باسم العاصى يكتب: ألف ليلة وليلة والشرق الفنان

بيان
ما من أثر من آثار الفن نشط وألهب الخيال العالمي كقصص ألف ليلة وليلة. فمن خلالها تشكلت صور عن الشرق أثارت خيال الفنانين والرسامين، بما يحتوي عليه هذا الكتاب التراثي من قصص مثّلت جزءًا كبيرًا من الموروث الشعبي العربي، الذي امتزج فيه الواقع بالأسطورة، في سردية قصصية مستوحاة من التاريخ والعادات وأخبار الملوك والجان، فضلًا عن قصص جاءت على ألسنة بعض الحيوانات.

ومنذ أن نقلها المستشرق الفرنسي أنطوان جالا من العربية عام 1704 إلى الفرنسية، فقد ترجمت إلى العديد من اللغات في أوروبا، رغم عدم دقتها بسبب الحذف والإضافة بما يتناسب مع الذوق العام في أوروبا في تلك الفترة وحساسيته الشديدة تجاه الشرق.

ورغم ذلك، فقد ساهمت بشكل كبير في تطور أدب الخيال في أوروبا والعالم، واستطاعت جذب خيال الفنانين والرحالة والرسامين، واكتشاف عالم الشرق وحضارته.

كانت ألف ليلة وليلة ركيزة أساسية في تأسيس علم الاستشراق، الذي تقوم فكرته على دراسة الشرق وثقافته وفلسفته وأديانه إبان الاستعمار، وإن كان قد وُظّف بشكل كبير لترسيخ صور سلبية ونمطية تجاه الشرق، كما أشار إدوارد سعيد في كتابه المثير للجدل الاستشراق.

ومع ذلك، كانت ألف ليلة وليلة بمثابة الوقوع في دائرة السحر، كما عبّر الناقد العراقي الكبير محسن جاسم الموسوي، المتخصص في الأدب العربي.

وهذا ما جعل تأثيرها يمتد عبر أجيال، فتأثر بها كثير من عظماء الأدب في أمريكا اللاتينية، أمثال جورجي لويس بورخيس وماركيز، أصحاب أدب الواقعية السحرية.

وقد استلهم أصحاب هذه المدرسة من الشرق الفنان ونظرته إلى الوجود، بين الواقع المحسوس والخيال العجائبي، بهدف تعميق فهم الواقع بشكل مسلٍ وساحر، يشعر القارئ المثقف والمستمع البسيط بعِبر الحياة وأحداثها.

وعلى الرغم من كل هذه السنوات وكل هذه الحداثة، ما زالت ألف ليلة وليلة تراثًا إنسانيًا قيّمًا ومُلغزًا في معرفة أصلها، ما بين العربي والفارسي والهندي، أو مزيج من هذه الثقافات التي تتميز بروح الشرق الفنان، وقد أطلق هذا الاسم كاتبنا الكبير زكي نجيب محمود على أحد كتبه الرائعة.

اقرأ أيضا:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى