تماثيل جزيرة القيامة تثير فضول العلماء بعد 500 عام من إنشائها

وكالات
تعد جزيرة القيامة، الواقعة في المحيط الهادئ الجنوبي، واحدة من أكثر الأماكن غموضاً في العالم، حيث تحتضن مئات التماثيل الضخمة التي تثير تساؤلات لا تزال دون إجابات قاطعة رغم مرور أكثر من 500 عام على إنشائها.
اقرأ أيضا.. إسقاط تماثيل حافظ الأسد في سوريا وسط مشهد من الفوضى والانفلات
وتظل هذه التماثيل، التي تعرف باسم “مواي”، لغزاً محيراً أمام العلماء الذين يحاولون فك شفرة وجودها وكيفية إنشائها في تلك الحقبة الزمنية.
جزيرة منعزلة وتماثيل ضخمة
تتبع جزيرة القيامة دولة تشيلي، وتبعد عنها نحو 3700 كيلومتر، مما يجعلها واحدة من أكثر الجزر المأهولة عزلة على وجه الأرض.
تتميز الجزيرة بتضاريسها البركانية وشكلها المثلث تقريباً، لكن ما يجعلها محط أنظار الباحثين هو انتشار مئات التماثيل الحجرية الضخمة على طول سواحلها.
التماثيل، التي تم نحتها من الرماد البركاني المضغوط، تصور أشكالاً بشرية ذات رؤوس ضخمة وبعضها مزود بغطاء مستدير يزن وحده عشرة أطنان، يبلغ طول التماثيل نحو 32 متراً، ويصل وزن بعضها إلى 50 طناً.
الأغرب أن جميعها بلا أرجل، وبعضها يمتلك أذرع، مما يزيد من غموض الهدف من بنائها والطريقة التي تم نقلها بها عبر تضاريس الجزيرة الوعرة.
أصل التماثيل والتفسيرات العلمية
يعتقد الباحثون أن هذه التماثيل تعود إلى قبيلة بولينيزية قديمة استوطنت الجزيرة منذ ما يقرب من 1500 عام، واستمرت في نحت التماثيل لعدة قرون.
وتشير الدراسات إلى أن السكان استخدموا أدوات حجرية بدائية لنحت التماثيل من الصخور البركانية، لكن الغموض الأكبر يكمن في كيفية نقلها من أماكن النحت إلى مواقعها النهائية المنتشرة في أرجاء الجزيرة.
هناك نظريات عديدة حول طرق النقل، حيث يرى بعض العلماء أن السكان استخدموا جذوع الأشجار لدحرجة التماثيل، بينما يعتقد آخرون أنهم استخدموا نظاماً معقداً من الحبال والسقالات الخشبية، مما قد يكون سبباً في إزالة الغابات من الجزيرة، وبالتالي انهيار النظام البيئي للسكان الأوائل.
أول اكتشاف أوروبي للجزيرة
تم اكتشاف الجزيرة لأول مرة من قبل المستكشف الهولندي ياكوب روجيفين عام 1722، والذي أطلق عليها اسم “جزيرة عيد الفصح” لأنه وصل إليها في يوم يوافق هذا العيد.
لاحقاً، زارتها بعثات بحثية بريطانية وفرنسية في أوائل القرن العشرين، وسجلت وجود التماثيل وأجرت دراسات أولية حول السكان الأصليين.
وتشير تحليلات الكربون المشع إلى أن الجزيرة شهدت كارثة بيئية أو اجتماعية كبرى عام 1680، أدت إلى توقف العمل في التماثيل فجأة واختفاء السكان الأوائل.
وبعد سنوات، جاء مستوطنون جدد من جزر ماركيز الفرنسية ليستقروا في شمال غرب الجزيرة، وهم السكان الحاليون الذين حافظوا على بعض التقاليد القديمة المتعلقة بالتماثيل.
ألغاز لم تحل بعد
رغم الأبحاث والدراسات المستمرة، لا تزال الأسئلة قائمة حول الدافع الحقيقي وراء بناء هذه التماثيل، وما إذا كانت لها علاقة بطقوس دينية أو رمزية خاصة بالحضارة القديمة التي عاشت هناك.
كما أن سبب انهيار المجتمع القديم على الجزيرة لا يزال لغزاً، حيث تشير بعض النظريات إلى تغيرات مناخية أو صراعات داخلية أدت إلى تدمير البنية الاجتماعية والاقتصادية.
يواصل العلماء دراسة الجزيرة وتماثيلها لفهم المزيد عن هذه الحضارة الغامضة، على أمل أن تكشف الأبحاث المستقبلية مزيداً من الأسرار عن واحدة من أكثر الظواهر الأثرية إثارة للجدل في العالم.