“قل شكوتك”.. طريقٌ وقيود

كتبت: أسماء خليل

حينما يجبرك الآخرون بل المقربون على تصرفاتٍ تُشعرك وكأنك مُسير، لا تدري ماذا تفعل!.. ربما بفضل قوة الدفع اللا إرادية تصدق في نفسك فيما دفعوك نحوه، وقد تتجه في طريقٍ عكس عقارب الساعة، وذاك ما أوضعوك على رأسه، هذا ما حدث لي، وأنا الآن على أعتاب الهاوية، وياليتني ما فعلت.

أعتقد أن ما سبق هو مقدمة مناسبة لشكوى أرسلتها السيدة “ي. ك”، عبر البريد الإلكتروني، راجية من الله تعالى أن تجد من يؤازرها ويقف جوارها.

الشكوى

أنا زوجة بالعقد الرابع من عمري، أعيش بإحدى مدن الوادي، حاصلة على ماجستير في العلوم الإنسانية، وأعمل بواحدة من المؤسسات الحكومية.

رزقني الله بطفلة جميلة مازالت حديثة العهد بالتعرف على الحياة، وزوجي يعمل مهندس كمبيوتر، وبلغ الأربعين من سني عمره.

نشأتُ في بيت أسرتي لأبوين مثقفين ميسوري الحال، وكنتُ فتاة مُدللة مما انعكس على شخصيتي في صعوبة اتخاذ القرارات المصيرية في حياتي، ورغم قدر الترفيه الذي حصلت عليه من أمي؛ إلا أنها هي وأبي كانا منفصلَين عاطفيًا؛ فكرهتُ العلاقات الزوجية لدرجة جعلتني أواصل التعليم بشكل مستمر حتى لا أتزوج.

وبالفعل تقدم لخطبتي الكثير من الخطاب حتى انقطع ذلك المدد وبدأ من حولي يلحقون بي صفة العنوسة فقد كنتُ قد تعديتُ الثلاثين من عمري.

ذكرت لأمي كثيرًا أنني أحب حياتي هكذا بلا زواجن ولكنها أقسمت إذا تقدم لخطبتي أي شاب ستزوجني في الحال.

وبعد بضع شهور تقدم لخطبتي شاب يعمل مهندسًا للكمبيوتر ولكنه ضعيف السمع جدا ولا يسمع بدون سماعة وهذا يؤثر على كلامه، كِدتُ أرفض ولكني خشيتُ من الذنب، وكذلك أمي وافقت وخاصة أنّ لديه أرضًا وشقة على أعلى مستوى من الذوق والتنسيق.

تمت الخطبة وتفاهمنا إلى حدٍّ ما، فقد كان على قدر كبير من الثقافة والذكاء، ولكنه كان يأتي في بعض الأحيان غير مرتدي السماعة ونظل صامتين ينظر إليَّ فقط.

قلتُ لأمي لا أريد، قالت هذا عدم رضا، ولابد أن تتزوجيه.. تزوجته خوفًا من التصديق بمقولات أمي عن نفسي، والتي ألحقت بي صفات الغرور والتعالي، الذي سيودي بي إلى هلاك مُحقق.

في بداية حياتي الزوجية، كنتُ منبهرة بتلك الحياة وشعرتُ بالسعادة، ثم ذهبتُ للعمل وكان وقتي مشحونًا ما بين العمل والمنزل.

وتبدأ مشكلتي الحقيقية حينما واجهتني مصاعب بالعمل؛ فالتجأتُ لزوجي كي يقف جواري، وفي تلك الفترة كان قد ألقى بالسماعة ولا يريدها.. ولا يريد أن يتحدث معي ولا يشاركني أي شيء بالحياة.

أعتقدتُ حينها أنه يمر بظروف نفسية وسوف تتحسن حالته مع الوقت، ولكني اكتشفت أنه نوع من أنواع الهروب من المسؤولية، فهو يقضي وقتًا في عمله ثم يأتي المنزل في انفصال تام عنَّا أنا وابنته التي لا يعرف عنها شيئًا ويمارس هواياته في صمت.

طلبتُ من والدته وأخوه أن يتناقشا معه، لكنه إذا فعل ما يرضيهما، يظل يومًا واحدًا، ثم سرعان ما يعود لما كان عليه.

في الواقع إنَّني سئمتُ من كل شيء وأفكر بشكل جاد في الطلاق، على أقل تقدير سأجد من أكلمه.. ماذا أفعل بحق الله؟!

الحــــــــل

عزيزتي “ي. ك” كان الله في العون..

إن قراراتنا بالحياة تشبه الصعود على درجات السُلَّم؛ فإذا كان صعود أول درجة نحو الهاوية؛ سيستمر مسلسل التهاوي نحو نفس الهاوية، وإذا كان صعود أول درجاته نحو المنطق ستكون آخر درجاته الاستقرار والراحة،، كذلكِ شكل بنائكِ عزيزتي، فأول درجاته التردد واللامنطق، حيث إن فلسفة الحياة تنحني أمام تقاليد المجتمعات الشرقية.

حتمًا لكِ أم ستظل تلح عليكِ بالزواج وهذا أمر طبيعي؛ فكان عليكِ اختيار شابًّا مناسبًا لفكركِ ونفسيتك وتتزوجيه.. ثم كانت الدرجة الثانية، وهي عدولك بالإحجام عن الزواج في الوقت الذي تيقن من حولك أنكِ مُضربة عن الزواج، ومن المؤكد ألَّا يتقدم لخطبتكِ أحد.

وبعدها كان صعودكِ على أخطر درجة من الناحية الفكرية والعقائدية والواقعية؛ حيث اعتقادكِ أن عدم موافقتكِ على ذلك العريس نوع من أنواع التعالي وعدم الرضا، وهذا خطأ.

حيث أن الله تعالى خلق الإنسان مُخيَّرًا وليس مُسيرًا، فالعروس لها أن تطلب ما تشاء، فكان بإمكانكِ الرفض، لأنه كان واضحًا أمامكِ عِناد شخصية الرجل، حيث يأتي- في بعض حين- دون سماعة أذن.

ثم كان صعودك على الدرجة التي تليها وهي عدم تفهمكِ لذلك الزوج؛ إذ أنه حتمًا يمر بأزمة نفسية.

عزيزتي.. كونكِ قد وافقتِ على زوجكِ فهذا يعني أنكِ على قدر من الطيبة، وقد وقر في قلبكِ مخافة الله.. وإذا كانت رأس الحكمة مخافة الله إذن أنتِ حكيمة.

ومن هنا سنهدم ذلك السلم وستبدئين الصعود على سلم آخر أول درجاته الرحمة والعقل لأنكِ أم لطفلة جميلة، وزوج يحتاج مساعدتكِ، فقد وافقتِ يومًا على الزواج منه من أجل شقته الفخمة وأرضه التي يمتلكها.. وستكون خطوتكِ التالية في عيادة الطب النفسي لتستشيري الطبيب عن أمر زوجكِ الذي يريد اعتزال العالم برغبته؛ إذ ربما أرشدكِ الطبيب لما لا ترينه أنتِ في شخصيتكِ جعله لا يريد مشاركتكِ الحياة.

وستكون خطوتكِ الثالثة نحو اليقين في أن غدًا أفضل بالإيمان بالله والصبر على الابتلاء، وستتوالى خطواتكِ بالنظر والتأمل في نعم الله من حولكِ، فقد منحكِ الكثير فحاولي التغاضي عن القليل وعيشي حياتكِ واسعدي نفسكِ بكل السبل الممكنة، وتأكدي أنكِ أردتِ أن ترضى الله تعالى بزواجك من ذلك الرجل شفقة ورحمةً بحاله؛ فسوف يرضيكِ الله بحوله وقوته.

منحكِ الله السعادة وراحة البال.

…………………………………………………………………………………………………..

راسلوني عبر الواتس آب 01153870926 و “قل شكوتك” وأنت مطمئن لعلى بعد الله أستطيع أن أخففها عنك.

اقرأ فى هذه السلسلة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى