د. ناجح إبراهيم: د. محمد الطاهر.. الطب والإنسانية

بيان
كتب د/ناجح إبراهيم مقالاً بعنوان” د/محمد الطاهر .. الطب والإنسانية ” وتم نشره في جريدة الشروق السبت وهذا هو نص المقال:
– تخرج فى كلية الطب بإحدى جامعات بريطانيا ، تخصص في جراحة الحوادث والأطراف العلوية وتوصيل الأعصاب الطرفية أي ما يسمي عندنا بالجراحة الميكروسكوبية، وتدرج حتى أصبح استشاريا مخضرما في هذا المجال الطبي النادر، برز اسمه كجراح عظيم وإنسان نبيل ووطني من الدرجة الأولي حينما تطوع عام ٢٠٢٤ ضمن وفد طبي تابع لمؤسسة “فجر سينتفيك” لعلاج الجرحى في قطاع غزة ، وصل إليها في الربع الأول من عام ٢٠٢٤ وكان له دور محوري في إجراء الجراحات الدقيقة في المستشفى الأوروبي جنوب قطاع غزة.
– انتهت مهمته الطبية الرسمية في غزة بعد ثلاثة أشهر إلا إنه أصر علي البقاء هناك علي مسؤوليته الشخصية رغم التحذيرات الكثيرة التي تلقاها وخاصة عند اقتراب الجيش الإسرائيلي من اقتحام جنوب القطاع وقصفه، لم يأبه بالقصف ولا الاغتيالات الإسرائيلية واقتحام المستشفيات أو قصفها، استمر في عمله بشجاعة منقطعة النظير.
– رغم ما أصاب القطاع الطبي في غزة أثناء العدوان الإسرائيلي من تردي في كل شيء نتيجة الحصار الخانق للقطاع، ومنع إسرائيل لكل المستلزمات الطبية والجراحية والأدوية، إلا أن بطل البالطو الأبيض د/محمد الطاهر استطاع إعادة زرع ذراع طفلة في التاسعة من عمرها نتيجة قصف الاحتلال لمنطقة دير البلح وسط غزة، فقد طلب إحضار الجزء المبتور الذي ظل تحت الركام ثلاثة أيام وتأكد من إمكانية إعادته وأجرى للطفلة جراحة معقدة ونادرة في ظروف بالغة التعقيد وبإمكانيات أقل من المطلوب ونجح في زرع الجزء المبتور ووصله مرة أخرى بالذراع.
– لم يستطع سكان غزة الاحتفاء به أثناء المعارك ولكنهم فعلوا ذلك ممتنين بعد وقف إطلاق النار ، أبي أن يغادر غزة حتى فرح معهم ووقف بينهم مشاركا، وقال : “ذكرياتي مملوءة بالأحزان والآلام ، ولكني فرح جداً أن أشهد فرحة أهل غزة”.
– كان يستقبل حالات الإصابات الجسيمة والوفيات بالمستشفى وله صورة مشهورة وهو يحمل طفلاً ميتا فهتف بكل مشاعره: حسبي الله ونعم الوكيل.
– قال قبل المغادرة : أنا سأغادر لأرى والدتي وقد أستاذنتها قبل ذلك لعلاج بعض الحالات الصعبة وتأخرت عن موعدي معها وأذنت لي بذلك قائلة: “هؤلاء الأبطال الجرحى أهم”.
– حينما عاد إلي بريطانيا وجد العشرات من أسرته وأصدقائه يستقبلونه في المطار، أنحني علي والدته يقبل رأسها ثم رجليها، طوقوا صدره بعلم فلسطين وهم يهتفون في مطار هيثرو: “فلسطين حرة ” باللغة الإنجليزية، وقف مبتسماً يحيي عشرات المستقبلين سعيداً بهذه الهتافات الجميلة.
– يكرر د/محمد الطاهر: “أيامي في غزة هي أجمل أيامي تعلمت منها الكثير، رأيت صمود وثبات وصبر هذا الشعب العظيم”.
– ينحدر د/محمد الطاهر استشاري الجراحة الميكروسكوبية والحوادث في الطرف العلوي – البريطاني الجنسية – من أصول عراقية من مدينة النجف وهو يجيد العربية والإنجليزية إجادة تامة، ويعد نموذجاً رائعاً للطبيب المسلم والعربي والإنسان فهو يعطي بغير حساب، ويقتحم المخاطر لعلاج مرضاه، يذهب إلي غزة في أشق وأصعب وأخطر أيامها، لم يكترث بالقصف الإسرائيلي المتكرر.
– لقد انتصر البالطو الأبيض في غزة مراراً علي الدبابة الحمقاء، تحية للأطباء في كل دروب العطاء والتضحية، تحية للدكتور محمد الطاهر.