ما بين كولومبيا وغزة.. تصريحات الرئيس بيترو تتحدى غرور ترامب

مصادر – بيان

في ظل تصاعد الأزمات العالمية، برز الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو كأحد القادة الذين يتخذون مواقف حازمة تجاه القضايا الإنسانية والحقوقية، سواء فيما يتعلق بالخلاف الدبلوماسي بين بوغوتا وواشنطن بشأن المهاجرين المرحلين، أو فيما يخص الأوضاع المتوترة في غزة.

موقف بيترو من السيادة الوطنية والضغوط الأمريكية

رفض بيترو الإجراءات الأمريكية الانتقامية بعد منعه هبوط طائرات الترحيل العسكري في كولومبيا، مؤكّدًا أن بلاده لن تسمح بمعاملة مواطنيها بطرق غير إنسانية. هذا الموقف عكس رفضه المطلق للضغوط الخارجية ومحاولات فرض سياسات تهدد السيادة الوطنية، وهو نفس المنطق الذي يتبناه عند الحديث عن القضية الفلسطينية.

تصريحات بيترو حول غزة

لم يكن موقف الرئيس الكولومبي من الأزمة في غزة أقل حدة، إذ أدان في تصريحات قوية العمليات العسكرية الإسرائيلية، مشبهًا ما يحدث هناك بممارسات الأنظمة القمعية عبر التاريخ. وأكد أن العدالة وحقوق الإنسان لا يجب أن تخضع للمصالح السياسية، وهو ما يتماشى مع موقفه الرافض لانتهاك حقوق المهاجرين في بلاده.

بين كولومبيا وغزة.. رؤية موحدة ضد القهر والهيمنة

يبدو أن بيترو يسعى إلى تكريس صورة كولومبيا كدولة مستقلة لا ترضخ للضغوط الدولية، سواء من الولايات المتحدة أو القوى الكبرى الأخرى. وبالنسبة له، فإن حقوق الإنسان لا تتجزأ، سواء كان الحديث عن المهاجرين المرحلين من أمريكا أو المدنيين في غزة.

هل تعيد مواقف بيترو رسم خريطة التحالفات؟

مع استمرار سياساته الحادة تجاه الملفات الدولية، قد تجد كولومبيا نفسها في إعادة تموضع استراتيجي، بعيدًا عن التحالفات التقليدية مع الولايات المتحدة، ومقتربة أكثر من الدول التي تتبنى نهجًا مناهضًا للهيمنة الدولية. فهل يصبح بيترو لاعبًا مؤثرًا على الساحة الدولية، أم أن هذه المواقف ستكلفه صدامات أعمق مع القوى الكبرى؟

تصعيد وإجراءات أمريكية انتقامية

وكانت الساعات القليلة الماضية قد شهدت تصعيدًا جديدًا في الخلاف الدبلوماسي بين كولومبيا والولايات المتحدة، بعدما رفض الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو الاعتذار عن قراره منع الطائرات العسكرية الأمريكية، التي تحمل مواطنين كولومبيين مرحلين، من الهبوط في بلاده.

ردًا على قرار بيترو، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فرض تعريفة جمركية بنسبة 25٪ على جميع الواردات الكولومبية، إلى جانب حظر السفر وإلغاء التأشيرات لمسؤولي الحكومة الكولومبية، مما زاد من حدة التوتر بين البلدين.

جاء رد الرئيس بيترو حاسمًا، إذ رفض العقوبات الأمريكية واعتبرها تعديًا على سيادة كولومبيا، مشددًا على أن بلاده لن تقبل عمليات الترحيل إذا تمت بطرق غير إنسانية. كما انتقد استخدام الطائرات العسكرية الأمريكية لهذا الغرض، مؤكدًا أن “كولومبيا ليست نازية، ولن تشارك في مداهمات لإعادة المرحلين مقيدين إلى الولايات المتحدة”.

تعديلات على شروط الترحيل  

رغم التصعيد الأولي، توصلت كولومبيا والولايات المتحدة إلى اتفاق جديد يسمح بعودة المهاجرين المرحلين دون قيود، مع تقديم واشنطن تنازلات تشمل:

  • إلغاء استخدام القيود أثناء الترحيل.
  • منع تصوير المرحلين أو استغلالهم إعلاميًا.
  • استبدال الضباط العسكريين بمسؤولي الأمن الداخلي لمرافقة الرحلات.
  • سماح كولومبيا باستخدام طائراتها الجوية لإعادة المرحلين، مع ضمان معاملتهم بكرامة.
الكولومبيون مقيدون خلال ترحيلهم من أمريكا وإعادتهم إلى كولومبيا
الكولومبيون مقيدون خلال ترحيلهم من أمريكا وإعادتهم إلى كولومبيا

تشجيع العودة الطوعية ودعم الاندماج

في أعقاب هذه التفاهمات، دعا الرئيس بيترو المهاجرين الكولومبيين غير المسجلين في الولايات المتحدة إلى العودة إلى وطنهم، واعدًا بتقديم دعم حكومي لتسهيل إعادة اندماجهم. كما أعلن عن توفير قروض من وزارة الرخاء الاجتماعي لمساعدة العائدين على إعادة بناء حياتهم اقتصاديًا داخل كولومبيا.

رسائل سياسية ودبلوماسية متشابكة

تعكس هذه التطورات تعقيدات العلاقات الدولية، حيث تسعى الدول لتحقيق التوازن بين سيادتها الوطنية، وحقوق الإنسان، والعلاقات الدبلوماسية، في ظل تحديات سياسية واقتصادية متزايدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى