شريف عبد القادر يكتب: رفقا بساكنى الإيجارات القديمة ولاتذبحوهم
بيان
البعض يتحدثون دائمًا عن ظلم واقع على ملاك العقارات القديمة. وغاب عنهم أن سبب هذه المظلومية هو سياسات الحكومات المتتالية.
ولو عدنا إلى سنوات الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، كان أصحاب الشقق يقومون بتبخيرها ليأتي لها سكان. وكان المالك يتحمل قيمة استهلاك المياه وإنارة السلم والبواب إن وجد ورسوم العوائد.
وكان بعض الأسر يفضلون الانتقال لسكن آخر كل عدة سنوات للتغيير للأفضل. وكان المالك، عندما يعلم أن أحد السكان ينوي ترك السكن، كان يتودد إليه ليتراجع مع ذكر عبارة كانت متفشية وهي “دا إحنا بقينا أهل”.
وعقب الاتحاد مع سوريا، ظهر ما يسمى بـ”خلو الرجل”، يسدده راغب الاستئجار، وكان ما بين 300 إلى 600 جنيه في الأحياء الراقية.
وقد فوجئ جمال عبد الناصر بالخلو عندما فوض أحد بالبحث عن شقة بمصر الجديدة قرب سكن ابنتة منى. وعندما حكى لعثمان أحمد عثمان عن الخلو، وكان يقوم ببناء عمارات الميرلاند، فقال له: “بقيمة الخلو سأبني لابنتك فيلا بجوار عمارات الميرلاند وبنفس القيمة وبالتقسيط”.
وبالفعل تم بناؤها وسكنتها. واستمرت إيجارات الشقق بخلو الرجل وإن لم يكن يثبت في العقد وإن كان يرتفع كل فترة زمنية.
ومع الانفتاح الاقتصادي في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، صدرت قوانين أو قرارات تبيح لمالك العقار حديث البناء تمليك نصف الشقق وتأجير النصف الآخر.
ولكن ما كان يحدث كان يتم تمليك النصف المخصص للإيجار بحيل وألاعيب خبيثة. ومع مرور السنين، ارتفعت أسعار العقارات والأراضي مما أصاب بعض أصحاب العقارات القديمة بالإحباط وقام بعضهم بمحاولات لهدم عقاراتهم فوق رؤوس السكان. وعندما يصدر قرار بهدم عقار، فلا يستلمه المالك من الحي، لأنه ملزم بتكاليف الهدم والمفروض أن يلتزم بذلك السكان. وعدم استلام المالك لقرار الهدم ليرغب أن ينهار
ومنذ الانفتاح الاقتصادي، أصبح المستأجر يسدد قيمة المياه والكهرباء والعوائد وما إلى ذلك مما يخص المرافق.
وفي فترة الستينيات من القرن الماضي، أقامت الدولة مساكن شعبية من أربع أو ثلاث غرف، وكانت قيمة إيجاراتها مماثلة للشقق في الأحياء الشعبية. وفي أواخر عام 1977، صدر قرار من الحكومة بتمليك المساكن الشعبية لساكنيها دون الأراضي، حيث اعتبرت الحكومة أن قيمة الإيجارات التي سددها سكان هذه المساكن منذ تسلمهم لها وحتى صدور القرار غطت قيمة بنائها.
ولو نظرنا إلى العقارات القديمة، سنجد أن قيمة الأرض والبناء جمعوها من الإيجارات عدة مرات، ولأن الدولة كان لها دور في اشتعال أسعار المساكن بسبب عملها من خلال وزارة الإسكان في بناء العقارات، حيث ابتدع المزادات فيها المغربي وزير الإسكان إبان حكم مبارك، وبسبب حب التغول، تجد ملايين الشقق التابعة للقطاع الخاص مغلقة بسبب أسعارها المبالغ فيها.
وطبعاً ما يعلن عن الأسعار الخرافية أصاب بعض أصحاب العقارات القديمة بهستيريا، بالإضافة إلى مغامرين اشتروا عقارات قديمة مشغولة بسكان بأسعار متدنية اعتقادًا منهم أنها استثمار مستقبلي.
وإذا كانت الدولة لم ترفع إيجارات الشقق القديمة، فإنها كانت تكتفي باستغلال الملاك والمستأجرين من فواتير الكهرباء والمياه وما إلى ذلك. كما أن الكثير من المستأجرين القدامى ينطبق عليهم مقولة “يا حائط دارني” سواء بأحياء راقية أو متوسطة أو شعبية.
ولارتفاع أصوات أصحاب العقارات القديمة المطالبين بإخلاء مستأجري الشقق وفقًا للقانون القديم، فقد تفضلت المحكمة الدستورية العليا بإصدار حكم بتاريخ 14 نوفمبر 2002 يقضي بالآتى:
١- إذا كان عقد إيجار المستأجر الأصلي قبل تاريخ الحكم ثم توفي، فإن زوجة المستأجر وأولاده ووالديه المقيمين معه قبل وفاته إقامة دائمة يعتبرون أيًا منهم مستأجرًا أصليًا، وبعد ذلك يتم تمديد العقد مرة واحدة فقط للحفيد الذي كان مقيمًا مع والد الممتد له العقد قانونًا من الجد.
٢ – إذا توفي المستأجر الأصلي بعد تاريخ الحكم (14 نوفمبر 2002)، يبقى زوجته ووالديه وابنته فقط، أما الحفيد فلا يحق له البقاء ومن حق المالك استرداد الشقة بمجرد وفاة الأب الممتد له العقد.
وهذا الحكم بصفة عامة هو الذي يطبق في جميع المحاكم المدنية للإيجارات. وكما هو واضح من الحكم، أنه لا يبيح الإقامة مدى الحياة، ولكنه يحمي ضحايا وأبناء ضحايا لسياسات متخبطة منذ ونطبق كدا أهو يا زعيم الاشتراكية ثم الانفتاح الاقتصادي وربط الحزام حتى عام 1980 ثم خطط خمسية ثم خمسية ثم عشرية، وكمان عشرية لنبتلى بعورة 25 يناير 2011 وتبعاتها المؤذية حتى 2013.
ولابد أن نضع فى الإعتبار أن شقق الإيجار القديم بتنقرض والمتبقى منها سكانها يحتمون بحكم المحكمة الدستورية العليا.
ولابد أن نضع في الاعتبار أن شقق الإيجار القديم تنقرض، والمتبقي منها سكانها يحتمون بحكم المحكمة الدستورية العليا. وبدلاً من الحديث عن شقق الإيجار القديم وعددها، فليُفردوا العمارات والأراضي الزراعية التي تم تأميمها ممن أسموهم بالأقطاعيين، لأن بعد 23 يوليو 1952 وحتى الآن ظهر من يفوق ثرائهم ويفوقهم عددًا.
لذا، يجب معاملة مستأجري الشقق القديمة برفق وعدم التضييق عليهم.
رفقا بساكنى الإيجارات القديمة ولاتذبحوهم.