تفحمت جثته فى الزنزانة.. مأساة وفاة شاب مصري محترقا فى أحد سجون إيطاليا
رسالة إيطاليا: إكرامى هاشم
أثار إعلان إدارة السجون الإيطالية عن وفاة سجين شاب من أصول مصرية محترقا وتفحم حثته داخل محبسه جدلا إعلاميا ومجتمعيا كبيرا حول وضع السجون في إيطاليا.
القصة وما فيها
تفاجأ حراس سجن سان فيتوري بمدينة ميلانو الإيطالية، بخروج ألسنة نيران وتصاعد الدخان من داخل أحد الزنازين ليلة الجمعة الماضية 5 سبتمبر، فحاولوا إخماد النيران ليكتشفوا وجود جثة لأحد المساجين في حالة تفحم وشخص آخر مصاب بحروق بالغة.
وبالفحص يتبين أن الجثة لسجين من أصول مصرية يدعى “يوسف مختار برسوم” وعمره 18 عامًا ، ووصل إلى إيطاليا على متن قارب وهو في الخامسة عشرة من عمره قادماً من ليبيا، وتم تسليم الشاب لأحد مراكز رعاية الأحداث آنذاك وبحسب محامية الشاب والتي كانت تتابع قضيته فقد كان يوسف يعاني من اضطرابات نفسية كانت سبباً في هروبه أكثر من مرة من مراكز الرعاية علاوة على اتهامه مرتين في قضايا سرقة ولكن تمت تبرئته منها نظراً لظروفه الصحية إلا أن في المرة الأخيرة تم إيداعه السجن على ذمة القضية.
وبحسب ما صرح به مكتب المدعي العام في ميلانو فأن الحريق ربما نتج عن قيام القتيل بإشعال النار في بطانيته كشكل من أشكال الاحتجاج.
وضع السجون في إيطاليا
حالة الشاب يوسف فجرت الانتقادات والجدل على وسائل الإعلام حول حالات الانتحار المتكررة في سجون إيطاليا ووضع السجون بصفة عامة.
وبحسب تقارير وزارة الداخلية بلغت حالات الانتحار بين السجناء في إيطاليا منذ بداية العام الحالي 70 سجيناً علاوة على انتحار 7 ضباط.
وتعاني السجون في إيطاليا من الاكتظاظ بالسجناء بالنسبة للسعة الاستيعابية ففي سجن سان فيتوري والذي شهد الحادث المأساوي للشاب المصري يوجد به 1100 سجين، فيما تبلغ الطاقة الاستيعابية للسجن بـ 445 مكاناً متاحاً بنسبة اكتظاظ تزيد على 247% ويشرف عليهم 580 فرداً من قوة شرطة السجون.
وبصفة عامة، تكتظ سجون إيطاليا بما يقرب من 15 ألف سجين فوق طاقتها الاستيعابية وتعاني من نقص أكثر من 18 ألف فرد أمن علاوة على النقص في الصحة والطب النفسي والرعاية.
كما تشير التقديرات إلى أن أكثر من مائة شخص في إيطاليا يموتون قبل أوانهم خلف القضبان كل عام.
ومنذ بداية العام الحالي بلغت حالات الوفاة الغير طبيعية 167 حالة، وفي عام 2023 بلغت 157 حالة، وفي عام 2022 بلغت 171 حالة، وصف أحد الباحثين هذه الظاهرة بأنها “مجزرة صامتة”.
أما عن حالات الانتحار داخل السجون فهي تمثل نسبة كبيرة من تلك الوفيات، فقد شهد عام 2023 85 حالة انتحار داخل السجون و 70 حالة منذ بداية العام الحالي، وهو يعد رقماً قياسياً خلال الثلاثين سنة الماضية، ويمثل 16 حالة انتحار لكل عشرة آلاف امرأة و 11 حالة لكل عشرة آلاف رجل، وهو معدل مرتفع للغاية إذا ما قورن بمعدل الانتحار بين الشعب الإيطالي والذي يبلغ 0.67 لكل عشرة آلاف، أي أقل من حالة انتحار واحدة لكل عشرة آلاف شخص.
وتحتل إيطاليا المرتبة 24 من أصل 27 دولة من دول الاتحاد الأوروبي، من حيث عدد حالات الانتحار مقارنة بعدد السكان، لكنها تحتل المرتبة الثالثة إذا أخذنا بعين الاعتبار تلك التي تحدث في السجون.
أما عن حالة الاكتظاظ في عموم السجون الإيطالية فقد بلغ عدد السجناء خلال العام الحالي 61 ألف سجين مقابل 47 ألف مكان متاح بمعدل اكتظاظ يزيد عن 130%.
مأساة
والحالة المأساوية التي تجد السجون الإيطالية نفسها فيها قد تحدث عنها رئيس الجمهورية نفسه، سيرجيو ماتاريلا، في خطاب له خلال أحدى المناسبات الرسمية، في نهاية وتناول فى الخطاب ما وصفه بـ “أوضاع مؤلمة من الناحية الإنسانية”.
وقال رأس الدولة الإيطالية إن السجن لا يمكن أن يكون المكان الذي يفقد فيه كل أمل، ولا ينبغي أن يتحول إلى بيئة تشجع على العنف والإجرام.
وأضاف أن السجن ليس مجرد هيكل مادي يُسجن فيه المجرمون، بل هو مساحة تؤدي أو ينبغي أن تؤدي وظيفة اجتماعية مهمة للغاية.
كما أشار إليه الدستور نفسه بالأبيض والأسود، حيث يقال إن العقوبات لا يمكن أن تتكون من علاجات تتعارض مع الإنسانية ويجب أن تهدف إلى إعادة تأهيل المحكوم عليه، وهذا هدف يصب في مصلحة المجتمع بأكمله، وليس الشخص المعتقل فقط.