التطبيع وخطة ترامب بشأن غزة.. هكذا ترد السعودية

كتب: أشرف التهامي

القضية الفلسطينية أصبحت محورية في الرأي العام داخل المملكة العربية السعودية، والرأى العام العربي، وهو  ما لا يمكن للنظام الدولي تجاهلها مما يدفع البراجماتية بعيدا؛ ويرى الإسرائيليون أن موقف ترامب من إيران قد يغير موقف الرياض الاستراتيجي ويجعله أكثر مرونة.

ويعكس التقرير التالى بعض ملامح للنظرة الإعلامية الإسرائيلية، لموقف المملكة السعودية من التطبيع مع إسرائيل على خلفية المستجدات المتعلقة بالتطورات الحادثة فى غزة، والقضية الفلسطنية بشكل عام.

ترامب يكذب على نتنياهو ويفتري على السعودية

في اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن الأسبوع الماضي، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن السعودية لا تطالب بإقامة دولة فلسطينية مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وسارعت وزارة الخارجية السعودية إلى الرد، نافية هذا الادعاء.

وتشعر الرياض بالحاجة إلى تكرار موقفها في كل فرصة، بعد التقارير، وخاصة في الصحافة الإسرائيلية، التي تفيد بأنها لم تكن سوى تقدم خدمة لفظية للفلسطينيين. والحقيقة أكثر تعقيدا.
ومنذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر ، أصبحت القضية الفلسطينية قضية مركزية في الرأي العام السعودي والعربي، ولا يمكن للنظام الدولي عامة والعربي خاصة أن يتجاهل هذه الحقيقة، ولا يمكنه أن يسمح بالنقد من العرب وغيرهم.

الدمار في جباليا بغزة.
الدمار في جباليا بغزة.

ثمن التطبيع في بورصة غزة

لقد ارتفع ثمن التطبيع منذ بداية الحرب ومع ارتفاع عدد القتلى في غزة. لقد أضافت مشاهد الدمار في القطاع المزيد من الضغوط وجعلت البراجماتية أكثر صعوبة.
لقد تسببت تعليقات ترامب حول إبعاد سكان غزة إلى الدول المجاورة في حدوث تأثير معاكس في الرياض وأجبرت القادة السعوديين على مواءمة موقفهم مع الموقف العربي، ورفض خطة الرئيس الأمريكي المتهورة و الغير محسوبة.
كما غضب السعوديون من تعليقات نتنياهو  على القناة 14 الإسرائيلية اليمينية، عندما قال مازحا: “إن المملكة العربية السعودية كبيرة بما يكفي لتوطين الفلسطينيين على أراضيها”، وإذا تم الإدلاء بمزيد من مثل هذه التعليقات، فقد يتلاشى الأمل في التطبيع.
وأصبح الخطاب السعودي أكثر انتقادا لإسرائيل، وبلغ هذا ذروته في تصريح لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في نوفمبر الماضي عندما ألقى باللوم على الكيان الإسرائيلي في ارتكاب “إبادة جماعية” في غزة، وهو ما يتناقض مع تصريحات سابقة بما في ذلك في مقابلات مع وسائل الإعلام الأميركية.
لقد أصبح السعوديون أيضاً من المدافعين عن الفلسطينيين على نحو لم يسبق لهم أن كانوا عليه من قبل، حيث دائماً ما يؤكدون معاداة إسرائيل كبقية دول المنطقة. وهم من محور زعماء القضية الفلسطينية، وقد أنشأوا تحالفات دولية لتعزيز قيام الدولة الفلسطينية.

بالنسبة للمملكة العربية السعودية

والمظاهر لا تقل أهمية عن المحتوى، ويأملون أن يُنظَر إليهم باعتبارهم قد وضعوا الأساس لدولة فلسطينية، على الرغم من أنهم يدركون أن مثل هذه الدولة لن تقام الآن خاصة في ظل تغير الموازين الإستراتيجية في المنطقة بعد سقوط الأسد في سوريا وتصفية حسن نصر و أغلب قادة حزب الله في لبنان و تصفية كبار قادة حركة حماس مثل السنوار والضيف وهنية وغيرهم، وكسرمعظم الأزرع الإيرانية التي كانت تلتف حول الكيان الإسرائيلي .
منذ بداية الحرب، دعت الرياض إلى وقف إطلاق النار في غزة، وعندما تم الاتفاق على وقف إطلاق النار، أشارت إلى أن ذلك من شأنه أن يضع حداً لـ “العدوان الإسرائيلي الهمجي”. ولم يكتف السعوديون بالدعوة إلى انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من القطاع، بل أضافوا الآن مطلباً بانسحاب إسرائيل “من جميع الأراضي العربية”، في إشارة إلى جنوب لبنان ومرتفعات الجولان السورية.
كانت المملكة لا تزال تفكر بالتطبيع مع إسرائيل إذا كان ذلك من شأنه أن يوفر المكافآت الأميركية التي كانت لتحرم منها لولا ذلك.

ويمكن إضفاء لمسة إيجابية على الموقف من خلال النظر إلى الموقف السعودي باعتباره إجراءً مضاداً للعناصر الإقليمية المتطرفة مثل إيران وتركيا.

وتربط الرياض وقف إطلاق النار في غزة بالتطبيع، مما يجعله شرطاً أساسياً لبدء عملية التطبيع.
ويرى الساسة الإسرائيليون أنه في ظل إدارة ترامب، قد تتراجع المملكة العربية السعودية بسهولة أكبر عن موقفها فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية، لكنها ستطالب بشروط.
وبعد الإعلان عن وقف إطلاق النار، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود إن من مصلحة المملكة أن يتم تنفيذه بالكامل، وإنه يجب على جميع اللاعبين الإقليميين أن يكون لديهم رسالة واضحة لحماس وغيرها، بعدم تعطيله.
في ظل إدارة ترامب، قد يجد السعوديون أنه من الأسهل التراجع عن موقفهم المعلن بشأن القضية الفلسطينية، لكنهم سيطالبون بشروط للقيام بذلك بما في ذلك ضمان:
وقف إطلاق النار بشكل دائم.
انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من غزة .
بدء إعادة تأهيل القطاع.
ومن المرجح أن تلعب الرياض دورًا في الآلية الدولية المسؤولة عن إعادة الإعمار، كما تريد أن ترى السلطة الفلسطينية تعود إلى غزة لتحل محل حماس.

سياسة ترامب تجاه إيران

إن سياسة ترامب تجاه إيران قد تؤثر على موقف الدولة الخليجية. إن تحسين الوضع الاستراتيجي للمملكة العربية السعودية من شأنه أن يسمح لها بتحمل المزيد من المخاطر.
وكلما كان ترامب أكثر حزماً تجاه إيران والحاجة إلى منعها من الحصول على الأسلحة النووية، كلما كان من الأسهل على السعوديين وربما إسرائيل إظهار المرونة عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين بحسب قادة الكيان الإسرائيلي.
ويأمل محمد بن سلمان أن يصبح ملكا، ربما هذا العام، ويحتاج إلى الشرعية الداخلية والخارجية.

والقضية الفلسطينية هي المفتاح لمنح هذه الشرعية، في المملكة العربية السعودية وأماكن أخرى في العالم العربي. وتدرك الرياض أن إنشاء دولة فلسطينية في المستقبل القريب صعب المنال بعض الشيء وليس مؤكد في ظل تعنت اليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو ، لكنها تريد أن ترى خطوات إسرائيلية وأميركية ملموسة تتخذ، حتى ولو تدريجيا.

وفي المقابل، قد توافق إسرائيل وأميركا على تطبيع تدريجي بمعايير الرياض من شأنه أن يعرضهما لمخاطر أقل.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى