طارق صلاح الدين يحلل المشهد على جبهات الشرق الأوسط المشتعلة
بيان
أحداث ضخمة من العيار الثقيل تطل برأسها على جميع جبهات الصراع فى غزة وجنوب لبنان واليمن والعراق والجولان المحتل وإيران.
سبعة جبهات تحارب عليها إسرائيل كما عدها بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الذى أصدرت محكمة العدل الدولية بحقه مذكرة اعتقال ومعه وزير الدفاع الإسرائيلى السابق يؤاف جالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية شملت الهجمات على السكان المدنيين في قطاع غزة واستخدام التجويع كسلاح حرب والقتل والاضطهاد وغيرها من الأفعال غير الإنسانية منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣.
تحد صارخ
ورفض نتنياهو رفضا قاطعا مذكرة الإعتقال الصادرة بحقه وأكد فى تحد واضح لمذكرة المحكمة أنها لن تمنعه من الإستمرار فى الحرب التى تخوضها اسرائيل وأهمها جبهتى غزة ولبنان.
وفى تحد صارخ للقوانين الدولية أعلن وزير الخارجية الأمريكى أنتوني بلينكن أنه سيعمل مع المشرعين الأمريكيين لبحث إمكانية فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بعد اصدارها مذكرتى إعتقال نتنياهو وجالانت.
والمثير للسخرية أن الولايات المتحدة أيدت بشدة قرارات سابقة لمحكمة العدل الدولية على الرغم من أنها ليست عضوة فيها وأبرز هذه القرارات مذكرة الاعتقال التى أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بشأن الحرب فى أوكرانيا وهو مايمثل قمة الازدواجية في الموازين الأمريكية.
الوضع على الأرض
ميدانيا ورغم مرور ثلاثة عشر شهرا على الحرب فى غزة وفى ظل حصار خانق على الفصائل الفلسطينية التى رفعت وتيرة عملياتها العسكرية وخاصة في شمال غزة الذى يشهد دخول خطة الجنرالات الربع الأخير من شهرها الثانى.
ورغم جهود اسرائيل المحمومة للقضاء علي كل مظاهر الحياة فى شمال غزة فإننا نجد تصاعدا رهيبا في الكمائن المركبة وتفجير الدبابات الميركافا وقنص الجنود الإسرائيليين وانتهاءا بإطلاق رشقات صاروخية نفذتها سرايا القدس على مستوطنات نير عام وسديروت.
ويأتى هذا بعد مرور ٣٦٧ يوم على الحرب وإعلان اسرائيل القضاء على الفصائل الفلسطينية شمال غزة وهو فشل عسكرى صارخ بحق الجيش الإسرائيلى الذى يواجه نفس المصير على الجبهة اللبنانية التى شهدت تصاعدا رهيبا في وتيرة القصف المتبادل بين اسرائيل وحزب الله حيث شددت إسرائيل من القصف على صور و الضاحية الجنوبية لبيروت فى الوقت الذى يستمر فيه قصف حزب الله لقواعد ومطارات عسكرية قرب حيفا أهمها قاعدة ستيلا ماريس البحرية شمال غرب حيفا وقاعدة ومطار رامات دافيد جنوب شرق حيفا وهى مناطق استهداف دائم لصواريخ حزب الله وكذلك استهداف قاعدة شراغا التى تعتبر المقر الإدارى لقيادة لواء النخبة جولانى بالإضافة إلى قصف قاعدة حتسور الجوية شرق مدينة اسدود على بعد ١٥٠ كليومتر من الحدود.
وعلى صعيد الإشتباكات البرية يقف الجيش الإسرائيلى عاجزا على المحور الشرقى من دخول مدينة الخيام الإستراتيجية والتى تقف صواريخ ومسيرات حزب الله كحائط صد أمام كل محاولات اقتحام الخيام والأمر نفسه على المحور الغربى المتعلق بالبياضة الإستراتيجية.
ويعتبر استهداف المؤرخ الإسرائيلى زءيف ايرلتش والذى يبلغ من العمر ٧١ عاما من أعقد عمليات حزب الله الذى نجح في اغتيال هذا المؤرخ الإسرائيلى الكبير عند دخوله جنوب لبنان لفحص واحدة من القلاع التاريخية القريبة من صور بالإضافة إلى جرح رئيس أركان لواء النخبة جولانى المرافق للمؤرخ الإسرائيلى وقتل جنديين آخرين.
عمل الدبلوماسية
وبالتوازى مع الجبهة العسكرية تدور عجلة الدبلوماسية بعد المذكرة الأمريكية التى سلمتها سفيرة الولايات المتحدة الامريكية فى بيروت للسيد نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني والمفاوض باسم حزب الله والذى بدوره سلم الحزب نسخة من الورقة الأمريكية التى نصت على وقف إطلاق النار بين اسرائيل وحزب الله لمدة ٦٠يوم ينسحب خلالها الجيش الإسرائيلى من جنوب لبنان وينتشر الجيش اللبنانى هناك.
وإذا صمد وقف إطلاق النار فسيتم عقد مفاوضات بين اسرائيل ولبنان للتنفيذ الكامل للقرار ١٧٠١ الصادر عن الأمم المتحدة قبل ١٨ عام.
وأبرز النقاط المعرقلة للورقة الأمريكية هى إصرار لبنان على الإنسحاب الفورى الإسرائيلى من جنوب لبنان فور التوصل لوقف إطلاق النار وليس بعد ٦٠ يوما بالإضافة إلى ربط ملف المناطق الحدودية المتنازع عليها باتفاق التهدئة وهى ١٣ منطقة حدودية أبرزها مزارع شبعا التى تصر لبنان على جلاء إسرائيل عنها ودخول فرنسا كجزء من الإتفاق بمشاركتها في اللجنة الدولية ومنع اسرائيل مستقبلا من حرية التحرك على الجبهة اللبنانية وهى نقاط ترفضها اسرائيل بالكامل جملة وتفصيلا.
ومن واقع هذه المعطيات نرى أنه من غير المنطقى التواصل حاليا أو فى المستقبل القريب لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله.
ونرى كذلك – بشكل – أعمق أن الميدان هو الذى سيفرض كلمته وخاصة على محور الخيام – البياضة، والذى يحاول الجيش الإسرائيلى السيطرة عليه ودخول الخيام الإستراتيجية والبياضة لفرض شروطه على طاولة المفاوضات وهو نفس مايسعى إليه حزب الله فى الإتجاه المعاكس بمنع الجيش الإسرائيلى من تحقيق هذا الهدف لمنع اسرائيل من الحصول بالمفاوضات على ماعجزت عن الحصول عليه بالحرب.
الجبهة العراقية
وعلى الجبهة العراقية توجهت اسرائيل برسالةإلى الأمم المتحدة التى لاتنفذ قرار واحد من قراراتها من أجل الضغط على العراق لوضع حد للهجمات المسلحة التى تشنها الفصائل العراقية على إيلات والجولان والتى أسفرت إحداها عن مقتل جنديين إسرائيليين بانفجار مسيرة تم إطلاقها من العراق.
وتطالب إسرائيل بتدخل الحكومة العراقية لمنع هذه الهجمات على الأهداف الإسرائيلية وهدد وزير الخارجية الإسرائيلى جدعون ساعر بإتخاذ اسرائيل كل التدابير اللازمة لحماية نفسها ومواطنيها من الأعمال العدائية للميليشيات المدعومة من إيران في العراق وهو مااعتبرته بغداد تصعيدا خطيرا ومحاولة لتلاعب اسرائيل بالرأى العام العالمى لتبرير شن عدوان على العراق وتوسيع رقعة الحرب الإقليمية.
الجبهة اليمنية
وعلى الجبهة اليمنية يستمر حصار الحوثيين البحرى على إيلات.
وأعلن العميد يحيى سريع المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية استهداف قاعدة نيفاتيم الجوية الإسرائيلية في منطقة النقب بصاروخ فرط صوتى حقق الهدف من إطلاقه بدقة شديدة.
ونتوقع استمرار العمليات العسكرية على جميع الجبهات وأتوقع بقاء نتنياهو عالقا فوق شجرة صعد إليها وكان يتوقع إمكانية النزول السهل عنها في أى وقت يريد ولكن جاءت الرياح معاكسة تماما لكل حساباته الخاطئة.
فلم يحقق النصر المطلق فى غزة ولم يدمر حماس ولا منع إطلاق الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة ولا استعاد الأسرى لدى الفصائل الفلسطينية ولاقضى على حزب الله الذى وصلت صواريخه إلى كل أنحاء اسرائيل ولا استطاع دخول قرى جنوب لبنان ولا منع إطلاق الحوثيين لصواريخهم الفرط صوتية تجاه اسرائيل ولا قصف المنشآت النووية والنفطية الإيرانية.
وأتوقع أيضا بقاءه لفترة طويلة عالقا فوق هذه الشجرة وربما ينتظر نجدة صديقه ترامب عند وصوله إلى المكتب البيضاوى فى البيت الأبيض خلال شهر يناير القادم.
ولهذا حديث آخر.