عام 536 ميلادية.. الظلام الذي حلّ على الأرض
وكالات
في عام 536 ميلادية، اختفت الشمس وحل الظلام. ذلك العام وصفه علماء العصور الوسطى، وليس المؤرخون المعاصرون، بأنه أسوأ عام في تاريخ البشرية، يُعتقد أن بركانًا هائلًا ثار في هذا العام، مما أدى إلى إرسال كميات ضخمة من الرماد البركاني إلى الغلاف الجوي، وغطت السماء لفترة طويلة، فحجب أشعة الشمس بشكل شبه كامل.
اقرأ أيضا.. ترامب يعلن ترشيح الملياردير جاريد إيزاكمان لرئاسة ناسا
نتيجة لهذا الحدث الطبيعي الكارثي، لم تشرق الشمس في مناطق واسعة من العالم بما في ذلك أوروبا والشرق الأوسط وأجزاء من آسيا لمدة 18 شهرًا كاملة.
وصف المؤرخ البيزنطي بروكوبيوس تلك الفترة قائلاً إن ضوء الشمس أصبح شبيهًا بضوء القمر، مع تراجع شديد في سطوعه، وقد أدت هذه الظاهرة إلى انخفاض حاد في درجات الحرارة، حيث انخفضت في بعض المناطق بأكثر من 30 درجة مئوية، وهو ما نتج عنه تساقط الثلوج في الصين خلال الصيف.
تسبب هذا التغير المناخي المفاجئ في فشل المحاصيل الزراعية، ما أدى إلى تفشي المجاعة والجوع في العديد من المناطق.
إضافة إلى ذلك، ألحق الركود الاقتصادي أضرارًا كبيرة بالدول التي تأثرت بالأزمة، في وقت كان فيه العالم لا يزال يعاني من تبعات الحروب والصراعات المستمرة، أصبح البشر يعيشون في بيئة من الظلام والبرد القارس، وهو ما جعلهم يواجهون صعوبات كبيرة للبقاء على قيد الحياة.
المؤرخون في ذلك الوقت تحدثوا عن اختفاء الشمس، لكنهم لم يكن لديهم تفسير علمي لما يحدث، لم يُعطِ الأكاديميون الحديثون اهتمامًا لهذه الروايات حتى نهاية القرن العشرين، في عام 1983، بدأ العلماء يشككون في أن ثوران بركاني هو المسؤول عن هذا الظلام.
في التسعينيات، أجرى الباحثون فحوصات على حلقات الأشجار في أيرلندا، ووجدوا أن درجات الحرارة قد انخفضت بشكل حاد في القرن السادس، مما عزز هذه الفرضية.
في عام 2018، أضافت دراسة جديدة مزيدًا من الأدلة على هذا التفسير، حيث أشار الباحثون إلى أن بركانًا ضخمًا كان السبب في التغيرات المناخية التي أدت إلى الظلام في عام 536، تم العثور على أدلة تؤكد هذه النظرية عبر تحليل نوى الجليد المحفورة من الأنهار الجليدية.
وصف المؤرخ مايكل ماكورميك عام 536 ميلادية بأنه “بداية واحدة من أسوأ الفترات التي عاشها البشر”، مشيرًا إلى أن هذا العام لم يكن فقط الأسوأ في تاريخه، بل أنه كان بداية سلسلة من الكوارث التي اجتاحت العالم.
بعد خمس سنوات من هذا الحدث، اندلعت جائحة الطاعون الدبلي الأول، الذي قضى على ما يصل إلى نصف سكان الإمبراطورية الرومانية الشرقية.
لقد شكل عام 536 نقطة تحول في تاريخ البشرية، حيث عانت العديد من الشعوب من آثار هذه الكارثة الطبيعية، وما تبعها من أوبئة ومجاعات.