عاطف عبد الغني يكتب: أعلى نسبة مشاهدة

بيان
فى عام 1912 وفي شقة متواضعة بأحد أحياء العاصمة الصينية بكين ، اجتمع فريق صغير من مطوري التكنولوجيا الرقمية يقودهم شابان يدعيان تشانج ييمينج، وليانج روبو، لديهما مشروع ورؤية طموحة في خلق منصة رقمية تقدم للمستخدمين تجربة جديدة من نوعها، من خلال محتوي متخصص.

وانطلق فريق العمل في تطوير تطبيق يعتمد علي خوارزميات الذكاء الاصطناعي ؛ لتقديم هذا المحتوي.

وهكذا ولدت شركة “بايت دانس ByteDance”، التي تمتلك الآن أكثر من 40 تطبيقًا تشمل منصات (اقتصادية) خاصة بالسوق الصينية مثل توتياو، ودويين، وشيجوا، وتطبيقات أخري منتشرة في 60 دولة، مثل تطبيق ريسو، لكن أشهر منتجات الشركة الصينية هو تطبيق ” تيك توك “، الذي غير وجه صناعة المحتوي الرقمي في العديد من البلاد ومنها البلاد العربية ومصر، وانتشر بشكل لم يكن يتوقعه حتي أصحابه فقد بلغ عدد مستخدميه حول العالم 1.04 مليار مستخدم شهريًا هذا العام 2024.

وفي الوقت الذي تري فيه الشركة صاحبة التطبيق أنها تلهم الإبداع وتثري الحياة، من خلال “تيك توك”، تتهمها العديد من دول الغرب بالتجسس لصالح الحكومة الصينية.

وفي البداية تركز الاتهام في أن الشركة تقوم بجمع معلومات عن طائفة “الأويجور المسلمة” ومعسكرات إعادة التأهيل (السجون) في مقاطعة شينجيانج، وفيما بعد تزايدت المخاوف، في الغرب، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية بشأن أمن بيانات وخصوصية العاملين في الدولة، وهو ما يعني تهديد الأمن القومي.

وبادر الكونجرس الأمريكي بإقرار تشريع يهدف إلي حظر التطبيق أو إجبار الشركة علي بيعه، وصدرت قرارات مماثلة في 19 دولة أخري، حظرت تطبيق “تيك توك” علي الأجهزة الحكومية وأجهزة العاملين الحكوميين.

وبالتزامن وقبل شهور قليلة انتشرت شائعة في مصر بحظر “تيك توك” وأثارت الشائعة جدلا واسعا علي منصات التواصل الاجتماعي، لكن الحكومة لم تهتم، ولم يصدر عن أي جهة رسمية تعليق بشأنه.

وأتصور أن الجهات الرسمية تفضل التعامل مع أزمة الـ”تيك توك” المجتمعية بالقطعة ومن منطلق أمني، وقانوني، بمعني أن الحكومة ممثلة في أجهزة الأمن تتحرك في حالة انتشار محتوي إجرامي أو تقديم أحد المواطنين (غالبا محامي) بلاغا عن محتوي فج أو صادم أخلاقيا، فيتم ضبط صانع/صانعة هذا المحتوي، وتقديمه للمحاكمة بتهمة التحريض علي جريمة أو ارتكاب جريمة، غالبا ما تكون الفجور أو الفسق.

وأري كما يري كثيرون أن الموضوع أخطر من مجرد محاكمة فرد، فقد تجاوز الأفراد وصار ظاهرة مجتمعية تكبر مثل كرة الجليد المتدحرجة، وهذا ما دعا عضو النواب عصام دياب – خلال الساعات الماضية – إلي التقدم بطلب إحاطة يطلب فيه من الحكومة حجب تطبيق “تيك توك” في مصر، بشكل نهائي وقطعي.

وسبب طلبه بأن التطبيق “يعتبر المنصة الأكثر افسادا للمجتمع، التي تسببت في نشر الفجور والفواحش بين الشباب”، لافتا إلي مكمن الخطورة في أن “تيك توك” ساعد علي ظهور نوع جديد من ضخ رؤوس الأموال غير معروفة المصدر وفتح سوق مواز للأموال المشبوهة ليس له أي ضوابط أو قوانين تراقب حركة الأموال بين المستخدمين والممثلين وهو ما ساهم في ظهور رواج كبير لفئة جديدة اتخذت “تيك توك” كمصدر أساسي للدخل، موضحا أن “هذه الفئات” تعتمد علي انحطاط المحتوي؛ لتحقيق أعلي نسب مشاهدة.

اقرأ أيضا للكاتب:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى