرات، وزودتها بالقنابل الذكية، بما يتيح استخدامها من جديد».
وأضاف: «طائرات السوخوي معروفة بأنها قاذفات تصيب أهدافها بدقّة، وتحلق على ارتفاع شاهق، لذلك من غير المستبعد أن تكون روسيا أمرت بإعادة تشغيلها من جديد لمواكبة العملية العسكرية في الرقة».
وفي هذا السياق، علّق اللواء الطيار المنشق محمد الفارس لـجريدة «الشرق الأوسط» قائلاً : “إن عدد الطائرات السورية العاملة تقلص نتيجة سقوط عدد من الطائرات جراء المعارك، مشيرًا إلى أن عدد الطائرات في الخدمة، أساسًا، (يقل عن النصف، نظرًا لأن طائرات كثيرة تحتاج إلى قطع غيار، مما ألزمها البقاء في المطارات العسكرية من غير القدرة على التحليق)”.
وبالنسبة لطائرات الهيل المسلحة التى تنفذ غارات البراميل المتفجرة في هذا المجال تستخدم هليكوبترات روسية الصنع في الحرب السورية منذ بدء الاعتماد على سلاح الجو، وهي من طرازات «مي 8» و«مي 14» و«مي 25» القادرة على حمل نحو ثلاثة أطنان من الذخيرة، وتحلق على مسافات مرتفعة ورغم إخراج طائرات من الخدمة نتيجة سيطرة قوات الإرهابيين على مطارات عسكرية، وإسقاط عدد من الطائرات الحربية والمروحية، ناهزت بمجملها خلال 4 سنوات ، الـ40 طائرة، بحسب مصادر المعارضة، إلا أن القدرة على القصف الجوي، لا تزال فاعلة.
كان هذا موقف القوات الجوية السورية فى الحرب مع عدوها المدعوم من عدد من الدول العربية والأجنبية لكن ينبغى الإشارة إلى ثلاثة عوامل أخرى هامة مكنت الطيران السورى من القيام بعمله على أكمل وجه دون مضايقات أو إعاقات تذُكر
العامل الأول:
وجود روسيا كدولة داعمة عسكرياً للجمهورية السورية بما يمكنها من القدرة على إستعواض الخسائر فوراً فى صفوف الطيران السورى وكذلك التزويد بالذخيرة بصفة مستمرة فضلاً عن إجراء الصيانة السريعة للطائرات وإستبدال قطع الغيار التالفة بما يمكن من الإستمرار فى تنفيذ طلعات الطيران السورى لتكون فى خدمة القوات البرية وتخفيف ضغط العصابات المسلحة عليها

العامل الثانى:
يتمثل فى عدم رغبة الولايات المتحدة الأمريكية فى التدخل العسكرى المباشر فى معمعان الحرب فى سوريا ولو حتى بمجرد الإكتفاء بتوجيه ضربات من الجو فقط لقوات الجيش السورى من أجل نصرة حلفائها الذين يقاتلون عنها بالوكالة مثل داعش سابقاً وجبهة النصرة بالتحديد حالياً (رغم حدوث حالات قليلة كسرت فيها أمريكا هذا المبدأ الصارم وشنت ضربات جوية على القوات السورية فى دير الزور) وكذلك وقوف روسيا والصين لأمريكا بالمرصاد فى الأمم المتحدة لمنعها من فرض حظر جوى جزئى أو كلى فوق الأراضى السورية أو استصدار قرار بالتدخل العسكرى بسوريا بما سيخدم قوات المعارضة الإجرامية بالأساس حيث سيمنع طائرات سلاح الجو السورى من التحليق لضربها بالبراميل المتفجرة والصواريخ والقنابل الأخرى وأيضا كان ذلك الحظر الجوى المنتظر سيزيح الغطاء الجوى عن باقى أفرع الجيش السورى المقاتلة على الأرض ويتركها فريسة عارية من الدعم والحماية والمساندة فى وجه هجمات متدفقة لا نهاية لها من جحافل وقطعان المسلحين الذين يتدفقون على الأراضى السورية بمعدلات خرافية متطوعين قادمون من 80 دولة عبر حدود الدول الأخرى المجاورة لسوريا .

العامل الثالث:
فهو رفض الجهات الخارجية الداعمة للمعارضة السورية المسلحة ـ رفض أمريكا على وجه الخصوص ـ الموافقة على إمدادها أى المعارضة بصواريخ دفاع جوى متطورة لتهديد الطيران السورى وذلك لأعتبارات سياسية يمكن إيجازها فى خوف الولايات المتحدة من إنتقال تلك الأسلحة إلى جماعات اخرى تهدد بها الطيران الأمريكى ذات نفسه الذى يحلق فوق شمال سوريا وكذلك عدم موافقة روسيا بدورها على تلك الخطوة بدروها
لكن مع كل تلك العقبات يثور السؤال الأبرز : كيف تصرف العدو حيال التفوق الجوى السورى الكاسح ؟.

تكتيكـات الجمـاعات المسلحـة فـى مـواجهــة سـلاح الـجو السـورى المتفـوق

كيف كانت داعش واخواتها من باقى الفصائل المتعددة المسلحة الأخرى تحقق إنتصاراتها وتوسع مناطق نفوذها داخل الأراضى السورية وهى بدون قوات جوية أو حتى دفاع جوىً فعال ..؟؟؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال المحير نذكر ان الجيش الحر وداعش والنصرة وغيرهم لا يمكن وصفهم بالجيوش النظامية وإنما هى عبارة عن جماعات مسلحة تلقت تدريبا عاليا على خوض حروب العصابات المكلفة لأقوى الجيوش لأن تنظيم داعش عموماً فى أسلوب قتاله لايبالى بالخسائر البشرية أبداً نظراً لسهولة تعويضها بواسطة طرق التجنيد المتميزة ولديهم عناصر معاونة من ضباط أجهزة مخابرات دولية مثل المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والتركية شكلت غرف عمليات كاملة على أرفع مستوى بشكل جعل تحركات التنظيمات الإرهابية المسلحة فى الأراضى السورية تتسم ببعض سمات وأساليب الجيوش النظامية المحترفة فضلا عن إمداد قوات المسلحين بأحدث أجهزة التجسس والتنصت عالية التفوق! وغير ذلك من أخطر الوسائل التكنولوجية المساعدة بدرجة تجعلها تتفوق أحيانا كثيرة على قدرات الجيش السورى النظامى نفسه.

أولاً: تكتيكات سلبية غير مباشرة

1 ـ حـــروب الـمــطـــارات  
بذل محاولات تحييد سلاح الجو السورى عن طريق شن (حرب مطارات) خاصة فالمطارات بمثابة أعشاش النسور السورية من خلال شن هجمات أرضية شاملة عنيفة بأكبر قوات مجهزة بغرض الإستيلاء على المطارات العسكرية السورية إستطاعت أن تطوقها أثناء زحفها إلى أرياف المدن والمحافظات السورية منذ نهاية العام 2012 حينما بدأت قوات المسلحين في السيطرة على مطارات عسكرية سورية ومن إجمالى 18 مطار سورى تم الإستيلاء وتعطيل حوالى 9 مطارات أشهرهم مطار كويرس ومطار منغ ومطار الطبقة وخطورة الإستيلاء على المطارات ذات شقين
الشق الأول فى حرمان المقاتلات السورية من مدى عمل أطول
والشق الثانى هو خسارة المطارات الحربية بما تحتويه من طائرات سليمة تقع بيد العدو كغنيمة رغم أن الفصائل الإرهابية ليس من بينها طيارون يجيدون قيادتها
2 ـ حــفــر الـخنـــادق والأنـفــاق  
طريقة بدائية إلى حد ما لكنها طريقة فعالة جدا عن طريق حفر الخنادق والأنفاق الطويلة والعميقة لتغطية تحركات المسلحين بين المواقع وتعود هذه الفكرة إلى منظمة حماس الفلسطينية فقد إستفادت جماعات الإرهابيين المسلحين فى سوريا من هذه الفكرة وقامت بحفر أنفاق كثيرة وكثيفة تحت الأرض ساعدت فيعا تركيا عبر تصدير معدت حفر هندسية للجمارعات الإرهابية تشكلت شبكة أنفاق ربطت بين قرى كاملة تسيطر عليها قوات المسلحين لدرجة أن الجيش العربى السورى كلما حرر منطقة ما أو إسترد قرية من قرى الأرياف من قبضة المسلحين يكتشف دائما وجود انفاق عميقة تحت الأرض تمتد لكيلومترات طويلة تستخدم كطرق بديلة للمرور بين أماكن تمركز المسلحين وكمستودعات للذخائر ومستشفيات ميدانية ولذلك تبدو الطلعات السورىة أحيانا كثيرة غير مجدية ولا مؤثرة على الأرض نتيجة سرعة هروب المسلحين تحت الأرض عبر الأنفاق كلما شعروا بقرب تحليق الطيران السورى فوقهم
كما أن كثيراً من هذه الأنفاق تم حفره بطرق هندسية مبتكرة وقد حفر بعض هذه الأنفاق بواسطة ماكينات وبلدوزرات حديثة كنا سلف القول
3 ـ إغتيــال نســـور الجــو الســورييــن 

طيارون سوريون فى إحدى القواعد الجوية السورية
طيارون سوريون فى إحدى القواعد الجوية السورية

أسلوب مؤثر وحقير إتبعه المسلحين لمحاولة النيل من سلاح الجو السورى عبر إستهداف العنصر البشرى المحرك لذلك السلاح ألا وهو الطيارين السوريين أنفسهم كأشخاص.

وقد تم ذلك بعدة طرق عبر تنفيذ أساليب إجرامية كعصابات المافيا مثل الإغواء بالإنشقاق عن الجيش مقابل مبالغ مالية سخية أو إرسال التهديديات لبعض الطيارين أو حتى تنفيذ عمليات إغتيال خسيسة ضد عدد كبير منهم، إذ أن الجماعات المسلحة كان لديها قوائم كاملة بأسماء جميع الطيارين في جميع القواعد الجوية، مع تفاصيل تتعلق باختصاصاتهم وعناوين سكنهم ونوعية الطائرات التي يقودونها ، وهو أمر ينطبق على الفنيين الجويين أيضا إلى حد ما لدرجة أن بعض القادة الميدانيين من قادة الأسراب والتشكيلات طلبوا من السلطات تغيير أماكن سكنهم وتخصيص وحدات مسلحة لحمايتهم وبعضهم لم ينتتظر رد السلطات وإنما بادروا من تلقاء أنفسهم بتغيير أمكنة سكنهم إعتمادا على أنفسهم.

ثانياً … التكتيك المباشر ( الدفاع الجوى الإيجابى ضد المقاتلات السورية)
وبما أنه قد تم تزويد تشكيلات وكتائب المعارضة المسلحة المختلفة من الجيش الحر والنصرة وداعش وغيره بكافة انواع الأسلحة بلا حدود سواء من الأسلحة الخفيفة والقنابل ومضادات الدروع وحتى الدبابات نفسها فقد توفر لها كذلك مختلف صنوف المدفعية م/ ط من كافة العيارات بدءاً من 14.5 ملم إلى 23 ملم والتى نجحت بدورها فى إصابة وإسقاط أعداد من الطائرات المروحية والنفاثة السورية المغيرة أو على الأقل إبعادها عن التنشين على أهدافها بدقة بيد أن للصواريخ المضادة للطائرات دور خطير لعبته حيث قدمت أطرافا خارجية للمسلحين صواريخ م/ ط بخلاف ما إستولى عليه المسلحون من مخازن الجيش السورى
شكّلت أيضاً الأسلحة المضادّة للطائرات ومنها القواذف المحمولة على الكتف تهديداً حقيقيا للنشاط الجوّي السوري على مدار سنوات المعارك
على الرغم من كون الإسقاط الأول لطائرات سورية من طراز ميج 21 في أغسطس 2012 قد تم بمدفع مضادّ للطائرات من عيار بوصة إلا أن القواذف الكتفية المضادّة للطائرات تصدّرت بعد ذلك عمليات الإسقاط منذ استيلاء الفصائل المسلّحة على كميات كبيرة من مستودعات الجيش السوري في حلب نوفمبر 2012 وهو نفس الشهر الذي شهد الإسقاط الأول لطائرة سورية باستخدام قاذف محمول على الكتف. شملت الأنواع التي تم الاستيلاء عليها القواذف الروسية إيجل وستريلا بجانب القاذف الكوري الشمالي استخدمت الفصائل المسلّحة القاذفين إيجل وستريلا ضد المقاتلات السورية بشكل مكثّف خلال عامي 2013 و2014 خصوصاً بعد وصول شحنة من قواذف إستريلا سام 7 إليها خلال عام 2013 أُرسلت من ليبيا بتمويل من قطر إلا أن هذا الاستخدام تناقصت وتيرته منذ منتصف عام 2014 نظرا إلىً افتقار أغلب الصواريخ الكتفية لبطاريّات تشغيل صالحة للعمل ما دفع بعض الفصائل إلى تصنيع بطاريّات محلية تسمح بتشغيل القواذف لفترات أطول.
في فبراير2013 سلّمت قطر إلى الفصائل المسلّحة بالاتفاق مع السودان شحنة كبيرة من القواذف صينية الصنع من طراز
( إف إن / 6 ) التي يمتلكها السودان وتتميّز بمدى أقصى أكبر من المدى المتوفّر للقواذف الروسية التى بحوزة الفصائل الإرهابية المسلّحة،
تبين أن المجموعات المسلّحة تلقت في هذه الفترة كميات من القواذف منها القاذف الروسي ستريلا سام / 7 الذي وصلت أعداد منه إلى ريف حلب وإدلب . أيضا تم رصد وصول كميات إضافية من القاذف الصيني المشار إليه “FN-6 ” إلى حمص كان التطور الأبرز في هذا الإطار هو تسجيل الظهور الأوّل لقاذف الباكستاني الصنع
“ANZA-MK2”
في ريف حلب الشمالي أواخر مارس 2016. هذا القاذف كان ضمن الأسلحة المحتمل وصولها إلى الفصائل المسلّحة المرتبطة بالسعودية عام 2014 في إطار شحنات الأسلحة شرقية الصنع ، لكن لم يتم تسجيل أي ظهور له سوى هذا العام. 2016 يشكّل هذا القاذف خطورة مهمّة على سلاح الجوّ السوري نظرا ً إلى مقاومته الإجراءات المضادّة للصواريخ الحرارية، ويبلغ ارتفاع تحليقه الأقصى 4كم ويصل مداه إلى 5كم بسرعة تبلغ 600 متر في الثانية.

تمكّن سلاح الجوّ السوري خلال عام 2015 باستخدامه للقاذفات الأحدث لديه وتراكم الخبرات لدى فنييه وطياريه من تقليص خسائره من الطائرات والتى نتجت من أسباب عديدة أهمها كثافة وسائط الدفاع الجوّي المتوفّرة لدى الفصائل المسلّحة، واعتماد سلاح الجوّ السوري منذ عام 2012 وحتى أوائل 2014 على الطائرات الأقدم لديه وطائرات التدريب المتقدّم لتنفيذ الطلعات القتالية لتفادي الاستنزاف الفني للأنواع الأحدث لديه.
تمكّن سلاح الجوّ السوري أيضاً من الحفاظ على معدل طلعات يبلغ فى المتوسط مائة طلعة يومياً نصفها على الأقل قتالي. تصاعد هذا الخطر يشكّل أيضاً التحدّي الأكبر أمام الطيارين السوريين، مدى قدرتهم على التعامل مع هذا التهديد
لكن من المؤكد أن الطيران السورى الباسل لم يتأثر كثيرا بتلك المعوقات رغم خطورتها ونجح فى تأدية دوره كاملاً مشرفاً بنجاح حتى نهاية مرحلة ماقبل التدخل الجوى الروسى المساند

وأخـــيـــراً
بعد دخول الطيران الروسى إلى خط القتال فى صفوف الجيش السورى منذ يوم 30 سبتمبر 2015 بإمكانياته التكنولوجية العالية وتطور طائراته فيما سمى بعاصفة السوخوى فقد تحول سلاح الجو السورى إلى رديف لسلاح الجو الروسى وخف العبء كثيرا على اسراب الطيران السورى المنهمكة من أعباء القتال الضارى المتصل على مدار سنوات وسنوات
تحية مخلصة من القلب إلى أبطال وطيارين السلاح الجو السورى الذى ظل عنيدا وقاسيا فى وجة أعداء الأمة الذين صمدوا بطائرات بالية عتيقة منذ سبعينات القرن العشرين فى وجه حرب كونية شرسة فرضت على سوريا لتركيعها وتمزيقها من حكومات 160 دولة متأمرة فى العالم

………………………………………………………………..
المصادر:

1- القوات الجوية السورية ودورها فى الحرب القائمة ـ مجموعة مقالات بمنتدى العسكرى العربى ـ من يناير إلى اغسطس 2015
2- سلاح الجو السورى يد النظام الطويلة ـ ثائر عباس جريدة الشرق الأوسط 18/8/2015
3- سلاح الجو السورى تعرض لمجزرة طيران لامثيل لها فى تاريخ أى دولة ـ مصدر معارض فى القوات الجوية السورية مقال منشور بالإنترنت فى أكتوبر 2012
4- أوهام القوة الجوية للمسلحين هل تبددت ؟ ـ الكاتب الصحفى العسكرى محمد منصور موقع الميادين نت بتاريخ 20 نوفمبر 2014
5- القواذف المضادة للطائرات بطل الخطة ب ؟ ـ الكاتب الصحفى العسكرى محمد منصور موقع الميادين نت بتاريخ 11 مايو 2016.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى