النهج العلمي للشركة الصينية «CSCEC» : مفتاح الثقة وسر البقاء

الشركة الصينية CSCE : قاطرة التعاون والشراكة المصرية الصينية

دراسة من إعداد المستشار الدكتور: مختار غباشي

تختلف طبيعة الشراكة المصرية الصينية عن أي شراكات أخرى بالعديد من المزايا والخصوصيات، في مقدمتها الإحترام المتبادل بين الطرفين والذي يتجلى في العديد من الدوائر والقطاعات، وفي مقمدتها قطاع البناء والتشييد، الذي بدأ يتجلى كاشمس مع ميلاد العاصمة الإدارية الجديدة في مصر.
هذا الأمر جعل عملية تصليت الضوء على هذا النوع من التعاون والتكامل الإستراتيجي بين مصر والصين، في صدارة القرارات التي اتخذها مجلس إدارة “مركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية” برئاسة الأستاذ الدكتور مدحت حماد في اجتماعه الأخير مع الهيئة العلمية العليا للمركز برئاسة اللواء الدكتور علاء عز الدين منصور، وهو ما يعد تنفيذاً حرفيًا للتوصية العلمية التي قدمها وعرضها الأمين العام للمركز المستشار الدكتور مختار غباشي.
لذا فقد قرر مجلس الإدارة إعداد هذه الدراسة العلمية حول واحدة من أهم الشركات الصينية الدولية الكبرى العاملة في مصر والتي تتولى أهم وأكبر المشروعات التنموية الإستراتيجية في العاصمة الإدارية، أي الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية CSCEC

ما هي الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية CSCEC؟

تعتبر الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية CSCEC من أضخم وأعرق مجموعة شركات الاستثمار والبناء ذائعة الصيت في العالم، فهي تحتل المرتبة الأولى في جمهورية الصين الشعبية المتربعة على عرش قطاع المقاولات الهندسية، حيث سبقت نظيراتها من الشركات الصينية نحو التوجه للعالمية منذ نصف قرن تقريباً أي منذ عام 1983. فقد قاولت ونفذّت عددًا كبيرًا من المشروعات العملاقة في أكثر من 100 دولة ومنطقة حول العالم.
تختص الشركة بكافة _وجميع_ ما يتعلق بالاستثمار والتطوير العقاري (التصميم والتخطيط، التمويل والتشغيل والإدارة) وكذلك المشروعات (البنى التحتية والمُدن السكانية) التصميم المعماري والمسح الهندسي بالإضافة إلى المجالات الجديدة (البناء الأخضر، والحفاظ على الطاقة وحماية البيئة والتجارة الإلكترونية) وغيرها من المجالات. لذلك أصبحت الشركة نموذجًا تنمويًا متكاملًا يجمع بين التصميم والبناء السكني والبنية التحتية والعقارات والأعمال الدولية “الخمس مجالات” في كيان واحد.
لهذا صارت الشركة الصينية CSCEC شريكًا رئيسيًا مع مختلف الجهات والمؤسسات والهيئات والفئات والشرائح المجتمعية بدءًا من الحكومات ورجال الأعمال والمستثمرين والمقاولون والشركات الهندسية الأخرى الراغبة في التعاون المشترك، وحتى الأفراد والأشخاص والمواطنين العاديين الباحثين عن الاختيار الأفضل في كافة المجالات الخاصة بقطاع التخطيط والتشييد والبناء العقاري.
منذ أن تأسست الشركة في ثمانينيات القرن الماضي وهي لا تنفك أن تتبنى أحدث الأساليب العلمية في مجالها إيمانا منها بالمكاسب الناتجة عن اتباع هذه الأساليب العلمية ومستجداتها، سواء من حيث تعظيم العوائد والفوائد وجودة المنتج النهائي وصلابته وموائمته للأنظمة البيئية من ناحية، أو خفض التكاليف وتوفير الوقت والجهد مع تحقيق الاستدامة ومعايير الأمان والسلامة بالإضافة إلى المظهر الجمالي والفاخر للمنتج النهائي من ناحية أخرى.

الصداقة المصرية الصينية.. شريان حياة لا يتوقف

وحيث شهدت الدولة المصرية في العقد الأخير طفرة نوعية استراتيجية شاملة غير مسبوقة في قطاع تخطيط وإقامة وتشييد وتطوير وتحديث المجتمعات العمرانية بصفة عامة، والمجتمعات العمرانية الجديدة بصفة خاصة، لذلك سعت الحكومة المصرية إلى توجيه الشركات سواء الحكومية أو الخاصة وكذلك الأفراد والمواطنين نحو تفضيل النظم والمجتمعات العمرانية الحديثة عن النظم التقليدية حيث تتميز النظم العمرانية الحديثة بأنها توفر قدرًا أكبر من الرفاهية والأمان والاستقرار وما تعود به هذه المجتمعات من نفع على الدولة من خلال جذب الاستثمارات والارتقاء بالمجتمع المصري وتوفير بنى تحتية آمنة، مستدامة ومتطورة، لتتلاقى بذلك رؤية الدولة المصرية مع الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية في لحظة تاريخية فارقة، ليتحقق من خلال ذلك التجسيد العملي النوعي الفريد للصداقة المصرية الصينية، التي صارت بمثابة شريان حياة لا يتوقف أبدًا مثلما لا تتوقف مياه نهر النيل عن الجريان.

الصداقة المصرية الصينية
الصداقة المصرية الصينية

مشروعات تنموية عملاقة تجسِّد وجود الشركة الصينية CSCEC في مصر

أدت الأساليب والمناهج العلمية التي تتبعها الشركة في مزاولة أنشطتها إلى الارتقاء بجودة المنتج وتعظيم المكاسب وتحقيق معايير الأمان والسلامة وخفض التكاليف والأعباء وتوفير الوقت والجهد، وقد نفذت الشركة في مصر العديد من المشروعات الضخمة مثل مشروع منطقة الأعمال المركزية CBD فی العاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع كوبري السكة الحديد على قناة السويس (كوبري الفردان)، ومشروع أبراج الداون تاون بمدينة العلمين الجديدة، وغيرها من المشاريع العمرانية العملاقة.

كوبري الفردان بعد الإنتهاء من تحديثة وازدواجه
كوبري الفردان بعد الإنتهاء من تحديثة وازدواجه

من أبرز هذه الأساليب والمناهج العلمية التي طبقتها الشركة في المشروعات التنموية الإستراتيجية في الجمهورية الجديدة ما يلي:

أولا: الأسلوب العلمي في التخطيط والتنظيم قبل البدء وأثناء المشروع

يظهر هذا الأسلوب جليا في قيام الشركة بتشكيل وتكوين فِرَق عمل متنوعة ومتكاملة، في المشروع الواحد. مع توزيع المهام على عاتق كل فريق مختص وعلى سبيل المثال: قامت الشركة في مشروع إنشاء كوبري الفردان، بتشكيل فريق تقني متخصص مهمته الرئيسية وضع الخُطط الدقيقة لتحقيق النجاح الفني، كما شكلَّت فريقًا مختصًا بالتصميم وآخر حرفي. لقد ساهم هذا الأسلوب في اختصار الوقت وتحديد خطط العمل والأداء التنفيذي الأمثل، سواء فيما يتعلق بتوجيه عمليات التصنيع للمواد التي يحتاج لها المشروع من حيث النوعية والكم والخامات، أو سواء فيما يتعلق بأعمال البناء العملي في الموقع. وقد أثمر اتباع هذا الأسلوب السليم في التخطيط، سهولة التغلب على المشاكل التي ظهرت أثناء تنفيذ المشروع كالصعوبات التقنية في اللحام والهياكل الفولاذية وعمليات الربط والتركيب والطلاء، بالإضافة إلى إتمام المشروع على النحو الذي جعله مرجعًا قيمًا للمشروعات الفولاذية المماثلة. وكان جديرًا لأن يُصدر بشأنه نحو تسع مقالات في مجلات علمية رئيسية، وذلك نظرا لأهميته وروعة المنتج النهائي. حيث يعد الأول من نوعه في العالم كأطول كوبري سكة حديد معدني مزدوج ومتحرك في آن واحد، فضلًا عن حصوله على براءتي اختراع على المستوى الوطني. من الجدير بالذكر هنا أن المشروع لم يكن يقتصر على إنشاء الكوبري الجديد، بل تتضمن أيضًا إعادة تأهيل وازدواج الكوبري القديم، وهي التجربة انفردت بها الشركة الصينية وذلك لعدم وجود تجارب مثيلة لإتمام هذا الأمر في العالم من قبل حيث تطلب المشروع تحويل الجسر من خط سكة حديد أحادي إلى خط مزدوج دون تغيير الهيكل الرئيسي للجسر.

كوبري الفردان وهو مفتوح تمهيدًا لعبور السفن
كوبري الفردان وهو مفتوح تمهيدًا لعبور السفن

ثانيا: الاستعانة واستخدام أحدث التطبيقات العلمية

– استخدام تطبيقات المحاكاة:
تُعرف محاكاة أداء المباني Building performance simulation‏ بأنها “عملية نسخ وتكرار لمظهر وجوانب المبنى التصميمية، بهدف دراسة وتحليل أداءه باستخدام الحاسوب”. حيث يتم عمل نفس التصميم بشكل ثلاثي الأبعاد على تطبيقات حاسوبية مخصصة لذلك، تقوم بقياس وحساب واستعراض مختلف جوانب التصميم سواء من ناحية تحقق المبادئ الهندسية في التصميم من أجل اعتماده إنشائيا، ومعماريا، أو سواء من ناحية توقع أداء التصميم خلال التشغيل وذلك اعتمادا على مبادئ فيزيائية ورياضية بالإضافة إلى المبادئ الهندسية ومبادئ أخرى. لقد تطورت تطبيقات المحاكاة في هذا الصدد وتنوعت مجالاتها ومنها المحاكاة الحرارية، الإنارية، الصوتية ومحاكاة تدفق الهواء داخل المبنى المستهدف.
– استخدام تطبيقات BIM PLUS:
هي حزمة من البرامج المتكاملة للهندسة المعمارية والهندسة الإنشائية وبرامج البناء. تحتوي هذه التطبيقات على إمكانية: نمذجة معلومات المباني، الرسم المعماري، المخططات التنفيذية، التصور المعماري، الهياكل الصناعية، التصميم الإنشائي السكني، التحليل الهيكلي، التحليل والتصميم ثلاثي الأبعاد، تصميم الخرسانة المسلحة، التصميم الهيكلي للهيكل (تصميم من الصلب)، تصميم الاتصال، تفصيل الخرسانة المسلحة، تفصيل الصلب وتفصيل حديد التسليح، التصميم المتكامل للمباني، وغيرها وذلك عن طريق تطبيقات مثل IDECAD. كما تستخدم الشركة العديد من التطبيقات الأخرى كالتطبيقات التقليدية مثل توسيع المنصات، تنسيق التصميم والتصميم التفصيلي وإحصاءات الكميات وإدارة الإنشاءات والتطبيقات الخاصة مثل محاكاة CFD وتجارب نفق الرياح، وغيرها.

ثالثا: استخدام التقنيات العلمية الحديثة

تستعين الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية في تنفيذ مشاريعها بأحدث التقنيات العلمية في العالم في المجال العمراني، وهي تضم قائمة طويلة تتكون من أحدث التقنيات العلمية في هذا المجال، منها على سبيل المثال لا الحصر:
– تقنية BIM 4D:
تُستخدم هذه التقنية لنمذجة معلومات البناء بواسطة الحاسوب CAD، وأما البعد الرابع المعني في مصطلح 4D فيقصد بع عنصر الوقت وبالتالي فتتيح هذه التقنية الربط بين التصاميم والجدولة الزمنية أي إنشاء التصاميم ثلاثية الأبعاد المرتبطة بجدول زمني معين، وتتيح نماذج ال 4D للقائمين على المشروع قدرة الحصول على تصور كامل لمدد الأحداث بالمشروع مع عرض تقدم أنشطة البناء خلال عمر المشروع. من الفوائد المباشرة لهذه التقنية المباشرة أنها تساعد في تحسين إدارة المشروع وتسليمه، بغض النظر عن حجم أو مستوى تعقيد هذا المشروع.
– تقنية لحام الألواح الفولاذية السميكة:
تُستخدم الألواح الفولاذية الهيكلية عالية القوة بشكل شائع لمعالجة المكونات المختلفة في هندسة الهياكل الفولاذية، وذلك بواسطة أجزاء هيكلية فولاذية مختلفة، ويتم اللحام باستخدام القوس اليدوي أو المحمي بالغاز أو عن طريق تقنية روبوتات اللحام الأوتوماتيكية.
– تقنية بناء الخرسانة الضخمة في المناطق الصحراوية:

بناء الخرسانة الضخمة في منطقة البرج الأيقوني في العاصمة الإدارية، كنموذج لبناء الخراسانة الضخمة في المناطق الصحراوية
بناء الخرسانة الضخمة في منطقة البرج الأيقوني في العاصمة الإدارية، كنموذج لبناء الخراسانة الضخمة في المناطق الصحراوية

تستخدم هذه التقنية نظرا للحاجة إلى تنفيذ أساسات عميقة ضرورية لضمان ثبات واستقرار الأبنية العملاقة على المدى الطويل، حيث تلعب الأساسات دورا حاسما في استقرار المباني خاصة شاهقة الارتفاع منها وذلك عندما تكون التربة السطحية غير قادرة على تحمل هذه الأحمال الضخمة، وتشمل تقنية بناء الخرسانة الضخمة في المناطق الصحراوية على طرق مختلفة يتم اختيار الطريقة الأمثل من بينهم بحسب العوامل والظروف الطبيعية والعوامل المختلفة بحيث يتم الاختيار بين واحدة أو أكثر من هذه التقنيات العديدة والتي من بينها تقنية الخوازيق الخرسانية الجاهزة، وتقنية الحفر الدوار (Rotary Drilling)، وتقنية الحقن بالأسمنت (Jet Grouting)، أو تقنية الدعائم الفولاذية (Steel Piles).
تقنية ألواح السقف الخرسانية مسبقة الإجهاد:
تعتبر الخرسانة سابقة الإجهاد واحدة من أهم الأجزاء في البناء ویختلف الهيكل الخرساني المسبق الإجهاد عن الهيكل الخرساني المسلح التقليدي فی أن الأول يتم تطبيق الحمل الأولي أو الإجهاد الأولي علیه لتمكينه من مواجهة الضغوط الناتجة والتی من المتوقع آن یتعرض لها خلال فترة الخدمة، وتكمن الفكرة في أن الشقوق تمیل إلى التطور في المراحل المبكرة من التحميل في أعضاء الانحناء مثل العوارض والألواح، لذا ومن أجل منع مثل هذه الشقوق، يمكن استخدام القوة الانضغاطية بشكل مناسب في الاتجاه العمودي، ويتم استخدام هذه التقنية نظرا لمميزاتها العديدة التي تفضلها على “الخرسانة المسلحة التقليدية دون الإجهاد المسبق” حيث يعزز الإجهاد المسبق قدرات الثني والقص، کما يظل القسم غير متقطع تحت أحمال الخدمة، بالإضافة إلى الحد من تآكل الصلب، وزيادة المتانة، وتحسين قابلية الخدمة (تقليل التشوهات)، وغيرها من المميزات.

– تقنية الأعمدة الشجرية:
لفتت الأشجار نظر المهندسين المعماريين حيث أن الأشجار من الهياكل الطبيعية التي يتركز فيها الحمل بالكامل في نقطة واحدة وهي جزع الشجرة، لذا فقد انتشرت الهياكل البيولوجية المستوحاة من الطبيعة والكائنات الحية في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرون والتی من بینها الهیاکل المتفرعة الشجرية (Tree-Like Branching Structures)؛ وتهدف إلى التأثير في المستويين المعماري والإنشائي للفراغات الداخلية في المباني؛ حیث تتلخص الفكرة في تقليل استخدام العديد من الأعمدة التقليدية، مما يوفر مساحة كبيرة مفتوحة، إذ تعتمد الهياكل الشجرية على نقل الأحمال السطحية الكبيرة إلى نقطة واحدة على الأرض، باستخدام عناصر هيكلية أرق وأنحف وتغطي مجازات أوسع من تلك المستخدمة بالهياكل التقليدية (الأعمدة)، وذلك ضمن أشكال تصميمية متعددة مثل الهيكل الشجري المستمر أو شبكة الفروع الشجرية المتداخلة، ویتم فیها استخدام تقنيات تنفيذ مختلفئ تختلف باختلاف مواد البناء المستخدمة وحجم الهياكل الشجرية المنفذة (الصب في الموقع، مسبق الصنع، التجميع في الموقع)، وفي هذا الصدد استخدمت الشركة تقنية الأعمدة الشجرية في العديد من المشروعات التي أتمتها داخل جمهورية مصر العربية وخصوصا مشروع منطقة الأعمال المركزية CBD بالعاصمة الإدارية الجديدة ومشروع أبراج الداون تاون بمدينة العلمين الجديدة.

نماذج للأعمدة المستخدمة في بناء أبراج حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية
نماذج للأعمدة المستخدمة في بناء أبراج حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية

– تقنية بناء ذراع صب الخرسانة المتحرك بنظام تسلق القوالب الجديد:
يتكون نظام صب الخرسانة بنظام القوالب من نوع خاص من قوالب الخرسانة للهياكل الخرسانية العمودية التي ترتفع مع عملية البناء، وتوجد أنواع مختلفة من قوالب الخرسانة المتسلقة ومنها ما يتم نقلها من وقت لآخر، أو تتحرك من تلقاء نفسها عادةً على روافع هيدروليكية، وهي مطلوبة للقوالب ذاتية التسلق والانزلاق، وتُستخدم على وجه الخصوص في بناء الأبراج وناطحات السحاب وغيرها من الهياكل الرأسية الطويلة، حیث سمح بإعادة استخدام نفس القوالب مرارًا وتكرارًا لأقسام متطابقة (أو متشابهة جدًا) أعلى الهيكل، وتُثمر هذه التقنية بشكل أساسي في تقليل أوقات البناء والمواد المستخدمة والتكاليف.
– تقنية مراقبة الحفر العميق:
الحفر العميق (DHD) هو “تقنية قياس الإجهاد المتبقي المستخدمة لقياس الإجهادات المضمنة والمطبقة في المواد والمكونات الهندسية، وهي تقنية استرخاء ميكانيكي شبه تدميري (MSR)، التي تسعى لقياس توزيع الضغوط على طول محور ثقب مرجعي محفور، وهي عملية فريدة من نوعها في قدرتها على قياس الإجهادات المتبقية على المستوى المجهري مع اختراق أكثر من 750 ملم (30 بوصة)، دون تدمير كامل للمكون الأصلي. ينطوي الحفر العميق على حفر ثُقب من خلال سماكة المكوّن، وقياس قطر الحفرة، و توسيع (قطع فتحة دائرية حول الحفرة) ومن المادة الأساسية حول الثقب وأخيراً إعادة قياس قطر الثقب. وبالنسبة للمعادن الهندسية فيتم إجراء عملية التدوير عادةً باستخدام معالجة التفريغ الكهربائي (EDM) للحد من إدخال المزيد من الضغوط أثناء القطع، وتمکن الاختلافات بين الأقطار المُقاسة قبل وبعد إطلاق الإجهاد من حساب الإجهادات المتبقية الأصلية باستخدام نظرية المرونة”.
– تقنية التجميع الأرضي والرفع الكلي:
استخدمت الشركة الصينية هذه التقنية في بناء “جسر الصداقة المصرية الصينية” حيث ولأول مرة في مصر يتم استخدام تقنية التجميع الأرضي والرفع الكلي للأوزان الثقيلة للجسر الفولاذي حيث تمكنت الشركة من ربط الممر الجوي الفولاذي الذي يربط بين الطابقين 29 و30 من البرجين الإداريين c07 وc08 بمشروع CBD بالعاصمة الإدارية الجديدة لمصر. وتساهم هذه التقنية في توفير الوقت والجهد وتجنب مخاطر التجميع في الارتفاعات العالية.

“جسر الصداقة المصرية الصينية”.. الذي يربط بين الطابقين 29 و30 من البرجين الإداريين c07 وc08
“جسر الصداقة المصرية الصينية”.. الذي يربط بين الطابقين 29 و30 من البرجين الإداريين c07 وc08

– تقنية لحام الغاز CO2:

استخدمت الشركة الصينية للهندسة المعمارية هذه التقنية في مشروعاتها التي تمت في المناطق الصحراوية في مصر، نظرًا للتأثير السلبي لعوامل البيئة الصحراوية على عمليات بالمشاريع وذلك بسبب تفاوت درجات الحرارة في فترتي النهار والليل وتشكل الندى بسهولة فضلا عن الرياح المحملة بالرمال.
لا تقتصر التقنيات العلمية التي ابتكرتها أو تلك التي لجأت إليها الشركة الصينية للهندسة المعمارية على تلك التقنيات المذكورة سابقًا، لكنها شملت أيضا تقنيات علمية أخرى حديثة ومتطورة كتقنية صب الأساسات المجوفة على دفعة واحدة، وتقنية بناء الأبراج المؤقتة، وتقنية الحقن بعد وضع الأعمدة الفولاذية، تقنية رفع وصب الخرسانة داخل القلب الخرساني، وتقنيات إعداد خرسانة المباني الشاهقة في المنطقة الصحراوية، وغيرها الكثير من التقنيات العلمية التي تؤكد على كفاءة وتطور الشركة الصينية للهندسة المعمارية واتباعها لأحدث الأساليب العلمية في تصاميمها وإنشاءاتها.

رابعا: استخدام أحدث مواد وآلات وتقنيات البناء

تستخدم الشركة الصينية للهندسة المعمارية أحدث الآلات والتقنيات ومواد البناء والخامات في العالم في مشاريعها، ولعل أحد أبرز هذه الآلات الهندسية تلك المعروفة بـ “آلة البناء الجوية”، “آلة البناء الجوية أو منصة العمل الجوية (AWP)”، والمعروفة أيضًا باسم الجهاز الجوي، أو منصة العمل المرتفعة (EWP)، أو المصعد الجوي، أو شاحنة الجرافة أو منصة العمل المرتفعة المتنقلة (MEWP) هي عبارة عن جهاز ميكانيكي يُستخدم لتوفير وصول مؤقت للأشخاص أو المعدات إلى المناطق التي يتعذر الوصول إليها، والتي عادة ما تكون على ارتفاع كبير، وتستخدم عادة في إنشاء المباني الشاهقة في المناطق الصحراوية، حيث مكنت هذه الآلة الهندسية الشركة من تحقيق معدل بناء يصل إلى أربعة وثلاثة أيام للطابق الواحد، وعلى صعيد التقنيات فقد استخدمت الشركة تقنية “بناء ذارع صب الخرسانة المتحرك بنظام تسلق القوالب الجديد عن طريق آلة صب الخرسانة المتحركة نوع HGY18 II، مما أدى إلى توفير الوقت من خلال تسريع وتيرة البناء، كما تستخدم الشركة أحدث التقنيات والأساليب العلمية وأحدث مواد البناء والخامات مثل قوالب الألومنيوم والخرسانة الضخمة/عالية القوة، والمواسير الخرسانية الضخمة والمباني المؤقتة النموذجية.

خامسا: الاختبار والابتكار

يؤكد إجراء الشركة للاختبارات والتجارب قبل الشروع في التنفيذ على حرص هذه المؤسسات على الوصول للجودة والقيمة، وذلك عن طريق مقارنة المواد والخامات المختلفة لتحديد من منها الأكثر صلابة والأعلى جودة مقابل تكلفة معقولة، فضلا عن الوصول لأنسبها وأكثرها ملائمة للبيئة المحيطة بالمشروع، وعلى سبيل المثال فتتفاوت خصائص وتركيبات مواد البناء المستخدمة لإقامة مبانٍ في منطقة صحراوية جافة عن إقامة نفس المباني في منطقة ساحلية أو في تربة طينية.
تعد تجربة الشركة الصينية في هذا الصدد جديرة بالدراسة والإمعان حيث أسست الشركة أثناء تنفيذها لمشروع منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة غرفة الاختبار المركزية وذلك بالتعاون مع شركة ريموند مصر للاختبارات؛ بهدف إجراء البحث المتخصص في المواد الخرسانية الملائمة لخصائص المناخ الصحراوي الذي يغلب على طبيعة منطقة مشروع العاصمة الإدارية الجديدة. لقد قدّم المختبر المركزي ما مجموعه 320 خلطة خرسانية تجريبية وأكثر من 120 خلطة خرسانية أساسية تتوافق مع متطلبات التصميم والبناء، مكنت هذه العملية من اختيار مجموعة من الخلطات الخرسانية ذات التكلفة المنخفضة والجودة العالية لمختلف أقسام المشروع، بما في ذلك خرسانات من نوع C45 وC60 وC80، ولم تقتصر جودة هذه الخلطات على تلبية متطلبات مواقع البناء المختلفة فحسب، بل حصلت أيضًا على إشادة جهة المالك والاستشاري.

صورة من الواقع لعملية وضع الأساس في حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية.
صورة من الواقع لعملية وضع الأساس في حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية.

في الخاتمة

أقامت الشركة الصينية للهندسة المعمارية في مصر العديد من المشروعات الضخمة الناجحة، وأثبتت خبرتها وحرفيتها العالية في تخصصها، بداية من أبراج الداون تاون بمدينة العلمين الجديدة وكوبري الفردان الجديد للسكة الحديد وتطوير الطريق القديم وغيرها الكثير والكثير من المشروعات التنموية العمرانية النوعية الضخمة بل والإستراتيجية. استخدمت فيها أحدث الوسائل والأساليب العلمية في التخصص مستعينة بمجموعة من موظفيها المهرة من ذوي الخبرة، ومعززة للشراكات والتعاون على الصعيدين الحكومي والقطاع الخاص، ما أسفر عن كونها جديرة بالمكاسب التي حققتها والجوائز العلمية والإبداعية التي حصدتها والتي تعبر عن مكانة الشركة وتفوقها وابداعها.
من أبرز هذه الجوائز، حصول الشركة على “براءتي اختراع على مستوى المشروعات” في مشروع كوبري الفردان وإنجاز المشروع لملخصين فنيين، ووضعه لاثنتين من طرق البناء المعتمدة على مستوى المحافظات.
أما في مشروع منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، فقد حصلت الشركة على 6 طرق بناء معتمدة جديدة، ونشرت عنها نحو 61 دراسة بحثية، و26 براءة اختراع معتمدة و8 أخرى قيد المراجعة، فضلا عن 6 جوائز QC وجائزتين لإنجازات BIM والاعتراف به كنموذج ممارسات ممتاز في مشروع التدويل لمعايير البناء لعام 2021 في شنغهاي.
أخيرًا وليس آخرا حصلت الشركة في مشروع أبراج الداون تاون بمدينة العلمين الجديدة على أكثر من إنجاز علمي فقد حققت 5 إنجازات باستخدام تقنية BIM، و12 طريقة بناء، و26 براءة اختراع، و13 دراسة بحثية.

شكر وتقدير

تتقدم إدارة مركز الفارابي وبصفة خاصة الإستاذ الدكتور مدحت حماد رئيس مجلس الإدارة، المستشار الدكتور مختار غباشي أمين عام المركز واللواء الدكتور علاء عز الدين منصور بجزيل الشكر والتقدير إلى جميع العاملين بالشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية بمصر بصفة عامة وجميع أعضاء مجلس الإدارة بصفة خاصة على ما تبذله الشركة من جهود كبرى ومسابقة الزمن من أجل تنفيذ المشروعات التنموية الإستراتيجية الكبرى في مصر خاصة في مدينة العلمين والعاصمة الإدارية الجديدة، وتخص بالشكر كلًا من السادة:
1. تشانغ ويتساي: رئيس مجلس إدارة الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية CSCEC مصر
2. وانغ تشي: المدير العامل للشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية CSCEC بمصر
3. يوان هاو: كبير المهندسين لمشروع منطقة الأعمال المركزية CBD بالعاصمة الإدارية 
4. لياو شين: المدير الفني لمشروع منطقة الأعمال المركزية CBD بالعاصمة الإدارية الجديدة
5. لي بينغهونغ: مسؤول بقسم الإعلام لمشروع منطقة الأعمال المركزية CBD  بالعاصمة الإدارية الجديدة
وذلك لما قدموه من مساعدة علمية ومعلومات من أجل نشر هذه الدراسة العلمية، على النحو الذي يليق بتاريخ ومكانة الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية CSCEC وإلى اللقاء في دراسات علمية أخرى حول دور الشركة في تنفيذ الخطط الإستراتيجية للتنمية المستدامة في مصر والمساهمة القوية في بناء الجمهورية الجديدة.

طالع أيضا:

………………………………………………………..
شارك في إعداد الدراسة: الحسين مدحت أحمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى