قرار أممي بحرمان الجماعات الإرهابية من إعادة تأسيس قدراتها وتحويل سوريا إلى ملاذ لها
![](https://bayan-gate.com/wp-content/uploads/2025/02/0-4.jpg)
كتب: أشرف التهامي
حرمان الجماعات الإرهابية من إعادة تأسيس قدراتها و تحويل سوريا إلى ملاذ لها، والتشديد على أهمية مكافحة الإرهاب في سوريا ، و ضرورة التزام سوريا بجميع قرارات المجلس ذات الصلة بالأسلحة غير التقليدية ، كان مضمون أهم ما جاء في بيان مجلس الأمن في جلسته بتاريخ 17 ديسمبر العام المنصرم رغم سقوط الأسد في الثامن من نفس الشهر.
وفى الجلسة المشار إليه آنفا، اتفق المجلس على إصدار بيان صحفي دعا فيه أعضاء المجلس إلى تنفيذ عملية سياسية شاملة على أساس المبادئ الأساسية الواردة في القرار 2254 (2015) التي تيسرها الأمم المتحدة، ودعم جهود المبعوث الخاص للمساعدة في تسهيل هذه العملية التي يجب أن تُلبّي التطلُّعات المشروعة لجميع السوريين، وأن تحميهم جميعاً، وتُمكّنهم من تقرير مستقبلهم سلمياً وبشكل مستقلّ وديمقراطي.
النقطة الأهمّ في هذا البيان الصحفي هو الإجماع الذي يحدث لأول مرة في مجلس الأمن على تجنُّب الإشارة إلى هيئة تحرير الشام وتوصيفها منظمة إرهابية مُدرَجة على قوائم المجلس، على الرغم من أنها مازالت مدرجة على قوائم الإرهاب، وهو ما يعني بَدْء تحوُّل جذري في الموقف الروسي والصيني تجاهها بعد سقوط نظام الأسد.
التوقعات القادمة
ويُتوقَّع ضِمن الجلسة القادمة للمجلس في اليوم 8 فبراير 2025 أن تكون القضية الأكثر إلحاحاً هي:
إنشاء هيكل حكم غير طائفي وتمثيلي.
ضمان عملية سياسية ذات مصداقية تسترشد بمبادئ القرار 2254، وتعطي الأولوية لاحتياجات وتطلُّعات جميع السوريين.
منع تجزئة البلاد، والحفاظ على مؤسسات الدولة.
حيث أدرج مجلس الأمن في برنامجه عن شهر فبراير 2025 جلستين لمناقشة تطوُّرات الوضع السياسي في سوريا، وبذلك يكون المجلس قد أدرج 5 جلسات عن سوريا منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024، كان آخِرها جلسة مغلقة نهاية يناير 2025 بطلب من الجزائر، وبدفع من المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون الذي قدَّم إحاطته من دمشق.
وبحسب المداولات فإن المجلس سيكون أمام مسارين في هذه الجلسة:
المسارالأول
هو إمكانية النظر في عقد اجتماع خاص مع أصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين لمناقشة سُبُل تكييف العملية السياسية مع الحقائق الجديدة على الأرض، والاستماع إلى آرائهم بشأن الإستراتيجية المناسبة للمُضِيّ قُدُماً، والاجتماع المقترَح يختلف عن اجتماعات العقبة والرياض، والاجتماع المزمَع عَقْده في باريس 13 فبراير 2025، ووجه الخلاف أنه يمكن أن يضم دولاً مثل روسيا والصين، وربما إيران التي تم إبعادها عن الاجتماعات السابقة بشأن سوريا، على أن يعالج المؤتمر إلى جانب القضايا السياسية قضايا أخرى؛ أهمها:
الاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة.
ضمان الظروف المناسبة للعودة الآمنة للاجئين السوريين.
معالجة قضايا رئيسية مثل التنمية الاقتصادية، وإعادة الإعمار.
المسار الثاني
هو النظر في إصدار بيان رئاسي للتعبير عن دعمه للحكومة المؤقتة السورية الجديدة، وحثها على المُضِيّ نحو تطبيق الأحكام الرئيسية للقرار 2254، وتمهيد الطريق لصياغة الدستور، وإجراء الانتخابات.
ومن شأن هذا البيان الرئاسي إذا صدر، أن يكون الإجراء الأعلى الذي يتخذه المجلس، وأن يُغني عن مناقشة الحاجة إلى صدور قرار جديد عن المجلس، إذ إنّ الخُطوات التالية بعد تشكيل الحكومة التمثيلية التي يطالب بها المجتمع الدولي، مثل الدستور والانتخابات، ستكون من وظائف هذه الحكومة، والأمم المتحدة لن تتدخل فيها ما لم تطلب منها الدولة السورية بحلتها المؤقتة ذلك، خصوصاً مع تصريح الرئيس المؤقت ” أبو محمد الجولاني” الذي نصب نفسه رئيساً للبلاد دون الرجوع لصناديق الإنتخاب:” أن الوقت للوصول إلى إقرار الدستور، وإجراء الانتخابات قد يستغرق ما بين 4 إلى 5 سنوات، ولا يُتصوَّر أن تُبقي الأمم المتحدة على مهمة المبعوث في سوريا طوال هذه الفترة، وفي مسألة لا دور له فيها.”
هذا وتهتم الحكومة المؤقتة الجديدة بوقف تداوُل الشأن السياسي السوري في مجلس الأمن، فهي ترى أن القرار 2254 تم تطبيقه فعلياً في الجزء الذي كانت الأمم المتحدة تيسر التفاوُض حوله من وجهة نظرها وما يخدم رغبتها في الاستئثار بالسلطة، وهو الحكم الانتقالي، ومقتضى هذه الرؤية إنهاء مهمة المبعوث الخاص، وسحب أيّ صفة تمثيلية عن الشعب السوري أو عن جزء منه من المنصات المُعارِضة المشار إليها في القرار، بينما يُتوقَّع أن تدعم الحكومة المؤقتة الجديدة استمرار تداوُل قرارات وقضايا أخرى مثل القرار 2118 (2013) المتعلق بالأسلحة الكيماوية، ولجان التحقيق الدولية المعنية بانتهاكات حقوق الإنسان، وملفات المفقودين، وإعادة الإعمار.
الطريق إلى وَقْف تداول الشأن السياسي في الأمم المتحدة، وبالتالي وَقْف أيّ تدخُّل في الشأن الداخلي السوري، يكون بتسريع تشكيل حكومة “أوسع وأكثر تنوُّعاً، بمشاركة جميع فئات المجتمع”، وَفْق ما صرح به الرئيس المؤقت “الجولاني”لصحيفة “إيكونوميست”، وهو ما ينبغي فعله في أقرب وقت ممكن، حيث إن بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن قد تميل إلى تأخير صدور البيان الرئاسي إلى ما بعد تشكيل الحكومة القادمة، وهو يعني نوعاً ما تأخير الإجماع الدولي على الاعتراف بالحكومة السورية المؤقتة الجديدة، وإبقاء الباب مفتوحاً أمام التدخُّل في الشأن الداخلي السوري.
فهل سيذهب المشهد السوري إلى تسريع تشكيل حكومة “أوسع وأكثر تنوُّعاً، بمشاركة جميع فئات المجتمع”؟
أم ستواصل هيئة تحرير الشام التي مازالت مدرجة هي وكافة أعضائها على لوائح الإرهاب بالاستئثار بالسلطة و تقصي كافة الأطراف المدنية والسياسية التي هيأت لها الظروف للوصول إلى السلطة؟
هذا ما سيخبرنا به قادم الأيام.