ارفعوا العقوبات عن سوريا.. ألم يكفي خمس عقود من العقوبات؟
سوريا: أشرف التهامي
أكد المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان INTERNATIONAL COUNCIL SUPPORTING FAIR TRIAL AND HUMAN RIGHTS [ICSFT وكل أحرار العالم رفضهم لكافة العقوبات الاقتصادية الأحادية الجانب التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية على سوريا مشددين على أن هذه التدابير القسرية تخلف تبعات بعيدة المدى تمس حقوق الإنسان المكفولة وتُحدث أثراً بالغاً على الفقراء وأضعف الطبقات، كما تقوض فرص الحل السياسي.
جاء ذلك فى بيان مكتوب قدمه المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان فى بيان مكتوب قدمه “مجلس دعم المحاكمة العادلة” لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الاعتيادية رقم 45 بعنوان: ” ارفعوا العقوبات عن سوريا الآن”.
كما أكد المجلس الدولي وكل منظمات المجتمع المدني الحر على أنه لا ينبغي بأي ظرف من الظروف حرمان الناس من السبل الأساسية لبقائهم.
وأعرب الجميع عن قلقهم من شدة هذه العقوبات التي لا تقتصر على سوريا فحسب بل تمتد إلى البلدان التي تتعامل معها مؤكدين أن هذا خرق واضح لأبسط مبادئ القانون الدولي كونه يؤدي إلى إكراه البلدان على تطبيق تدابير قسرية أيضاً
كما حث المجلس الدولي الدول الأعضاء ووكالات الأمم المتحدة ذات الصلة أن تتخذ تدابير ملموسة لإلغاء تلك التدابير القسرية وتجنب استخدام تدابير اقتصادية أو سياسية أو غيرها من التدابير للضغط على دول أخرى فيما يتعلق بممارسة حقوقها السيادية. ويؤكد أن السلع الأساسية كالأغذية والأدوية ينبغي ألا تُستخدم كأداة للإكراه السياسي ولا يجوز في أي حال من الأحوال حرمان شعب من سبل عيشه وتنميته.
وطالب المجلس الدولي المقرر الخاص المعني بالأثر السلبي للتدابير القسرية الانفرادية أن يحقق بالجرائم الإنسانية التي تسببت بها العقوبات الغربية والأمريكية على الشعب السوري، داعيا لوجود آلية فورية تضغط على تلك الدول لإلغاء العقوبات ومساندة الدولة السورية لتجاوز تلك الأزمة.
العقوبات ضد سوريا
هي سلسلة من العقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا وأستراليا وسويسرا وجامعة الدول العربية، في الحرب السورية ضد الإرهاب اعتبارا من عام 2011 فصاعد، ويرجع ذلك أساسا إلى محاولة لإسقاط الدولة السورية، وزعزعة الأمن بالمنطقة لضمان أمن وسلامة الكيان الصهيوني.
في عام 1979، وضعت الولايات المتحدة سوريا على قائمة دول راعية للإرهاب.
وفي الفترة ما بين مارس وأغسطس 2004، أصدرت الولايات المتحدة جزاءات جديدة ضد الحكومة السورية. وهذه الجزاءات الجديدة هي متابعة لسياسة مكافحة محور الشر التي تقوم بها إدارة بوش، التي “تدين حيازة الدولة السورية لأسلحة الدمار الشامل، وتدين توأمتها مع لبنان واستعداده لتحالفه مع العراق، فضلا عن دعمها لحركات المقاومة مثل حزب الله وحماس”.
الجزاءات في أعقاب الحرب ضد الإرهاب
في مايو 2011، اعتمد الاتحاد الأوروبي عقوبات على سوريا، ولا سيما من خلال حظر الاتجار بالسلع تقوت السكان المدنيين، في محاولة لانقلاب الشعب على الحكومة السورية.
وفي أغسطس 2011، فرضت الولايات المتحدة حظرا على قطاع النفط، وتجميد الأصول المالية لعدد من الشخصيات، فضلا عن الأصول المالية للدولة السورية نفسها.
وبالإضافة إلى ذلك، تحظر الولايات المتحدة تصدير السلع والخدمات الآتية من أراضي الولايات المتحدة أو من شركات أو أشخاص من الولايات المتحدة إلى سوريا. ويتعلق هذا الحظر بأي منتج يأتي على الأقل 10 في المائة من القيمة من الولايات المتحدة أو من مواطنيها. ولهذا التدبير تأثير واسع النطاق على السكان السوريين وعلى أسعار السلع الأساسية والمنتجات الطبية.
وفي سبتمبر 2011، اعتمد الاتحاد الأوروبي، بدوره، حظرا على قطاع النفط السوري ، هذا الحظر له تأثير كبير على الاقتصاد السوري من خلال أهمية صادرات النفط إلى الاتحاد لسوريا قبل الحرب ضد الإرهاب، التي كانت حوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي.
في نوفمبر 2011، أعلنت الجامعة العربية عن تجميد الأصول المالية للحكومة السورية، وانتهاء التبادل المالي مع البنك المركزي السوري، ووقف الخطوط الجوية بين بلدان الجامعة العربية وسوريا، والحظر المفروض على إقامة العديد من الشخصيات السورية، ووقف الاستثمارات في سوريا من جانب دول الجامعة العربية ، وقد عارض لبنان واليمن هذه الجزاءات ، وفي الشهر نفسه، أعلنت تركيا أيضاً تجميد الأصول المالية للدولة السورية.
كما فرضت كندا وأستراليا وسويسرا جزاءات اقتصادية ومالية على سوريا، فعلى سبيل المثال، تحظر كندا، من خلال عدة جولات من القرارات التي اتخذت في الفترة من مايو 2011 إلى نوفمبر 2012، جميع واردات السلع من سوريا، وكذلك تصدير السلع الكمالية إلى سوريا، والخدمات المالية المتصلة بسوريا وأي استثمار في هذا البلد.
وفي فبراير 2012، وضع الاتحاد الأوروبي تدابير جزاءات أخرى تتعلق بقطاع الطاقة، وإمدادات الأسلحة، والقطاع المالي في سوريا، فضلا عن قطاع التعدين.
وبالإضافة إلى ذلك، في عام 2012، جمّد الاتحاد الأوروبي الأصول المالية لـ120 من المسؤولين أو المؤسسات السورية، ولا يمكنهم السفر إلى الاتحاد الأوروبي. ويشمل ذلك الرئيس بشار الأسد، والمصرف المركزي السوري وعدة وزراء.
في يونيو 2012، حظر الاتحاد الأوروبي تجارة السلع الكمالية مع سوريا، فضلاً عن عدد من المنتجات التجارية. وفي الوقت نفسه، عزز الاتحاد الأوروبي تدابير القيود المفروضة على سوريا في مجالات التسلح وإنفاذ القانون ومراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية.
في مارس 2017، كان قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يهدف إلى فرض جزاءات على سوريا عقب استخدام الأسلحة الكيميائية في أراضيها حسب زعم صانعي القرار في مجلس الأمن.
بيد أن روسيا والصين استخدما حق النقض. إنه مشروع القرار السابع المتعلق بالجزاءات التي رُفضت نتيجة لممارسة حق النقض. ويتوخى القرار حظر الاتجار في قطع المروحيات وتجميد الأصول المالية لبعض الشخصيات العسكرية من الحكومة السورية.
في أبريل 2017، فرضت الولايات المتحدة التجميد المالي وحظر السفر على الخدمات المالية ضد 270 موظفاً حكومياً في الحكومة السورية في أعقاب هجوم خان شيخون المزعوم.
هذا و يمكن تقسيم مسيرة العقوبات الأميركية على سوريا خلال العقود الخمسة الماضية إلى 5 مراحل زمنية هي:
1- مرحلة نهاية السبعينيات والثمانينيات التي شهدت فرض واشنطن عقوبات اقتصادية وتكنولوجية على دمشق، وصلت إلى مرحلة فرض حصار اقتصادي غربي كامل في منتصف الثمانينيات، وهو ما دفع دمشق إلى تحويل الأزمة إلى فرصة اقتصادية جعلت منها بعد سنوات قليلة دولة زراعية منتجة قادرة على تأمين مقومات أمنها الغذائي.
2- المرحلة الثانية التي جاءت بعض منتصف العقد الأول من القرن الحالي، وتحديداً بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005، والتي شملت عقوبات دبلوماسية ومالية ومصرفية وتكنولوجية. هذه العقوبات حالت مثلاً دون تمكّن دمشق من إتمام صفقة لشراء طائرات مدنية من طراز “إيرباص” لدعم الأسطول الجوي السوري.
3- المرحلة الثالثة من العقوبات الأميركيّة ولدت مع الأسابيع الأولى للأزمة الحالية في العام 2011، وشملت جوانب عدة، أهمها العقوبات على صادرات النفط السورية، ومن ثم وارداتها من المشتقات النفطية، إضافةً إلى العقوبات التي كانت تستهدف دورياً شخصيات وكيانات سورية بذريعة دعم الحكومة السورية.
وبحسب التقديرات البحثية التي نشرت في هذا الصدد، فإن العقوبات الغربية أسهمت مع نهاية العام 2013 في حدوث خسائر قدرت نسبتها بنحو 28.5% من الخسائر المتحققة في الناتج المحلي الإجمالي.
4- دخلت العقوبات الأميركية مرحلتها الرابعة مع إقرار قانون قيصر بداية العام 2020 ووضعه موضع التنفيذ منتصف ذلك العام، لكن عملياً يمكن القول إن تلك المرحلة التصعيدية من العقوبات بدأت مع الأيام الأولى للعام 2019.
آنذاك، كانت وحدات الجيش السوري تحقق مع حلفائها تقدماً على جبهات عدة وتستعيد السيطرة على مناطق واسعة، من بينها معابر حدودية حيوية مع كل من الأردن والعراق، الأمر الذي دفع واشنطن إلى الضغط على الدول المجاورة لسوريا لمنع رفع مستوى التعاون التجاري بينها وبين دمشق.
وأسهم تطبيق قانون “قيصر”، إلى جانب عوامل أخرى، في حدوث المزيد من التدهور في الأوضاع الاقتصادية في سوريا، التي كانت أساساً أوضاعاً هشة جراء عقد كامل من الحرب. وهناك مؤشرات إحصائية تؤكد مثل ذلك التدهور، كمعدل التضخم، وواقع سعر صرف الليرة السورية، ومعدل الفقر، وانعدام الأمن الغذائي، وارتفاع موجات الهجرة من جديد.
5- مع نهاية العام 2022، صعدت الولايات المتحدة الأميركية عقوباتها على سوريا عبر إقرارها قانوناً جديداً سمي “قانون الكبتاغون”، وكانت أولى نتائجه، فرض عقوبات على قطاع الصحة.
ومن المتوقّع أن تشهد المرحلة القادمة مزيداً من الإجراءات الأميركية التي في ظاهرها محاربة تجارة الكبتاغون المزعومة، وفي جوهرها محاولة إحداث عزلة اقتصادية لسوريا مع العالم الخارجي، من خلال تشديد الإجراءات والقيود المفروضة على المستوردات السورية وعرقلة انسياب الصادرات السورية نحو الأسواق العربية والدولية.
الأثر التراكمي للعقوبات
رغم عدم وجود تقديرات رسمية أو حتى غير رسمية لحجم الخسائر التي لحقت بالاقتصاد السوري جراء العقوبات الأميركية، فإنَّ هناك أرقاماً تؤشر إلى أنَّ حجم تلك الخسائر ليس بالقليل. مثلاً، بحسب وزارة النفط السورية، فإن البلاد تكبدت حتى نهاية العام الماضي خسائر قدرها 87 مليار دولار جراء ما يسمى فوات قيمة الإنتاج النفطي والغازي، فضلاً عن الخسائر المترتبة على سرقة الولايات المتحدة الأميركية الكميات النفطية المنتجة من الحقول التي تحتلها. هذه الخسائر تقدر بنحو 26 مليار دولار.
وكذلك، يمكننا إسقاط التقديرات البحثية السابق ذكرها ومقاربتها مع آخر رقم رسمي منشور عن الناتج المحلي الإجمالي يعود إلى العام 2020، لنجد أنَّ خسائر العقوبات، بناء على تقديرات عام 2013، تصل إلى نحو 4 مليارات دولار في عام واحد فقط، وذلك بناء على سعر الصرف الرسمي البالغ آنذاك 1250 ليرة للدولار الواحد، لكن الرقم عملياً أكبر من ذلك في ضوء تصاعد العقوبات الأميركية وشمولها معظم قطاعات الحياة اليومية للسوريين.
ولتوضيح أثر العقوبات الأميركية والغربية في عرقلة الاستجابة السريعة لتداعيات الزلزال الأخير، يمكن تحديد سببين هما:
الأثر التراكمي لتأثيرات العقوبات المستمرة منذ العام 2011، والتي عرقلت جهود المؤسسات الحكومية في مسعاها لإعادة تأهيل البنى التحتية والمرافق الخدمية وإصلاحها وتزويدها بمستلزمات عملها واحتياجاتها الضرورية. والدليل على ذلك ما تقوله البيانات الحكومية المالية السنوية من أن فشل العديد من العقود والمناقصات الحكومية المتعلقة بالقطاعات الاقتصادية والخدمية سببه العقوبات الغربية.
يتجلّى هذا الأثر التراكمي في النتائج التالية:
أ- العقوبات المباشرة على قطاعات الطاقة والبناء وإعادة الإعمار والمصارف وغيرها، الأمر الَّذي حال دون تمكن البلاد من تأمين احتياجاتها من الآليات والتجهيزات الحديثة وقطع التبديل والدعم الفني.
كان هذا عاملاً أساسياً في تراجع الإنتاج النفطي والغازي من الحقول الواقعة تحت سيطرة الحكومة، وفي عرقلة تنفيذ مشروعات لدعم محطات توليد الطاقة الكهربائية، وكذلك في توفير الآليات والروافع وغيرها. وبناءً عليه، فإنَّ هذه القطاعات لم تكن في وضع يسمح بالتعامل مع تداعيات الزلزال من دون دعم دولي.
ب- انخفاض سعر صرف الليرة بشكل كبير خلال السنوات التي أعقبت تشديد الحصار الأميركي على البلاد مع بداية العام 2019، إذ تراجع سعر الصرف من نحو 447 ليرة عام 2018 إلى نحو 15000 ليرة حالياً.
وهناك اعتراف أميركي صريح بأن العقوبات كانت سبباً مباشراً في تحقيق ذلك. هذا الانخفاض ترك تأثيراته المباشرة وغير المباشرة في قدرة البلاد على تأمين احتياجاتها من الغذاء والدواء والمشتقات النفطية والتجهيزات التقنية وغيرها.
ج- ارتفاع تكاليف استيراد السلع والمواد بسبب ارتفاع مخاطر التعامل مع سوريا، والتقديرات الرسمية في سوريا تتحدث عن أن العقوبات أسهمت في ارتفاع التكاليف بحدود 50%. قطاعا الغذاء والدواء هما الأكثر حضوراً هنا، رغم الحديث الغربي عن استثنائهما من العقوبات، إلا أنهما كانا فعلياً متأثرين إلى درجة كبيرة.
ومع ارتفاع الأسعار العالمية في الآونة الأخيرة، فإن المواطن السوري فقد القدرة على شراء العديد من السلع الضرورية، ما أدى تدريجياً إلى زيادة أعداد الأسر غير الآمنة غذائياً، وتعثر جهود استعادة دوران العجلة الإنتاجية.
د- تعثر عملية إعادة إعمار المدن والمناطق المدمرة والمتضررة جزئياً، التي كان يؤمل شعبياً أن تنطلق بعد استعادة الحكومة السيطرة على مناطق واسعة في عامي 2017 و2018. ويمكن ملاحظة أثر ذلك بمراجعة طبيعة الأضرار التي حصلت في حلب إثر الزلزال الأخير، فالجزء الأكبر من الضرر شمل الأبنية المتأثرة بشكل غير مباشر من تداعيات الحرب.
أما السّبب الثاني لأثر العقوبات الأميركية في إضعاف الاستجابة السورية لتداعيات الزلزال، فهو يكمن في شبكة الخوف من التعامل مع الحكومة السورية، التي حرصت الإدارة الأميركية على نشرها حول العالم على مدار السنوات الماضية، سواء بالضغوط العلنية أو بالتهديدات غير المباشرة، وإلا بما يمكن تفسير ما يلي:
أ- عزوف معظم الشركات العالمية في العديد من التخصصات والقطاعات عن التعاون والتعامل مع المؤسسات السورية والحكومية والخاصة، واشتراطها غالباً التعامل عبر طرف ثالث (شركة في دولة أخرى، ميناء غير سوري….)، والمبررات هي دوماً الخوف من التعرض للعقوبات الأميركية.
للأسف، فإن شبكة الخوف هذه وصلت إلى شركات ومؤسسات في دول تساند سوريا سياسياً. ماذا يعني ذلك؟
يعني مزيداً من التكاليف والنفقات والأزمات المعيشية والصحية التي يضطر السوريون إلى تحملها رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
ب- تخوّف الحكومات من التعاون الاقتصادي وإرسال المساعدات الإغاثية إلى سوريا قبل حادثة الزلزال الأخير وبعدها. وأهم مثال على ذلك رفض واشنطن منح الحكومة المصرية تصريحاً خطياً لتصدير الغاز إلى لبنان عبر الأراضي السورية، وضغوطها المستمرة على الأردن للحؤول دون تشغيل المعبر الحدودي مع سوريا بكامل طاقته التشغيلية، وكذلك بعض ردود الفعل التي حصلت إثر وقوع الزلزال الأخير.
فقط ارفعوا العقوبات
على الرغم من خطورة الأثر السلبي الطويل للعقوبات الغربية في الاقتصاد السوري، فإنَّ رفع تلك العقوبات يمكن أن يسهم خلال فترة قصيرة في تحقيق نتائج إيجابية تنعكس آثارها على حياة السكان ومعيشتهم، من قبيل ترميم احتياجات البلاد من السلع والاحتياجات الضرورية لقطاعات الصحة والغذاء بشكل سريع، وبعيداً من أي تكاليف إضافية، والإفراج عن الأموال والممتلكات السورية المحتجزة في الخارج واستثمارها في تمويل احتياجات البلاد، وتمكين الحكومة السورية من مواجهة مرحلة ما الحرب الجائرة على الدولة السورية والشعب السوري، وحدوث تحسن تدريجي في الوضع الاقتصادي العام في البلاد، وهو ما ينعكس إيجاباً على الوضع المعيشي للسوريين في عموم البلاد.
تجدد الدعوات الغربية لرفع العقوبات
دعت خبيرة حقوقية مستقلة تعمل لدى الأمم المتحدة إلى رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا. وقالت ألينا دوهان، المقررة الخاصة لدى المنظمة الدولية المعنية بإعداد تقرير خاص حول أثر التدابير أحادية الجانب على حقوق الإنسان، في بيان “أحث على الرفع الفوري لجميع العقوبات أحادية الجانب التي تضر بشدة بحقوق الإنسان وتمنع أي جهود للتعافي المبكر وإعادة البناء والإعمار”. وأكد بيان الخبيرة أن العقوبات على سوريا “قد ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية”.
كما دعت عضو في البرلمان الألماني “البوندستاغ” وزعيمة حزب “من أجل العقل والعدالة” سارة فاجنكنشت، إلى رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا بهدف الحد من تدفق اللاجئين إلى ألمانيا.
وأكد فاجنكنشت في مقابلة مع صحيفة “تاجشبيجل” الألمانية أمس السبت، أنه يتعين على بلادها رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، باعتبار أن الحرب انتهت.
وشددت على أنه قبل الحرب كانت سوريا دولة “مزدهرة نسبياً” ولم يأتِ منها أي لاجئ تقريباً، مضيفة أن “الوضع المتعلق بسوريا الآن في تراجع، لأن العقوبات الاقتصادية الصارمة لا تسمح باستعادة الوضع السابق”.
وقالت: “أدعو إلى التوقف عن توفير حماية إضافية للسوريين الوافدين حديثاً، بل إلى مساعدة البلاد في التعافي بدلًا من ذلك”، موضحة أن هناك ما يقارب مليون سوري في ألمانيا.
وتابعت: “أنا أتحدث عن وجود إشارة لإيقاف أولئك الذين يريدون القدوم إلى ألمانيا ولمساعدة سوريا في خلق آفاق جديدة”.
وتكررت في الآونة الأخيرة الدعوات لرفع العقوبات عن سوريا من أطراف غربية عدة، ففي تموز الفائت طالبت ثماني دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي (النمسا، وكرواتيا، وقبرص، والتشيك، واليونان، وإيطاليا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا) بإعادة تقييم العلاقات مع سوريا والتواصل مع دمشق.
وأفاد تقرير نشرته قناة “DW” الألمانية بأن هذه الدول اقترحت في رسالة وجهتها إلى الممثل الأعلى للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، جملة من الإجراءات من ضمنها تعيين مبعوث خاص إلى سوريا، وذلك وفق ورقة مناقشة قُدّمت في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
وأشارت الرسالة إلى أن السياسة التي يتبعها الاتحاد الأوروبي لم تجدِ نفعاً، سيما سياسة العقوبات، لافتة إلى أنه “فيما يتعلق بالعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي في الماضي، لم يكن لها التأثير المطلوب وكان لها تأثير سلبي في عامة السكان أكثر من تأثيرها في صناع القرار”.
وفي الشهر نفسه، أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، أن روما قررت تعيين سفير لها في سوريا، وقال تاياني: “إن سياسة الاتحاد الأوروبي في سوريا يجب أن تتكيف مع تطور الوضع”، مضيفا أن “إيطاليا تلقت دعماً من النمسا وكرواتيا واليونان وجمهورية التشيك وسلوفينيا وقبرص وسلوفاكيا”، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تتماشى مع الرسالة التي أرسلها ممثلو 8 دول من الاتحاد الأوروبي، إلى الممثل الأعلى للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، وفي هذا الصدد أوضح وزير الخارجية الإيطالي أن: “بوريل كلّف هيئة العمل الخارجي الأوروبية بدراسة ما يمكن فعله”.
وفي سياق متصل، أفادت صحيفة “واشنطن بوست” في أبريل الفائت بأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، عرقلت تمرير مشروع قانون العقوبات الذي يمنع التطبيع مع دمشق، ضمن حزمة التشريعات العاجلة في مجلس الشيوخ الأمريكي، التي وقّع عليها بايدن قبل أسبوع وأصبحت قوانين نافذة.
يشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تتبع سياسة العقوبات ضد سوريا منذ عام 1980، وعام 2003 فرضت الإدارة الأمريكية قانوناً بعنوان “محاسبة سوريا” وشملت العقوبات مسؤولين سوريين، ومؤسسات عامة، وتضمنت أيضاً تجميداً للأموال وحظراً للتعاملات التجارية مع الشخصيات المادية والمعنوية المشمولة بالعقوبات، واستمرت واشنطن بتوسيع هذه العقوبات أكثر بعد الحرب على سوريا عام 2011، في وقت تشير فيه أوساط أمريكية إلى أن سلاح العقوبات لم يكن له التأثير المتوقع.