تركيا الراعي الرسمي لسوريا الجديدة: ماذا يحدث فى مطار دمشق الدولي؟

كتب: أشرف التهامي
وفي إطار دعمها لجهود إعادة تأهيل البنية التحتية في سوريا، أرسلت تركيا فريقاً من الخبراء في السابع من فبراير للمساعدة في ترميم وتحديث مطار دمشق الدولي.
لقد تعرض المطار لأضرار جسيمة على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية بسبب الحرب الأهلية والعقوبات الدولية والعديد من الغارات الجوية الإسرائيلية.
ويضم الفريق الذي أرسلته هيئة المطارات التركية 25 مهندساً ومتخصصاً بدأوا عملهم قبل عدة أيام.
بيان تركي خاص.
وفي بيان خاص، أعلن وزير النقل والبنية التحتية التركي أن الفريق الفني التركي يعمل على:
استبدال أنظمة الملاحة والاتصالات في المطار.
ترقية تدابير الأمن والسلامة.
تدريب أفراد الأمن والأرض على تشغيل الأنظمة الجديدة.
وكجزء من هذا الجهد، قدمت تركيا:
10 أجهزة أشعة سينية.
4 أجهزة كشف متفجرات.
10 أجهزة كشف معادن.
معدات مكافحة الحرائق والإنقاذ، بما في ذلك شاحنتا إطفاء.
خطوات تركيا لترسيخ نفسها كقوة رائدة في سوريا
إن إعادة تأهيل مطار دمشق الدولي يمثل إحدى الخطوات الملموسة الأولى التي اتخذتها تركيا نحو ترسيخ نفسها كقوة رائدة في سوريا. وكما ذكرنا في وقت سابق من هذا الشهر في تقارير سابقة ، فإن تركيا لديها مصلحة واضحة في أن تصبح لاعباً رئيسياً في إعادة إعمار سوريا على المدى الطويل، وهي العملية التي من المتوقع أن تستغرق سنوات.
ومن المرجح أن تسفر هذه المشاركة عن فوائد اقتصادية كبيرة من شأنها أن تعزز الاقتصاد التركي المتعثر. ولكن الأهم من ذلك، من المتوقع أن تترجم إلى نفوذ سياسي وعسكري، مما يعزز طموحات الرئيس أردوغان الأوسع.
خطوات تعزيز تركيا لنفوذها السياسي و العسكري في سوريا الجديدة.
لقد اضطلعت تركيا بدور رئيسى فى دعم الفصائل المسلحة السورية لإسقاط نظام بشار الأسد، بالتعاون مع أطراف إقليمية ودولية. ولم يتوقف هذا الدعم بعد الانهيار والسقوط المفاجئ للنظام السورى السابق، بل أخذ عدة اتجاهات، منها ما يخص المصالح التركية وأهدافها الأمنية المعلنة منذ فترة طويلة عن أهمية وضرورة تأمين الحدود التركية السورية بإعادة ترتيب الأوضاع فى شمال سوريا، ومنها ما يتصل بإعادة هيكلة الدولة السورية ومؤسساتها السيادية على أسس جديدة بالتعاون والتنسيق مع الإدارة السورية الانتقالية.
توافد على دمشق منذ 8 ديسمبر 2024، تاريخ سقوط نظام بشار الأسد، كبار المسئولين الأتراك ابتداء من وزير الخارجية هاكان فيدان، ورئيس المخابرات إبراهيم كالين، ووفد من وزارة الدفاع التركية، وعقدوا عدة لقاءات على فترات متتالية مع الرئيس السورى الجديد أحمد الشرع ” أبو محمد الجولاني ” الذي مازال مدرجاً على لوائح الإرهاب هو و كامل حكومته التي نصبها دون إنتخابات شرعية في البلاد، حتى قبل أن يعلن اختياره رئيسًا، ومع وزير الخارجية أسعد الشيبانى، ورئيس المخابرات السورية أنس خطاب. كما زار أنقرة وفد سورى مكون من وزير الدفاع، والخارجية، ورئيس المخابرات، والتقوا مع نظرائهم الأتراك ومع الرئيس أردوغان. وكانت زيارة الرئيس أحمد الشرع “الجولاني ” لتركيا هى الثانية فى أولى زياراته الخارجية بعد أن زار السعودية، حيث تمت الزيارة يوم 4 فبراير 2025 بدعوة من الرئيس أردوغان.

وتكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة حيث تم خلالها الاتفاق على عدة موضوعات، وبدء مناقشات على أعلى مستوى بين البلدين حول موضوعات بالغة الأهمية.
أكد الرئيس أردوغان على استعداد تركيا لتقديم الدعم للإدارة السورية الجديدة فى:
محاربة التنظيمات الإرهابية.
الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها.
العمل على تثبيت الأمن والاستقرار فيها.
كما اتفق مع الرئيس الشرع ” الجولاني ” على تحقيق السلام فى سوريا، وما سيتخذ من خطوات ضد التنظيمات الإرهابية الموجودة على الأراضى السورية، سواء حزب العمال الكردستانى، أو وحدات حماية الشعب الكردية السورية، أو داعش وغيرها، وتأكيده توفر إرادة قوية للقضاء على هذه التنظيمات بالتعاون المشترك، لجعل المنطقة خالية من الإرهاب. وضرورة احتضان الإدارة السورية الجديدة جميع مكونات الشعب السورى. واستعداد تركيا لدعم سوريا فى إعادة الإعمار.
وأشار أردوغان إلى أن استمرار العقوبات الغربية على سوريا يشكل عقبة أمام نهضتها الاقتصادية، وأن جهود تركيا مستمرة لرفع هذه العقوبات، وقد تم رفع بعضها خاصة بالنسبة للمساعدات الإنسانية.
ونوه أردوغان إلى أهمية دعم العالم الإسلامى لسوريا فى المرحلة الحالية. وأشار إلى أن الشعب السورى أصبح حرًا بعد نحو 13 سنة من المعاناة وسفك الدماء والظلم على يد النظام السابق، وأنه سيعمل على تفعيل العلاقات بين تركيا وسوريا إلى المستوى الاستراتيجى، وأن زيارة الرئيس الشرع ” الجولاني ” تاريخية وبداية لمرحلة جديدة فى العلاقات بين البلدين، وأنه سيتم تطوير هذه العلاقات فى المرحلة المقبلة فى مختلف المجالات السياسية، والاقتصادية، والتجارية، والأمنية، والثقافية.

تجدر الإشارة إلى أنه، مع حديث الرئيسين التركى والسورى عن استقرار وأمن وسيادة سوريا واستقلالها، توجد قوات تركية بعمق نحو 30 كيلومترا وبطول نحو 90 كيلومترا على الحدود داخل الأراضى السورية، تساند عسكريًا الجيش السورى الوطنى (إحدى الفصائل السورية المسلحة المنشقة عن الجيش السورى سابقًا) فى حربها ضد القوات السورية الديمقراطية (قسد) الكردية، والتى تطالب تركيا بأن تسلم أسلحتها للسلطة السورية الجديدة وتندمج فى مؤسسات الدولة السورية، أو أن تتولى السلطة السورية القضاء عليها. والاشتباكات مستمرة فى شمال سوريا حتى الآن بين قسد وفصيل الجيش الوطنى السورى، بدعم القوات التركية فى الأراضى السورية.
أوضحت وزارة الدفاع التركية أنها ستستجيب لمطالب الإدارة السورية الجديدة لتطوير الجيش السورى، وتوفير الأسلحة والتدريب العسكرى، والعمل المشترك فى مكافحة الإرهاب.
وقد تردد أنه، أثناء زيارة الرئيس الشرع ” الجولاني ” لتركيا، أنه قد أثير موضوع إقامة قاعدتين عسكريتين تركيتين فى سوريا، مزودتين بنحو 50 طائرة فانتوم 16 لتكون بمثابة سلاح جوى للإدارة السورية الجديدة إلى أن تعيد بناء أسطولها الجوى الجديد الذى دمرته إسرائيل عقب سقوط نظام الأسد مباشرة، والسماح لتركيا باستخدام المجال الجوى السورى لأغراض عسكرية، وحماية المجال الجوى السورى من أى هجمات فى المستقبل. ولم تؤكد أو تنفى تركيا ذلك وإنما نوهت بأهمية تناول الموضوع فى سياقه ومضمونه بصورة أكثر دقة.

الحقيقة أنه، إذا تم ذلك
يصبح لتركيا مكانة عسكرية قوية فى سوريا بقوات أرضية فى شمالها، وقوات جوية فى سمائها، وتدريب وتسليح للجيش السورى. هذا إلى جانب ثقلها السياسى ودورها فى عملية إعادة الإعمار التى تعطيها تركيا أهمية خاصة لأنها تساعد على تسريع إعادة المهاجرين السوريين من تركيا والذين يمثلون عبئًا كبيرًا عليها ومعارضة شعبية لاستمرار بقائهم فى تركيا.
أصبح الوجود التركى فى سوريا قويًا وفعالاً، ورغم امتنان الإدارة السورية الجديدة لما قدمته تركيا، وما تزال، من دعم ومساعدات قبل وبعد سقوط نظام الأسد، إلا أنها تسعى بدأب وهدوء إلى تحقيق نوع من التوازن بتقوية العلاقات مع السعودية والعراق وفرنسا ودولاً أخرى، وفتح حوار مع كل من روسيا وإيران، ومع ذلك سيبقى الوجود والنفوذ التركى فى سوريا قويا لفترة غير قصيرة.