زيارة الرئيس السيسى لأريتريا.. توقيت وأهمية الزيارة ودلالاتها
كتب: عاطف عبد الغنى
أولا تمثل أفريقيا عمقا وبعدا جغرافيا مهما لمصر، وأريتريا أحدى دول القارة، علاوة على أنها أحدى دول حوض النيل، ودولة من دول القرن الأفريقى، المطلة على البحر الأحمر، وقريبة من باب المندب، هذه المنطقة التى تشهد توترات سياسية، وأمنية، وعسكرية كبيرة، لا شك تؤثر على الأمن القومى المصرى بشدة.
أريتريا
الموقع: تقع أريتريا فى المنطقة ضمن عدة دول يطلق عليها دول القرن الإفريقي في الجنوب الشرقي لقارة إفريقيا.
يحدها من الشرق السودان وجنوب السودان ومن الجنوب أثيوبيا وجيبوتى ومن الغرب البحر الأحمر قريبا من باب المندب، وهى الدولة الأطول شاطئيا على البحر الأحمر حيث تبلغ طول شواطئها على البحر الأحمر حوالى 1200 كيلو متر.
مساحة الدولة: نحو 117,600 كم2 وعدد سكانها حوالى 8 ملايين نسمة.
عاصمة الدولة: أسمرة.
رئيسها أسياسى أفوريقى.
اللغات: اللغتين الأكثر انتشاراً هما التيغرينية والعربية وتتشابه التيجرية إلى حد بعيد في جذورها مع العربية؛ حيث انحدرت من أصول سامية من شبه الجزيرة العربية.
نالت أريتريا استقلالها الكامل 1993 بعد صراع مع أثيوبيا، وتم انتخاب الرئيس الحالى للبلاد أسياسى أفورقى
تنقسم أرتيريا إلى ست مناطق (زوبا) تنقسم بدورها إلى أقاليم.
الامتداد الجغرافي للمناطق مبني على أساس الخصائص المائية.
هذا التقسيم من الحكومة الإرترية له غرضان: إمداد كل إدارة بسيطرة كافية على الإمكانيات الزراعية، والتخلص من النزاعات الإقليمية التاريخية.
الموارد
المعادن: تمتلك إرتريا كمية كبيرة من الموارد مثل: النحاس والذهب والجرانيت والرخام، والبوتاس.
وتقع أكبر مناجم النحاس في منطقة «دياروا» قرب أسمرة، وتستخرج الاستثمارات اليابانية نحو 6000 طن من النحاس شهرياً، وتتوسع الشركات الأمريكية باستخراج الفوسفات وتسويقه منذ عام 1949.
الزراعة والرعى: 90% من مجموع السكان فى أرتريا يمارسون الزراعة والرعي، وتؤلف زراعة الحبوب نحو 87% من مجمل المحصولات.
وتمتلك أريتريا نحو 10 ملايين رأس من الأبقار والجمال والأغنام.
الثروات البحرية: تمتلك أريتريا ثروة بحرية كبيرة من الأسماك والأصداف وتزيد قيمة صادراتها السنوية فيها عن 50 مليون دولار.
الغابات: تعد الغابات مصدراً آخر للثروة في أريتريا، وتنتشر في السهول وفي أودية الأنهار أشجار «الدوم» التي تستخدم في صناعة أزرار الملابس، وتنتشر فيها المراعي، وأشجار اللبان والصمغ، وتساعد هذه الأشجار عموماً على حماية التربة من التعرية والإنطمار الذي قد يلحقها من تحرك كثبان الرمل
الصناعة: في أريتريا بعض الصناعات البسيطة، التي يتركز معظمها في العاصمة «أسمرة» ويديرها الإيطاليون على الأغلب، وأهمها تعليب اللحوم والفواكه والأسماك، وصناعة الجلود والسماد والكبريت والصابون والنسيج والإسمنت والبلاستيك.
العلاقات المصرية الأريترية
العلاقات التاريخية تعود إلى ما يزيد على 300 عام.
– مصر كانت داعمة لحركة التحرر الأريترية منذ عام 1960، وكان هنا فى مصر مقر منظمة التحرير الأريترية حتى نالت استقلالها فى التسعينيات.
ومع عودة الاهتمام المصرى بعمقها الأفريقى، مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، تجددت هذه العلاقات
7 زيارات للرئيس أسياس أفورقى إلى مصر خلال 10 سنوات المنقضية، بدأت بحضور أفورقى لحفل تنصيب الرئيس السيسى، رئيسا للبلاد عام 2014، هذا غير لقاءت الرئيسين خلال عدة مؤتمرات ومناسبات قارية أو دولية.
أولت مصر اهتماما بالتكتلات والمجموعات الأفريقية، مثل “الكوميسا” أو العلاقات الثنائية، على المستويات السياسى، والأمنى، والاقتصادى خلال السنوات العشر الماضية أيضا.
تعد أرتريريا حليفا رئيسا لمصر فى القرن الأفريقى، كما تعد عمقا لمصر فى الجنوب، ولها تأثيرها فى محيطها الأقليمى، وبسبب موقعها من البحر الأحمر فهى شريك لمصر فى تأمين الملاحة فى قناة السويس.
ترتبط مصر وأرتريريا بعلاقات هى الأكثر تميزا من بين علاقاتها بالدول الأفريقية، على المستويات السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والمائية.
كانت القاهرة محطة للمسئولين الأرتريين، وعلى رأسهم الرئيس أسياسى أفورقى، وخلال اللقاءات العديدة التى جمعت أفورقى بالرئيس السيسى، كان هناك دائما حرصا متبادل على تعزيز العلاقات بين البلدين، مصر وأرتريا، خاصة فيما يتعلق بالتنسيق بشأن قضايا الأمن الأقليمى، فضلا عن ترسيخ التعاون فى المشروعات المشتركة، فى شتى المجالات التنموية.
– دعت مصر أريتريا لمؤتمر دول جوار السودان، التى استضافته مصر وحضره الرئيس أفورقى.
– ارتباط مصر بتكتل الكوميسا أسهم فى زيادة التبادل التجارى بين مصر ودول التجمّع وخاصة دول حوض النيل ومن بينها أريتريا.
تعد آلية إقامة معرض المنتجات المصرية فى أريتريا، هى الآلية الأكثر أهمية فى عملية التبادل بين البلدين.
وتهتم مصر بترسيخ التعاون الاستيراتيجى مع أريتريا فى شتى المجالات، وإرساء شراكة مستدامة بين البلدين، والمضى قدما فى تنفيذ التعاون فى مشروعات القطاعات المختلفة، ومنها الزراعة، والكهرباء، والصحة، والتجارة، والثروة الحيوانية والسمكية التى تمتاز بها إريتريا، فضلا عن مواصلة برامج الدعم الفنى المقدمة من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى أفريقيا.
الزيارة
وزيارة الرئيس السيسى اليوم إلى أرتريا تأتى فى إطار آلية القمة التى تعقد بين الرئيسين
وتوقيت الزيارة له أهمية بالغة، خاصة وأن منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقى تشهد العديد من التوترات التى تهد الأمن والاستقرار، وهو ما ينعكس على الأمن القومى المصر، والعربى، والأمر مرتبط بمجلس الدول العربية والأفريقية المتشاطئة بالبحر الأحمر، ومهمته الأمن والتنمية.
ومجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن هو منظمة إقليمية تضم 8 دول في آسيا وأفريقيا، هى مصر والسودان والسعودية واليمن والأردن والصومال وجيبوتى وأريتريا، حيث ينتمى جميع أعضاء المجلس إلى مجموعة الدول المطلة ولها حدود على البحر الأحمر وخليج عدن.
توقيت وأهمية الزيارة ودلالاتها
وفى تصريحات إعلامية للسفير صلاح حليمة، قال إن العلاقات بين مصر وأريتريا، تدور على 4 محاور، ومنها المحور الأمنى الذى يقوم على مكافحة الإرهاب، والجريمة المنظمة، ومحور يتعلق بالجانب السياسى، والاقتصادى، وأخر بالجانب الاجتماعى.
وفى الجانب الاقتصادى قال السفير حليمة إن حجم التبادل بين البلدين يبلغ حوالى 200 مليون دولار، وهناك آفاق سوف تضيف فى هذا الصدد، من خلال القطاع الزراعى، ومشروعات تتعلق بالثروة السمكية والمصايد، ومشروعات تتعلق بالصحة والقطاع الاجتماعى، وهناك مراكز طبية مصرية تم إنشائها، ووفود طبية تقوم باستمرار بزيارة أريتريا من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى أفريقيا، التى تعمل تحت إشراف الخارجية المصرية.
وأضاف حليمة أن هناك أيضا اهتماما بالبعثات التعليمية، خاصة بالبعثات التى تتجه إلى الجامعات المصرية، والأزهر الشريف.
وأضاف أن أريتريا باعتبارها من دول حوض النيل، لها دور فيما يتعلق بالأمن المائى المصرى، وحقوق مصر فى مياه النيل، وأزمة سد النهضة، ولها دور كبير فى مساندة مصر، فيما يتعلق بالتنسيق والتشاور فى الأوضاع القائمة عند مدخل البحر الأحمر وخليج عدن من تداعيات المذكرة التفاهمية التى تمت بين ما يسمى “أرض الصومال” وأثيوبيا، باعتبار أنها تهدد الأمن والاستقرار فى منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، وهذا أمر يعزز المخاوف القائمة من العدوان الإسرائيلى على غزة، والمرتبط بالأمن والاستقرار فى منطقة البحر الأحمر، ولا شك أن الموقف الأريترى المرتبط بهذه المذكرة يتفق مع الموقف والرؤية المصرية.
وتأتى حقوق مصر المائية على قمة الملفات التى تناقشها قمة الرئيس عبد الفتاح السيسى، وشقيقه الرئيس أسياسى أفورقى.
وجدير بالذكر أن رفض مصري للاتفاق بين أرض الصومال وأثيوبيا يأتى من اعتبارات عدة، ربما بعضها يتعلّق بفشل مفاوضات سد النهضة، وإرجاع ذلك لسياسة المماطلة الإثيوبية في عملية التفاوض، واتباع سياسة ” الأمر الواقع”.
ومن المنطقي رفض القاهرة أيَّ اتفاق تبرمه إثيوبيا بعد فشل هذه المفاوضات، ناهيك عن أن هذا الاتفاق الأخير ربما يجد لأديس أبابا موطئ قدم على البحر الأحمر، الذي تعتبره مصر جزءًا هامًا من أمنها القومي، فضلًا عن كونه بُحيرة عربية، استطاعت توظيفها في حرب 1973 ضد إسرائيل، عندما تم إغلاقها أمام السفن المحملة بالنفط الإيراني والمتوجهة صوب إيلات.
ولاشك أنه في هذا الإطار أيضا، يمكن فهم رد فعل مصر الرافض بشدة لهذا الاتفاق، خاصة خلال الزيارة، وكذا الزيارة الأخيرة للرئيس الصومالي للقاهرة، والتى أكد الرئيس السيسي خلالها أن: ” مصر لن تسمح بأي تهديد للصومال أو أمنه، وأن الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال مرفوض من قبل الجميع.