عاطف عبد الغنى يكتب: الزمار يعزف على “نوتة” الصندوق
بيان
بعد وفاة سعد الدين إبراهيم تولى وريثه إبراهيم عيسى مهمة عزف ألحان سياسات الغرب ومخططاته السياسية، وفى القلب منها الاقتصاد.
وكنت ولا أزال أعرف توجهات الغرب، ومخططاته لمصر والمنطقة من أمثال الأخيرين.
وأتصور أن سعد الدين إبراهيم كان يدرك ما يفعله من منطلق أيديولوجى يعتنق فيه أفكار الليبرالية الجديدة Neo-Liberalism، أما عيسى فلا أعتقد أن تتوفر لديه هذه المعرفة عن عمق، لكنه يعرف جيدا سعر الدولار وأصداء الشهرة، وكيف يجتذب الأضواء، وهو مستعد لأن يضحى بأى مبدأ مقابل تحصيل ما يسعى إليه.
عيسى خرج على المشاهدين، يصرخ مطالبا الدولة ألا تتملك أية أصول اقتصادية، للدقة أنقل لكم ما قال: “فكرة أن الدولة هى التى تقود قطاع التنمية غير ذي ضرورة، ولا بد من تخارج الدولة من الاقتصاد.. لا يوجد أى رشادة اقتصادية فيما يخص ملكية الدولة للاقتصاد.. يقولك أصل ده تعاون، طيب انتى تتعاونى ليه انتى تخرجي” (انتهى).
وعلى أى وجه تقرأ كلام عيسى السابق، فلن تخرج القراءة النهائية عن طلب تخارج الدولة تماما من الاقتصاد، وهذا هو بيت القصيد، ولب الموضوع، وهدف سياسات صندوق النقد، الذى يضغط علينا لأجل تخارج الدولة من الاقتصاد، وتركه للقطاع الخاص، وفتح السوق على وسعه لزيادة المنافسة فى الداخل، وفى الأسواق الخارجية، وترك رأس المال يتدفق بحرية من الداخل للخارج وبالعكس.
وفى التنفيذ يطالب (صندوق النقد) الدول – ومنها بالطبع مصر – بفرض إجراءات تنظيمية (يطلق عليها إعادة الهيكلة) للاقتصاد بشكل عام، والماليات بشكل خاص، عرفنا منها تحرير سعر الصرف، ورفع الدعم، والإلحاح فى تخلص الدولة من الأصول التى تمتلكها (الخصخصة).
والآن علينا أن نبحث بشكل معمق إلى ماذا تقود هذه الإجراءات فى الحاضر ومداها البعيد.
.. تقود إلى رخاوة الدولة بمعنى عدم سيطرة الدولة على مفاصل القوة لديها، وبمعنى آخر أمنها القومى، ويحدث هذا عندما تتخلى الدولة عن الصناعات الاستيراتيجية، والبنوك، وتلغى القطاع العام، وتترك مالياتها عرضة للمغامرين والنهابين القادمون – بالطبع – من الغرب، للمقامرة والمضاربة، والحصول على الربح السريع والهرب به خارج البلاد، وترك رؤوس الأموال تخرج وتدخل البلاد بحرية مطلقة يتحكم فيها جهات وأشخاص لا نعرفهم، وسوف يتبعهم فى الداخل من هم على شاكلتهم، الذين لا يسعون إلا للربح وتكديس الثروات، وتتهدد العدالة الاجتماعية فى دول يكثر فيها أعداد الفقراء.
وهذا فى حد ذاته خطر كبير، ولإدراك مدى خطورته لابد أن نراجع مخططات ما سمى بـ “الربيع العربى” ومن ضمنها العمل على “تثوير” الفقراء لنشر القلاقل والاضطرابات فى الدول المستهدفة.