طارق صلاح الدين يناقش ويفند وصف ضربات إيران ضد إسرائيل بـ”المسرحية”

 بيان

مقدمة:

الكاتب طارق صلاح الدين
الكاتب طارق صلاح الدين

فى التقرير التالى يناقش الكاتب والمحلل السياسى طارق صلاح الدين حقيقة المواجهات الأخيرة بين إسرائيل وإيران، مفندا ما شاع على بعض وسائل التواصل من وصف للضربات الإيرانية ضد العدو الصهيونى، وما تردد من أنها “مسرحية” متفق عليها مع الجانب الأمريكى.. فهل هى حقا كذلك؟.. اعرف الإجابة فى التالى:

التقرير:   

تعبير المسرحية فرض نفسه بشدة على الواقع العسكرى والسياسى بين إيران وإسرائيل.
وبدأ الترويج لهذا اللفظ المسرحية مساء ١٣ أبريل ٢٠٢٤ عندما وجهت إيران سلسلة هجمات عسكرية جوية محدودة بعدد ١٧٠طائرات مسيرة وأكثر من ١٢٠ صاروخ باليستي على القواعد العسكرية الإسرائيلية (رامون) و (نفاطيم) كرد فعل على الغارة الجوية الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق يوم الأول من إبريل ٢٠٢٤ والتى أسفرت عن مقتل ١٦شخصا أبرزهم الجنرال محمد رضا زاهدى القائد الأبرز في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

الأسباب

ويعود السبب الرئيس فى إطلاق لقب (المسرحية) على هذه العملية هو إعلان إيران أنها أبلغت واشنطن بهذه العملية قبل ٧٢ ساعة من تنفيذها وهو مافسره الكثيرون بأنه فقدان لعنصر المفاجأة ويسمح لإسرائيل وأمريكا وباقى الحلفاء بالتحسب لصد هذه الهجمات وهو ما اعتبرته إيران تحد وأعلنت نجاح هجماتها الصاروخية رغم الإبلاغ المسبق عنها.
العنصر الثانى الذى ساهم بقوة في إطلاق مسمى (المسرحية) على هذه العملية هو تكتم اسرائيل الشديد على خسائرها حرصا على معنويات الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
وهذا التقليد تتبعه اسرائيل بشكل واضح منذ السابع من أكتوبر الماضي وتلتزم به بشكل مطلق فى مناوشاتها مع حزب الله.
أما ثالث العناصر المؤدية لإطلاق وصف المسرحية فكان سببه المباشر حسين أمير عبدالله يان وزير الخارجية الإيرانى السابق الذى لقى مصرعه مع الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيس فى حادث تحطم مروحية على حدود أذربيجان، وكان الأخير قد عقّب على الغارات الإيرانية بأنها لم تستهدف المواقع الاقتصادية أو المدنية الإسرائيلية وأن الهجمات فقط جاءت لتوبيخ وتحذير إسرائيل من تكرار هذا العمل.

فشل هذه الهجمات الإيرانية

وهكذا رسمت هذه الاعتبارات الشكل التمثيلى على الهجمات الإيرانية على إسرائيل.
وأبرز تأكيد لفشل هذه الهجمات كان الرد الإسرائيلى باغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس فى قلب العاصمة الإيرانية طهران مما وضع إيران على محك تكرار الهجمات مرة أخرى على إسرائيل وتحلت إيران بصبرها الاستراتيجي على مدى شهرين فقام الإسرائيلى بسلسلة هجمات ردا على عدم الرد الإيرانى وكان أول هذه الإجراءات هو تفجير أجهزة “البيجر واللاسلكى” والتى أحدثت صدمة مروعة لدى حزب الله وفقد ثلاثة آلاف ومائتى جندى من قواته في ثوانى معدودة واعقبتها عملية اغتيال نخبة من القادة على رأسهم إبراهيم عقيل قائد قوة الرضوان وهى قوة النخبة داخل حزب الله ثم لاحقا اغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله وبصحبته مجموعة من قادة الصف الأول أبرزهم على كركى قائد المنطقة الجنوبية والذى حل بديلا لإبراهيم عقيل بعد اغتيال الأخير، ونبيل قاووق مسئول وحدة الأمن الوقائي داخل حزب الله بالإضافة إلي عباس نيلفورشان قائد الحرس الثوري الإيراني فى العاصمة بيروت.

وصف المسرحية مرة ثانية

ولم تجد إيران بديلا عن تكرار هجماتها على اسرائيل، والتى تكرر معها للمرة الثانية إطلاق وصف المسرحية على هذه الهجمات رغم عدم قيام إيران هذه المرة بالإبلاغ المسبق عن هذه الهجملت للولايات المتحدة الأمريكية.
وشهدت الهجمات الأخيرة زيادة كبيرة في اعداد الصواريخ التى بلغت قرابة المائتى صاروخ باليستى فرط صوتى من طراز فتاح.

ورغم قيام مدمرات البحرية الأمريكية بإطلاق اثنى عشر صاروخا اعتراضيا ضد الصواريخ الإيرانية وكذلك تفعيل اسرائيل لنظام مقلاع داوود المشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك صواريخ أرو٢ و أرو٣ إلا أن عددا ضخما من الصواريخ تمكن من الوصول إلى مواقع عسكرية داخل اسرائيل.

ورغم تأكيد الحرس الثوري الايراني على نجاح الهجوم الصاروخى الإيرانى بنسبة ٩٠% ورغم صمت إيران بالتمويه قبل الهجوم فقد استمر إطلاق وصف المسرحية مصاحبا للهجوم الإيرانى وهو فى رأيى غباء منقطع النظير لكل من يطلق لفظ المسرحية على الهجوم الأخير وخاصة بعد اعتراف الجيش الإسرائيلى لأول مرة بتضرر عدة قواعد جوية بسبب الهجوم الإيرانى.

الخسائر

ونشرت وكالة (اسوشيتدبرس) نقلا عن الأقمار الاصطناعية صورا توضح أضرار جسيمة في قاعدة (نيفاتيم) الجوية العسكرية فى جنوب اسرائيل وأبرزها ثقب كبير في سقف الحظيرة وسقف صف من المبانى قرب المدرج الرئيس مع انتشار قطع كبيرة من الحطام حول المبنى.

وكشف تقرير لمجلة MILITARY WACH MAGAZINE أن طائرات F35 الشبح والباهظة الثمن كانت ضمن استهدافات هجمات إيران الصاروخية والتى نجحت في تدمير أكثر من 20 مقاتلة فى خطوة هامة نحو الحد من قدرة اسرائيل الجوية والتى لن تتسلم اسرائيل الدفعة الثالثة منها قبل عام ٢٠٢٨ بسبب مشكلات تتعلق بالإنتاج.

بالإضافة إلى خسائر طائرات F15 في قاعدة حتسريم الجوية وهجمات الطائرات المسيرة على منشآت قاعدة رمات ديفيد.

تبنى الروايات الإسرائيلية

لذلك أرى أنه من غير المنطقى بالمرة من الزاوية العسكرية إطلاق وصف (المسرحية) على الهجمات الإيرانية على إسرائيل.
ورغم ذلك تظل اللجان الإليكترونية الصهيونية وتساعدها لجان تابعة للعديد من الدول العربية ذات العداء الشديد لإيران مستمرة في ترديد سردية المسرحية بعد ثبات كذب سردية المؤامرة بين إيران وإسرائيل على العرب وخاصة السنة منهم.

ولا أدرى كيف يندفع البعض في تبنى الروايات الإسرائيلية وترويجها إلى هذا الحد والذى لايبرره العداء الرهيب لإيران لأن انتصار اسرائيل فى هذه الحرب ستكون له عواقب وخيمة أقلها ما أعلنه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى بشأن إتباع إسرائيل خطة منهجية لتغيير واقع الشرق الأوسط، وسعى وزير الطاقة الإسرائيلى إيلى كوهين إلى إلغاء إتفاقية الغاز مع لبنان ووصفها بأنها كانت خطأ إسرائيلى فادح مما يلقى بظلال الشك على مدى إلتزام إسرائيل باتفاقاتها عندما تميل موازين القوى إلى صالحها.

الحرب البرية

ويعتبر الهجوم الصاروخى الإيرانى بالدرجة الأولى دعما واضحا لحزب الله الذى يخوض مواجهات برية مباشرة مع الجيش الإسرائيلى بعد سلسلة ضربات دامية ظن نتنياهو أنها قلصت قدراته بمقدار النصف على أسوء تقدير إلا أن مقاتلى حزب الله أثبتوا قدرات فائقة في التصدى لمحاولات التسلل الإسرائيلى عبر العديسة أمس الأربعاء والتى اوقعوا فيها ثمانية قتلى دفعة واحد بالإضافة إلي عشرات المصابين.

وتفجير حزب الله عبوتين ناسفتين في مجموعة إسرائيلية تسللت إلى بلدة مارون الرأس جنوبى لبنان اليوم الخميس مما أدى إلى تراجع مجموعة مشاة وآليات إسرائيلية إلى ماوراء الخط الأزرق.
وأعلنت وسائل الإعلام الإسرائيلية اليوم الخميس أيضا عن وقوع حدث خطير وغير عادى فى الشمال على الحدود اللبناتية دون أن تكشف عن طبيعة هذا الحدث مكتفية بالتأكيد على أن طائرات مروحية هرعت إلى مناطق الاشتباكات على الحدود مع لبنان وقامت بنقل جنود قتلى وجرحى تابعين لوحدة جولانى من قوات النخبة الإسرائيلية.

تكتيك جديد لحزب الله

ويتبع حزب الله تكتيكا جديدا لأول مرة باستهداف القوات الإسرائيلية قبل توغلها داخل لبنان خلافا لما حدث في المواجهات السابقة وآخرها حرب يوليو ٢٠٠٦ حيث كان يسمح بدخول القوات الإسرائيلية ثم يقوم بنصب كمائن لها داخل الأراضى اللبنانية بخلاف هذه المعركة التى يتصدى فيها مقاتلو حزب الله للقوات الإسرائيلية قبل توغلها داخل لبنان عن طريق كمائن مركبة مثل كمين العديسة وكمين مارون الرأس وغيرها.
وفى دليل واضح على منح إيران الضوء الأخضر لجميع أذرعها بالهجوم على إسرائيل فقد أعلن يحيى سريع المتحدث العسكرى باسم جماعة الحوثيين اليمنية تنفيذ عملية عسكرية استهدفت هدفا حيويا فى تل أبيب بعدد من الطائرات المسيّرة التى حققت أهدافها دون أن يرصدها الجيش الإسرائيلى.

أما الميليشيات العراقية التى استهدفت حيفا وتل أبيب بهجمات بالمسيرات فقد أعلنت وبوضوح أنها ستسهدف القواعد الأمريكية في العراق فى حالة اشتراك الولايات المتحدة الأمريكية مع إسرائيل فى توجيه ضربة إلى إيران.

والآن وبعد أن دخلت المواجهات العسكرية إطار الحرب المباشرة المفتوحة برا وجوا بين إسرائيل وحزب الله فإن الأيام القادمة بما تشهده من معارك سترسم إلى حد بعيد مستقبل العملية العسكرية الإسرائيلية فى لبنان والتى انتزعت صدارة الاهتمامات من غزة بعد الاشتباكات المباشرة التى أظهرفيها حزب الله فعالية كبيرة أوضحت بما لايدع مجالا للشك عدم تأثر مقاتلو جنوب الليطانى بالضربات التى تعرض لها الحزب مؤخرا، وكذلك سلامة بنيته التحتية وشراسة قادة الصف الثاني الذين تسلموا القيادة بعد اغتيال إسرائيل لقادة الصف الأول.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى