ليلة الرؤية: فضائل رمضان شهر الصوم والقرآن

كتب: على السيد
شهر رمضان من أعظم شهور السنة عند الله تعالى، حيث اختصه سبحانه بمكانة رفيعة بين الشهور. قال تعالى:
{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ…} (التوبة: 36).
وقد ميَّز الله سبححانه الشهر الفضيل بإنزال القرآن الكريم فيه، وجعل صيامه فريضة على المسلمين، مانحًا هذا الشهر فضائل لا توجد في غيره من الأوقات، حيث تُرفع فيه الدرجات، وتُمحى السيئات، وتُستجاب الدعوات.
فضائل شهر رمضان
1. فرضية الصيام فيه
فرض الله سبحانه وتعالى الصيام على المسلمين في هذا الشهر المبارك، وجعله ركنًا من أركان الإسلام، فقال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183).
وقد بيَّن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الإسلام قائم على خمسة أركان، ومنها صيام رمضان، وجاء فى السنة المشرفة:
“بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت”.
يتميز الصوم بكونه عبادة خاصة بين العبد وربه، وقد أعد الله للصائمين أجراً عظيمًا، حيث قال في الحديث القدسي:
“كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به”.
2. نزول القرآن الكريم في رمضان
اختص الله شهر رمضان بإنزال القرآن الكريم، كما قال تعالى:
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (البقرة: 185).
وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن القرآن نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل مُنجَّمًا على النبي (صلى الله عليه وسلم) خلال 23 سنة، وهذا يدل على أهمية هذا الشهر وعظمته.
3. شهر المغفرة والرحمة
رمضان هو شهر التوبة والمغفرة، ففيه تُغفر الذنوب وتُمحى السيئات، ويعتق الله رقاب عباده من النار، ويتميز شهر رمضان بفتح أبواب الجنة وإغلاق أبواب النار، كما جاء في حديث النبي (صلى الله عليه وسلم):
“إذا جاء رمضان، فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وسلسلت الشياطين.” (رواه مسلم والنسائي وأحمد).
وقد فُسِّر هذا الحديث بعدة تفسيرات، منها:
- أن فتح أبواب الجنة يدل على كثرة الأعمال الصالحة التي تُهيئ المؤمنين لدخولها.
- أن إغلاق أبواب النار يشير إلى قلة المعاصي، بسبب التوبة وكثرة المغفرة في هذا الشهر.
- أن تصفيد الشياطين يعني تقييدهم، مما يُضعف تأثيرهم على المؤمنين الصائمين الملتزمين بشروط الصيام وآدابه.
- أن قلة الشرور في رمضان دليل عملي على ضعف تأثير الشياطين في هذا الشهر المبارك.
فضل ليلة القدر
اختص الله عز وجل شهر رمضان بليلة القدر، وهي الليلة التي نزل فيها القرآن الكريم، كما قال تعالى:
“إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)” (سورة القدر).
وقد سميت مباركة لما فيها من نزول الرحمة وكثرة الخير، ولأن العمل الصالح فيها يُضاعف أجره حتى يكون خيرًا من عبادة ألف شهر.
مستحبات رمضان
نظرًا لعظمة هذا الشهر وما فيه من البركات، فقد شُرعت فيه العديد من الأعمال الصالحة التي يُضاعف أجرها، ومنها:
- تلاوة القرآن وختمه.
- الاعتكاف في المساجد.
- الصدقة والإحسان.
- صلاة التراويح.
- تفطير الصائمين.
- العمرة في رمضان.
- الاجتهاد في العبادة خاصة في العشر الأواخر وقيام ليلة القدر.
هذه الأعمال تزيد من البركة والرحمة التي يتنزل بها الله في هذا الشهر الكريم، فحريٌّ بالمسلم أن يغتنمها لينال الأجر العظيم.
ختامًا
شهر رمضان فرصة عظيمة لكل مسلم للاقتراب من الله، بالتوبة، والاستغفار، وقراءة القرآن، والقيام، والصدقات، وهو موسم لتجديد الإيمان وتقوية الصلة بالله، فنسأل الله أن يبارك لنا في رمضان، ويتقبّل صيامنا وقيامنا، ويجعلنا من المغفور لهم والمقبولين.
…………………………………………………………………………………….
المصدر: كتاب الصيام الصادر عن “دار الإفتاء المصرية” تاريخ 1436 هـ.. بتصرف.