محمد أنور يكتب: إبراهيم الخليل عليه السلام (2 من 2)
بيان
فصلت المبادئ بين الإبن الذي يقف مع الله، والأب الذي يقف مع الباطل، وقال الأب لابنه: مصيبتى فيك كبيرة يا إبراهيم.
قال ابراهيم:( يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا* يا أبت إنى قد جاءنى من العلم ما لم يأتك فاتبعنى اهدك سراطا سويا).
رد الأب وهو ثائر ( اراغب أنت عن الهتى يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرنى مليا).
انتهى الصراع عن طرد إبراهيم من بيته، وتهديده بالقتل، ورغم ذلك خاطب إبراهيم أباه بأدب الأنبياء ( سلام عليك سأستغفر لك ربي أنه كان بى حفيا).
هجر إبراهيم عليه السلام قومه وما يعبدون من دون الله، وقرر في نفسه أمرا، كان يعرف أن هناك احتفالا عظيما يقام على الضفة الأخرى من النهر، وانتظر حتى خلت المدينة التي يعيش فيها الناس، وقصد بخطاه المعبد، ودخل إلى المعبد ومعه فأس حادة، واقترب من التماثيل يسألهم ( مالكم لا تنطقون).
وبدأ يحطم في الأصنام جميعا، وترك تمثال واحدا علق في رقبته الفأس، وانصرف إلى إلى الجبال، واجتمع الناس في المعبد ووجدوا كل التماثيل محطمة ما عدا واحدا، وجاء في عقولهم صورة إبراهيم وهو يحدثهم ويدعوهم إلى الله (قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم).
ابتسم إبراهيم وقال وهو يشير إلى كبير الالهة الذي علق الفأس في رقبته( بل فعله كبيرهم فاسألوهم إن كانوا ينطقون)، وهذا بعد أن سأله الحاكم وسألوه( أأنت فعلت هذا بالهتنا يا إبراهيم).
الزمهم الحجة واسكتهم بالبرهان، وناقشهم بمنطق الفكر، فقرروا إعدامه حرقا في النار( حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين)، وجاء الناس من القرى والجبال والمدن ليشهدوا عقاب الذي تجرئ على الآلهة وحطمها واعترف بذلك وسخر من الكهنة، وحفروا حفرة عظيمة ملئوها بالحطب والخشب، وأشعلوا فيها النار، وتصاعد اللهب إلى السماء، وأصدر كبير الكهنة أمره بإطلاق إبراهيم في النار.
جاء جبريل عليه السلام ووقف عند رأس إبراهيم عليه السلام وسأله: يا إبراهيم ألك حاجة ؟ قال إبراهيم: أما إليك فلا.
ألقوا إبراهيم في حفرة النار، فهبط بقدمه فى النار مثلما يهبط بقدمه درجة سلم في حديقة ندية، كانت النار موجودة في مكانها، ولكنها لم تكن تمارس وظيفتها فى الاحراق، أصدر الله جل جلاله إلى النار أمرا. قال تعالى:(قلنا يانار كونى بردا وسلاما على إبراهيم).
اطاعت النار فكانت( بردا وسلاما على ابراهيم)، وجلس إبراهيم وسطها كأنه يجلس وسط حديقة، كان يسبح بحمد ربه ويمجده، ومات الخوف، وتلاشت الرهبة.
ظلت النار مشتعلة لفترة طويلة حتى ظن الكافرون أنها لن تنطفئ أبدا، فلما انطفأت فوجئوا باابراهيم يخرج من الحفرة سليما كما دخل، وجوههم مسودة من دخان الحريق، ووجهه يتلألأ بالنور والجلال.( و أرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين).