د. ناجح إبراهيم يكتب: رجال بلا عزيمة
بيان
كتب د/ناجح إبراهيم مقالاً بعنوان” رجال بلا عزيمة” وتم نشره في جريدة الوطن، وفى التالى نص المقال:
– جاءت عيادتي تطلب عملا لبناتها الجامعيات لتسدد من أجرهن مصاريف الدراسة التي تتزايد يوماً بعد يوم ، وعدتها بالبحث لها عن عمل في إحدى العيادات أو المعامل القريبة من عيادتي.
– قلت لها : هل زوجك متوفى أم مطلقة.. قالت : لا .. زوجي موجود وعمره ٥٢ عاماً وبصحة جيدة ،ولكنه لا يريد العمل ولا يحبه ، وأنا أعمل تارة في البيوت أو أمسح السلالم وأتكفل بالإنفاق وهو يطالبني بنصف ما أكسبه بحجة أنه سمح لي بالخروج للعمل.
– قلت : زوجك لا يحمل شيئا من نخوة الرجال وشهامتهم ، فالقوامة تعني أول ما تعني الإنفاق والرعاية والحماية .
– قالت : لقد فقد كل هذه الصفات وابنتي الكبرى لا تقول عنه أبدا “أبي” ولكن تقول لي “كلمي زوجك”،” قولي لزوجك”، أقول لها : هذا أبوك ، فتقول: لا أعترف به أباً ، فقد فقد كل معاني الأبوة ،فأحتار بينهما وأضيق ذرعاً بحياتي، ولولا مساعدات من أعمل عندهم وأنظف شققهم ما سارت حياتي ولما تمكنت من إدخال بناتي للجامعة .
– وزوجي يقول : لا داعي من تعليمهم أو إدخالهم الجامعة ، ونوفر هذه المصاريف وكأنه هو الذي ينفق عليهن فنرفض أنا وبناتي بإصرار ، لأن الجامعة ستحدد مستقبلهم الحقيقي .
– أردفت قائلة : كلما ذهبت لأي جمعية خيرية لسداد مصاريف الجامعة لبناتي يرفضون مساعدتي لوجود الأب ،فهم لا يساعدون إلا الأيتام أو المطلقات، ولا يصدقون أنه في هذا العمر لا يعمل مطلقاً .
– والغريب أنه لو أحضرت دجاجة يوماً أو أهديت لنا يصر علي أكل نصفها قائلاً: “أنا أبوكم” ، فهو لا يتذكر الأبوة إلا في الأخذ فقط ، ولكن هذا قدرنا .
– والآن لا حل أمامنا سوى أن تعمل ابنتاي الجامعيتان، قلت لها : لا أحد في القطاع الخاص يحب تشغيل الطالبات وخاصة أثناء الدراسة فتغيب تارة للدراسة وأخري للامتحانات ولكنني سأبحث.
– حزنت لهذا الصنف العجيب من الرجال والذي تزايد هذه الأيام بوتيرة متسارعة ، فقد أخبرتني سيدة أنها تنفق علي ابنتها وزوجها وأحفادها ، وهي مضطرة لذلك لأنه محامي شاب لا يعمل ولا يحب العمل، قلت لها: ولماذا زوجتيه ابنتك، قالت : كان بينهما حبً كبير وأصرت ابنتي عليه ، فخشيت أن تتزوجه رغماً عني وأقع في الفضيحة وقلت لنفسي لعله يتغير ويعمل .
– قلت لها : مهنة المحامي سهله ومطلوبة في قطاعات كثيرة ،فلو ذهب للنيابة الليلية باستمرار لوجد متهمين يحتاجون لمحامي حتى لو لم يكن له مكتب ، قالت : هو لا يحب العمل وليست لديه عزيمة.
– صدقت علي كلامها فهذا النوع البائس من الرجال أقابله كثيراً ، فهو خائر القوي ، لا عزيمة له ، لا يحب العمل ، لا يعرف شيئا عن كرامة الرجال وبأسهم ،في الوقت الذي كان يعمل عندي قي بعض الأوقات شاب جامعي يستلم العيادة من الواحدة ظهرا حتى الثامنة مساءً ثم يذهب إلي مطعم سوري فيعمل فيه من العاشرة مساءً حتى العاشرة صباح اليوم التالي ، وهكذا ، ويعمل نصف هذا الوقت أيام الدراسة في الجامعة.
– عزمات رائعة وأخرى خائرة ،وهل الرجل إلا عزمة، وصدق من قال “ذو همة يحيي أمة”.