أحمد عاطف آدم يكتب: شفرة المراهقة بين الاجتياح والاحتواء (٣)

بيان

لطالما كنت أكره أن يشاهد أولادي الأخبار لأنّ كل ما يُعرض فيها سلبي – لكنني غيرت وجهة نظري عندما سمعتك تتكلم ( تقصد دكتور كيفن ليمان ) عن أهمية التحدث من خلال أخبار الحياة الواقعية مع المراهقين، وعلى سبيل المثال خبر ضبط عضو مجلس المدينة مع “ساقطة”، ونقاشي مع ابنائي ذوي ال ١٦و ١٧ سنة،، حين قال أحدهما: ” لابد أن ذلك الرجل مغفل”، وأضاف الثاني: “نعم، وقد تجد زوجته في الغالب  إنسانة لطيفة – ما الذي يدفعه إلى خسارة وفقدان كل هذا في مقابل ليلة واحدة مع ساقطة؟”.

لقد فهم أبنائي حينها الدرس جيدًا، والأجمل أنه حُفر في ذهنهما، وعندما بدأ ابني صاحب ال١٧ عامًا في مواعدة صديقة له بعد شهرين، ضغطت عليه لممارسة الجنس، فأخبرني بأنه روى لها قصة عضو مجلس المدينة، وصمم أمامها على أنه لن يرمي بعذريته ويكون ساذجًا من أجلها، فانفصلت عنه ،، كنت سعيدة من داخلي لتجاوبه مع الموقف، مما جعلني فخورة جدًا به، واستدراكه قائلًا: ” إنّ انفصالها عني أخبرني بأنني لم أكن مهمًا بالنسبة لها – بل “الجنس” هو ما يهمها، وأنا سعيد للغاية يا أمي لأنني  لم أُخدع”،، ومن ثم نظر إليَّ بابتسامة عريضة ثم أضاف قائلًا: ” أعتقد أنّ عضو مجلس المدينة ذاك علمني أمرًا هامًا.. وتلك كانت أكثر اللحظات التي دعتني للفخر كأم.

جيني، ولاية “تكساس”

انتهى الاقتباس من كتاب “مراهق جديد في خمسة أيام”، لعالم النفس الأمريكي الشهير د. “كيفن ليمان”.

وهنا نلاحظ بقوة تلك الديناميكية التي طغت على الحوار بين الأم قارئة ومتابعة د.”ليمان”، وأبنائها المراهقين، كذلك النقطة الأبرز حول الحديث العائلي وهي لصيقة الصلة بحدث مهم وقع بمحيطهم،، حيث فطنت أنه من المؤكد سماع أبنائها به، وعلمهما بفضيحة الرجل المسئول بطل القصة السابقة، فأرادت بذكائها إثارة حماسهما وإشراكهما عن قصد، رغم أنها تعرف طبيعة الحياة التي يعيشوها بمجتمع غربي منفتح، وربما تكون تلك التفاصيل الجريئة دافع لفشل صغيريها في التعاطي الذهني بإيجابية، ومن زاوية مستقيمة وليست منحرفة، إلا أنها شرعت إلى استخدام تلك الطريقة من الطرح المفاجيء لاستكشاف قدرات أبنائها على التفكير والتحليل من جهة، ومن جهة أخرى زرع نبتة ثقتها فيهما وفي نضوجهما، لتكون حافزًا على نجاحهما في تدبر حقيقة الأمور وحسن التصرف،، وهذا ما أكد عليه الكاتب والطبيب النفسي الشهير دكتور “كيفن”، برؤية فلسفية وأدبية راقية، عندما أشار إلي قول شخص حكيم ذات مرة: “ليكن لديك هدفان هما: اكتساب الحكمة والمنطق الراجح،، ولكي تصبح حكيمًا عليك بتطوير قدراتك لإصدار أحكام سليمة.

في النهاية إذا أردنا إضافة وإثقال تلك الخبرات لدى أبنائنا عزيزي القاريء، علينا أن نجتهد لتحقيق تلك المعادلة الصعبة، بتركهم يتفاعلون مع معطيات الأحداث واستكشاف ما يدور حولهم بفلك التكنولوجيا المجنونة وعالم الانترنت وتطبيقاته – لكن دون أذى –  بفرض القضايا الاجتماعية الملهمة لمداركهم، والتواصل الحميمي المثمر والمستمر حولها، دون خجل أو خوف، واستغلال نهمهم المرحلي في إبداء آرائهم، والتعبير عنها بحرية، حتى تتجلى أمامنا نقاط القوة التي بحوزتهم فنثني عليها وندعم صعودها، وكذلك نقاط الضعف المطلوب تصويبها وتعديل مسارها.

وللحديث بقية.

اقرأ أيضا:

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى