عاطف عبد الغني يكتب: حالة حقوق الإنسان في مصر
بيان
قبل أيام شاركت في مائدة مستديرة، دعا إليها المجلس القومي لحقوق الإنسان ؛ لمناقشة الشق الخاص بـ “مصر” في تقرير الخارجية الأمريكية عن الحرية الدينية الدولية لعام 2023، هذا التقرير السنوي الذي يصدر بانتظام منذ منتصف التسعينيات من القرن العشرين، ومسئول عنه مكتب الحرية الدينية الدولية (الأمريكي)، الذي يعرّف مهمته بأنه “يعمل علي تعزيز الاحترام العالمي لحرية الدين أو المعتقد للجميع كهدف أساسي للسياسة الخارجية للولايات المتحدة” فهل هذا التعريف ينطبق علي الواقع الذي تمارسه الدولة، التي نصبت نفسها سيدة ووصية علي العالم؟!.
بالطبع الإجابة بالنفي، لكن هذا لا يمنع أن نسجل الملاحظات الآتية:
أولا: منذ صدور هذا التقرير، كان من الواضح جدا أنه تقرير سياسي أكثر منه حقوقيا، ويتم توظيفه لأهداف محددة، أولها وأهمها استهداف خصوم الولايات المتحدة الأمريكية، ودول أخري بعينها علي أجندة المخططات الأمريكية يتم الضغط عليها (وتخويفها)، وكانت مصر منذ البداية إحدي هذه الدول، وكان التقرير أحد أدوات مخطط الربيع العربي ، وسياسة “الألف جرح”، التي كشف عنها سفير أمريكا الأسبق في مصر ريتشاردوني، في أحد تقارير السفارة السرية لواشنطن، وكشفتها “كابلات ويكليكس”، فيما بعد.
وصحيح أن التقرير الذي كنا نناقشه علي مائدة المجلس القومي لحقوق الإنسان خفت فيه حدة السياسة، لكنها لم تختف، ولاحظنا أن اللعب بورقة الأقليات، الطوائف الدينية المرفوضة من المسلمين والمسيحيين في مصر (بالمناسبة، بعض أفراد هذه الطوائف يعدون بالعشرات) لكن لا يزال “التقرير الأمريكي المشبوه” يوظفها ويعلي من شأنها أو يضخمها، من باب تذكير الدولة المصرية بأن أوراق الضغط موجودة، ويمكن إخراجها واستخدامها في أي وقت.
وثانيا من باب الإفلاس، فبعد التقدم الكبير الذي حققته الدولة المصرية في حالة الحريات الدينية، فليس هناك أمام واضعي التقرير ما يقولونه، ولهذا السبب لجأوا إلي “وسائل التواصل” وغيرها من المصادر الإعلامية غير الموثقة، ينقلون عنها بعض الحوادث، والسرديات الشعبوية، مع التركيز مثلا علي “البهائيين” وطائفة “شهود يهوه” المقيد نشاطهما في مصر بقرارات رسمية، ليعيدوا ويزيدوا في طلباتهما مثل حذف خانة الديانة في الأوراق الثبوتية، وضف إلي ما سبق دفاع التقرير عن الملاحدة، واللادينيين، والمثليين، وطلب التقرير منحهم حقوقهم التي لا أعرف ما هي؟ فهل هي مثلا منحهم حق الإعلان والتبشير بالإلحاد والكفر وممارسة الشذوذ.. أم ماذا؟!.
عموما الكلام لم ينته وربما نعود إلي هذا التقرير وقصته في مقال قادم.