عاطف عبد الغنى يكتب: يسوع واليهو د والحر ب الدينية (1 من 3)
بيان
مئات البرامج على الفضائيات، ومواقع التواصل، من أصحاب الرأى، وخبراء فى مراكز بحوث، ومحللين من السياسيين، ورجال الدين، مسلمين ومسيحيين، ولم أر أو أسمع من أحد منهم إجابة شافية على سؤال: لماذا توصف الهجمة الإسرائيلية العسكرية الشرسة المدعومة من الغرب الأمريكى والأوروبى على بلاد العرب وعلى مسلمى العالم، السنة والشيعة، بأنها “حرب دينية؟!.. ولا أجاب أحد عن أدوات هذه الحرب، وآلاتها وآلياتها، وبمعنى آخر: كيف هى حرب دينية ؟.
عموما الإجابة ليست سهلة ولا بسيطة كما يعتقد البعض، وإن كنت أرى أن ما قال به عالم الاجتماع العربي ابن خلدون عن دوافع الحروب بشكل عام، وأسبابها هى الأقرب للحقيقة، ويرجع “ابن خلدون” سبب الحروب الأساسى إلى الرغبة فى “الانتقام” وفى التفاصيل يقول: “وسبب هذا الانتقام فى الأكثر إمّا غيرة ومنافسة وإمّا عدوان وإمّا غضب لله ولدينه وإمّا غضب للملك وسعي فى تمهيده”، ومن الناحية الأخلاقية وصف الفيلسوف الاجتماعى حرب الغضب لله ودينه بأنها “حرب جهاد وعدل”.
وإذا ما قبلنا بهذا الرأى علينا أن نسأل بصوت عال: فى الصراع العربى الإسرائيلى تحديدا أيا من الطرفين يغضب لله، وأى طرف يدافع عن قضية عادلة؟ الإجابة أيضا هذه المرة ليست سهلة ولا بسيطة، ولا يجب أن نختزلها فى طرف واحد فنقول العرب ( باعتبارنا) ونسكت، لأننا إذا فعلنا ذلك لن نقنع المحايدين، الذين يراقبون الصراع، بعدالة قضيتنا، ولن نخصم من رصيد المعسكر المؤيد للطرف الآخر “إسرائيل”، وأرى أن الإجابة لابد أن تعود بنا إلى أصل الصراع.
منذ أن طرأ بنو إسرائيل أول مرة على فلسطين التى كانت تسمى أرض كنعان، وحسب كتاب “ذرية إبراهيم.. مقدمة عن اليهودية للمسلمين”، تأليف: روبن فايرستون، أن عام 1210 ق.م، هو التاريخ التقريبي ״لغزو״ بني إسرائيل أرض كنعان، يحكمهم رجال الدين الذين أطلق عليهم “القضاة” وكان بنو إسرائيل فى هذه الفترة يتكونون من 12 قبيلة “الأسباط” اجتمعت فيما يشبه الاتحاد الكونفدرالي غير المتين، عاشوا فى مناطق قبلية منفصلة، وعلى مر السنين، حدثت تغيرات كثيرة على المجتمع الإسرائيلى فى فلسطين، ولم يهنأ لهم عيش، ولا استقروا، ولم يعرف لهم كيان سياسى ثابت ذات حدود إلا لمدة زمنية قليلة جدًا هى التى حكمهم فيها نبيّا الله داوود وابنه سليمان سلام الله عليهما، وبنى خلالها سليمان بيتا جامعا لعبادة الله الواحد الأحد، أطلقوا عليه “الهيكل” فيما بعد وقالوا إنه لليهود، وهذا من باب الخطأ فلم يكن اسمهم يهودًا حتى هذا التاريخ.
ولم يكن البيت لإلههم فقط ولكن لله رب العالمين، ولم يخصص لعرق أو جنسية أو قبيلة “سبط” من أسباط بنى إسرائيل دون آخر، وكل ما سبق حدث بعد وفاة نبى الله سليمان، فقد انقسمت القبائل إلى كتلتين دينيتين وسياسيتين ( مملكة إسرائيل وجنوبها مملكة يهوذا) لكل كتلة معبد ومذبح وجبل تقدسه، وتحولت عبادة الواحد الأحد إلى طقوس أسطورية وثنية، فسلّط الله عليهم الفرس والبابليين، فجاءوا إليهم من العراق وغزوهم فى فلسطين، وأسروا النساء الشابات والرجال من مملكة إسرائيل أولا، ثم من مملكة “يهوذا” فى وقت لاق، وأخذوهم سبايا إلى العراق فيما عرف بالسبى البابلى، ( جرى ذلك من قبل على مملكة إسرائيل ).
لكن أخطر مما سبق أن البابليين فى غزوهم لمملكة يهوذا تحديدا التى كان يوجد بها المعبد الذى بناه نبى الله سليمان، هدموا المعبد، ويقول الكتاب المقدس فى العهد الجديد (الإنجيل) أن هدم الهيكل كان عقابا من الله سبحانه وتعالى على انحرافهم وفسادهم، ونحن نؤكد أنهم انحرفوا بعقيدة التوحيد، وأغرقوا الديانة فى أعمال كهنوتية فابتعدوا بها عن الله وشريعته (الناموس).
وبعد سنوات من سبيهم فى الأسر البابلى (قيل 70 عاما) قاد رجل الدين عزرا، عودة من تبقى من الذين سكنوا مملكة يهوذا ونسلهم تحديدا (استبعد المسبيين من مملكة إسرائيل) إلى أرض كنعان وفلسطين، فبنوا معبدا ثانيا قيل إنه كان على أنقاض المعبد الأول.
وللحكاية بقية …