طارق صلاح الدين: جواسيس الحرس الثورى الذين جندتهم إسرائيل لاغتيال هنية ونصر الله

بيان

3 أسئلة محاولة الإجابة عليها تقودنا إلى اكتشاف حقيقةالإختراق الاستخباراتى الإسرائيلى لإيران وحزب الله.

الأول: هل وصلت إسرائيل بالفعل إلى أعلى درجات السلم الهرمى داخل الحرس الثوري الإيراني؟

 طارق صلاح الدين
طارق صلاح الدين

الثانى: ماحقيقة التحقيقات التى تمت مع إسماعيل قاآنى قائد فيلق القدس وخليفة قاسم سليمانى؟
الثالث: هل للحرس الثوري الإيراني علاقة بدوامة الاغتيالات التى طالت قادة حزب الله الميدانيين وانتهت باغتيال أمينه العام حسن نصر الله؟

الإجابات

البداية تحتم علينا الإقرار بحدوث خروقات استخباراتية عميقة فى الجسد الإيرانى سجلتها نجاحات قام بها جهاز الموساد الإسرائيلي الذى لابد أيضا وأن نعترف بتقدمه التكنولوجى الضخم على نظيره الإيرانى.
ورغم ضخامة العمليات التى نفذها الموساد داخل إيران وخارجها فقد ظلت الأمور دائما تحت السطح حتى حدث أمر خطير دفع هذا الملف بشدة ليحتل قائمة الاهتمامات بعد أن نشر موقع “Middle EAST I” البريطانى تقريرا عن تحقيقات تتم مع إسماعيل قاآنى على خلفية اتهامه بحدوث خروقات أمنية داخل فيلق القدس وإدانة مدير مكتبه بالتخابر لصالح اسرائيل.

نفوذ ضخم

وأسهب التقرير فى ذكر حدوث أزمة قلبية تعرض لها قاآنى أثناء التحقيقات ونقل على إثرها إلى المستشفى لتلقى العلاج.
وقبل أن نتناول هذا الملف بالتفصيل سنشير إلى العديد من علامات الاستفهام التى أكدت فى أوقات سابقة نفوذ استخباراتى ضخم للموساد داخل الجسد الإيرانى تجسد في نجاح سلسلة من الاغتيالات التى طالت العلماء النووين الإيرانيين في ظل عجز تام للاستخبارات الإيرانية سواء في حمايتهم أو فى الكشف عن قاتليهم.

اغتيالات

فعلى مدى عشر سنوات اغتال الموساد كوكبة من العلماء في مقدمتهم مسعود على محمدى أبرز علماء الملف النووى الإيرانى فى ١٢ يناير ٢٠١٠ أمام منزله في قلب طهران ونفذ عملية الاغتيال مواطن إيرانى يدعى مجيد جمالى واعترف في التحقيقات قبل إعدامه أنه تلقى تدريب على تنفيذ العملية على يد الموساد الإسرائيلي فى تل أبيب.
وبعد أشهر قليلة وتحديدا فى نوفمبر ٢٠١٠تم اغتيال عالم الفيزياء النووية مجيد شهريارى فى حادث تفجير سيارته بقنبلة زرعها وفجرها شخصين كانا يستقلا دراجة نارية وتمكنا من الهرب.
وفى يوليو ٢٠١١ تم اغتيال مهندس الكهرباء داريوش رضائي نجاد وهو أحد أهم أفراد الملف النووى الإيرانى المسئول عن محولات الجهد العالى التى توفر الطاقة التفجيرية المطلوبة لتشغيل الرؤوس النووية بنيران أطلقها شخصان يركبان دراجة نارية فى قلب طهران وتمكنا من الفرار.
وفى ١١يناير ٢٠١٢ تم اغتيال مهندس وحدة التخصيب في معامل نطنز مصطفى أحمدى روشان عن طريق نسف سيارته بقنبلة تم تفجيرها عن بعد فى شمال طهران.
اما أهم عمليات الاغتيالات على الإطلاق فكانت من نصيب رئيس البرنامج النووى محسن فخرى زادة فى ٢٧ نوفمبر٢٠٢٠ والذى تم اغتياله بسلاح نارى موجه بالأقمار الاصطناعية في كمين على طريق بمدينة ابسرد فى طهران.
وللأسف لم يتم فتح تحقيقات موسعة لكشف أسباب هذه الاختراقات الأمنية والاستخباراتية التى شهدت محاكاة عسكرية طالت على مدار عام كامل قيادات بارزة في الحرس الثوري الإيراني داخل سوريا ولبنان بالإضافة إلي قيادات حزب الله من الرعيل الأول المؤسس للجناح العسكرى للحزب.

اتهامات

ونعود إلى إسماعيل قاآنى الذى طالت مكتبه سلسلة اتهامات بالمسؤلية والاشتباه فى نجاح الموساد فى تجنيد مدير مكتبه إحسان شفيقى والتخابر معه من خلال وسيط يعيش خارج إيران وذلك وفقا لموقع ميدل ايست أى البريطانى.
وأكد الموقع البريطانى أن التحقيقات مع قاآنى بدأت بعد القبض على مدير مكتبه وايداعه السجن.
وأبرز دوافع الشكوك في إسماعيل قاآنى هو تخلفه عن الاجتماع بهاشم صفى الدين الخليفة المحتمل لحسن نصر الله رغم تأكيده المسبق على حضور هذا الاجتماع برفقة مدير مكتبه إحسان شفيقى ولكنه أعتذر في وقت لاحق عن الحضور، وجاءت الضربة الإسرائيلية لتستهدف هذا الإجتماع بعد إعتذار قاآنى لتفتح أبواب للشك في الرجل وكل أفراد مكتبه والمحيطين به.

نفى إيران

ورغم سرعة النفى الإيرانى لما ذكره الموقع البريطانى وذلك بتكذيب وكالة تسنيم الإيرانية للمصادر العشرة التى أبلغت هذا الموقع وذلك في منشور لوكالة تسنيم على تليجرام أكدت فيه أن هذا الموقع من الدرجة الثالثة ويستند إلى عشرة مصادر مجهولة تزعم كذبا استجواب قاانى وإصابته بأزمة قلبية أثناء الاستجواب.
ورغم هذا التكذيب الإيرانى فإننى اميل إلى حدوث تحقيقات أحاطت بقاآنى ورجاله الذين يفسر اختراقهم أمور كثيرة ظلت قيد الشك والتخمين.
وقد كشفت صحيفة تليجراف البريطانية أن جهاز الموساد جند عملاء أمن إيرانيين لزرع متفجرات في غرفة نوم إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والذى تم اغتياله فى طهران داخل دار ضيافة تابعة للحرس الثوري الإيراني شمال طهران ومن المؤكد أن هؤلاء الخونة تم توجيههم من خلال مسؤول بارز داخل الحرس الثوري وهو مايشير بأصابع الاتهام إلى إحسان شفيقى.

جاسوس داخل الحرس الثورى الإيرانى

ويؤكد أيضا هذه الشكوك هو الارتباط الدائم لعناصر الحرس الثوري الإيراني بكل العمليات التى نفذها الموساد مما يدل على علم مسبق لجاسوس داخل الحرس الثوري يحتل موقع متميز يمكنه من الاطلاع على هذه التحركات.

وبالنظر إلى عملية اغتيال حسن نصر الله سنجد أن مرافقه في الإجتماع والذى لقى مصرعه معه هو عباس نيلفوروشان نائب إسماعيل قاآنى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وبنظرة فاحصة إلى عملية تفجير مقر القنصلية الإيرانية في دمشق فى مطلع أبريل الماضى سنجد محمد رضا زاهدى القيادى البارز بفيلق القدس على رأس الاستهداف بالإضافة إلي سبع ضباط آخرين بالحرس الثورى.

ونفس الشيء يتعلق بحادث اغتيال فؤاد شكر الساعد الأيمن لحسن نصر الله والذى وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال تلقى مكالمة هاتفية من شخصية رفيعة المستوى بالصعود إلى الطابق السابع للاجتماع به فى السابعة مساء ٣٠ يوليو الماضى حيث يسهل على إسرائيل قصفه ونقل جاسوس هذه الرسالة للموساد.

فيلق القدس

وهكذا نجد حضور قادة فيلق القدس واضحا في معظم العمليات التى نفذتها اسرائيل علاوة على الإختراق الواضح لأجهزة اتصالات الحزب (البيجر) التى استوردتها إيران لصالح حزب الله وكان السفير الإيرانى فى لبنات يحمل أحد هذه الأجهزة المفخخة والتى تجسست اسرائيل من خلالها طويلا على اتصالات إيران بحزب الله وكذلك على كل تحركات قادة الحزب  وكشف خططهم الميدانية وعملياتهم اللوجستية وإصابة ثلاثة آلاف من مقاتلى الحزب فى دقائق معدودة.

التعتيم

والأمر المعتاد وفقا للسياسة الإيرانية هو التعتيم التام على كل مايتعلق بإسماعيل قاآنى الذى اختفى تماما من المشهد وكان آخر ظهور له فى مكتب ممثل حزب الله فى طهران عبدالله صفى الدين يوم ٢٩ سبتمبر الماضى بعد مرور يومين على مقتل حسن نصر الله.
وبدلا من قيام إيران بالسماح بظهوره لنفى كل الشائعات وخاصة بعد تخلفه عن حفل تأبين نصر الله الذى حضره على خامنئي المرشد العام للثورة الإيرانية فإننا نجد العميد ايرج مسجدى مساعد الشؤون التنسيقية لفيلق القدس يصرح بأن قاآنى بصحة جيدة ويمارس عمله ونشاطه ولاضرورة لإصدار بيان بشأنه.
قادم الأيام سيكشف الكثير عن محاولات إعادة هيكلة الحرس الثوري الإيراني وعن تصريحات بشأن تكريم إسماعيل قاآنى ثم إقالته من فيلق القدس بعد حدوث هذه الاختراقات وتصريحات أخرى تؤكد إستمرار قاآنى فى ظل تطهير صفوف فيلق القدس.

طالع أيضا:

زر الذهاب إلى الأعلى