عاطف عبد الغنى يكتب: ما يخشى منه فى القمة العربية القادمة

بيان

“قمة تاريخية” هذا هو الوصف الشائع فى وسائل الإعلام العربية لقمة الرؤساء والملوك والزعماء العرب الطارئة المنعقدة فى القاهرة 4 مارس، والتى لا تفصلنا عنها سوى ساعات.

ومع تحفظى على وصف “التاريخية” الشائع لكل القمم العربية السابقة، أفضل أن نطلق عليها “قمة الحسم”، وهى بالفعل كذلك، وقد شهد تاريخ العرب عددًا قليلًا من هذا النوع من القمم، لأنها ارتبطت بقضايا وجودية بالنسبة لهم.

والقمة القادمة حاسمة فى وضع أطر عربية جديدة للتعامل مع القضية الفلسطينية ، تتجاوز الصراع على عدم تصفيتها إلى إحياء الفرصة البديلة بإنشاء وطن قومى للشعب الفلسطينى على جزء من أراضيه المغتصبة من إسرائيل ، التى قررت أن تبتلع كل أرض فلسطين التاريخية وتضيف إليها أجزاء من أراضى سوريا و الأردن ولبنان، لتدشين مملكتها العنصرية القائمة على أساطير اليمين المتطرف الصهيونى بشقيه الدينى والعلماني.

وإذا رأيت أن ما سبق من كلام مكرر أو معاد، فجديد الكلام بشأن قضية العرب الأولى رهين إرادة القادة العرب (بعد الله سبحانه)، وإذا – لا قدر الله – فشل قادة العرب فى التعبير أو ترجمة طموحات الشعوب إلى قرارات خلال قمتهم القادمة، فسوف تتولى الشعوب المهمة، وهى الآن على استعداد نفسى وعقلى تام لأن تفعل.

والقادة والرؤساء والزعماء العرب يفهمون ذلك جيدا لذلك، أتصور أن قمتهم المنتظرة سوف تعرض ديناميكيات مختلفة للغاية عن التصورات بشأن قمم “نشجب” و “ندين”، فقضايا العرب الآن أخطر كثيرًا من أن تتوقف عند الاهتمام المظهرى دون اشتباك سياسى جاد وشجاع، وهذا ما ننتظره جميعًا، لولا الخشية من ثلاثة أنواع من المواقف، وهي:
المواقف التى قد يتبناها ما يسمى “محور المقاومة” المرتبط بإيران، والذى يمكن أن يحد من المرونة الجماعية العربية.

وثانيا مواقف عربية تسعى إلى استخدام القضية الفلسطينية كأداة فى نزاعاتها مع دول عربية أخرى، ومن ثم تقرر استخدام القمة للتعبير عن مواقف عنترية بشأن غزة من أجل تمييز نفسها فى العلاقات العربية.

وثالثا، الزعماء الجدد الذين يشاركون لأول مرة فى جامعة الدول العربية، مثل رئيسى سوريا ولبنان، واللذين من المفترض أن يحملا معهما وجهات نظر وأولويات تختلف عن تلك التى كان يتبناها أسلافهما المتحالفون مع طهران.
وبالطبع فإن إدارة التشابكات السابقة سوف تقع فى المقام الأول على عاتق مصر، الدولة المضيفة للقمة، والتى أعدت خطة توافقية عربية بشأن غزة، وهناك أيضًا دور داعم بشكل كبير للمملكة العربية السعودية فى هذه المرحلة.
وتأمل الشعوب العربية أن تتضمن مخرجات القمة مبادرة واضحة وواقعية وقابلة للتنفيذ فورًا فى غزة ، وتشمل إعمارها بأهلها الفلسطينيين، كما تتضمن (المبادرة) كل التفاصيل المتعلقة بضمان عدم تهجير الفلسطينيين، وتأمين القطاع، والجهات المسؤولة عن توفيره، والقوات التى سيتم نشرها لهذا الغرض، إضافة إلى تعزيز السلطة المدنية التى سوف تتولى إدارة القطاع.

كما يجب أن تتضمن المبادرة تفويضًا قانونيا ودبلوماسيًا بآليات واضحة لتنفيذ كل ما سبق، مع ضم شركاء دوليين من المعسكرين الغربى والشرقى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، والصين، وروسيا، ودول إسلامية أخرى وذلك على سبيل المثال وليس الحصر.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى