قنبلة موقوتة على أعتاب إسرائيل: لم يعد بإمكان تل ابيب تجاهل مستقبل غزة

كتب: أشرف التهامي
بعد سبعة عشر شهرًا من الحرب، لا تزال حماس تحكم قطاع غزة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى رفض نتنياهو مناقشة أي خطة واقعية لما بعد الحرب؛ وفى هذا الصدد يرى كل من قادة حركة حماس و النظام الإسرائيلي أن اقتراح مصر باستبدال حكم حركة حماس بحكومة بقيادة السلطة الفلسطينية، هو المسار الوحيد القابل للتطبيق للاستقرار وإعادة الإعمار.

بعد سبعة عشر شهرًا من الحرب، لا تزال حركة حماس هي القوة الحاكمة في غزة، وهذا، في المقام الأول، كما يرى ساسة النظام الإسرائيلي و قادة حماس و الوسطاء، خطأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي رفض بعناد التطرق إلى “اليوم التالي” – أي مستقبل الحكم والإدارة في غزة بعد انتهاء الحرب.
هذا ويعيش اليوم أكثر من مليوني شخص في غزة دون سكن أو عمل لائق، هذه القنبلة الموقوتة على أعتاب إسرائيل، وإسرائيل تفتقر إلى الوسائل اللازمة لنزع فتيلها.

خطة مصر “ما بعد الحرب.”

تقترح مصر تشكيل لجنة فلسطينية مستقلة تكنوقراطية لحكم غزة لفترة انتقالية مدتها 6 أشهر “تحت مظلة” السلطة الفلسطينية التي تتخذ من الضفة الغربية مقرًا لها، والتي لن يكون لأعضائها أي انتماءات للفصائل الفلسطينية.
تقترح الوثيقة المُكونة من 90 صفحة، وتحمل شعار “غزة 2030” مع شعار رئاسي مصري، أن تقوم مصر والأردن بتدريب قوات الشرطة الفلسطينية لنشرها لتأمين القطاع.
وقد صيغ الاقتراح ردًا على خطة ترامب الرامية للسيطرة على غزة وتهجير سكانها إلى الدول المجاورة وتحويلها إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.
وترفض الخطة المصرية تهجير الفلسطينيين من غزة وتدعو المجتمع الدولي إلى معالجة “الكارثة الإنسانية” التي خلقتها حرب إسرائيل هناك.
وتقول الوثيقة إن خطة ما بعد الحرب تتطلب ترتيبات للحكم الانتقالي “بطريقة تحافظ على حل الدولتين (للصراع الإسرائيلي الفلسطيني) وتمنع اندلاع صراعات جديدة”.

أول رد فعل من إدارة ترامب على المقترح العربي لإعمار غزة

رفضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة طويلة الأمد لإعادة إعمار غزة، التي أيدها قادة عرب، قائلة إن الرئيس يقف مع رؤيته الخاصة التي تتضمن طرد السكان الفلسطينيين من القطاع وتحويلها إلى “ريفييرا” مملوكة للولايات المتحدة.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي برايان هيوز في بيان ليلة الثلاثاء الرابع من مارس الجاري:
“لا يعالج الاقتراح الحالي حقيقة أن غزة غير صالحة للسكن حاليًا وأن السكان لا يستطيعون العيش بشكل إنساني في منطقة مغطاة بالحطام والذخائر غير المنفجرة”.
وأردف: “الرئيس ترامب يتمسك برؤيته لإعادة بناء غزة خالية من حماس. نتطلع إلى مزيد من المحادثات لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة”.
وخطة ما بعد الحرب لقطاع غزة، التي اقترحتها مصر تدعو حماس إلى التنازل عن السلطة إلى إدارة مؤقتة حتى تتولى السلطة الفلسطينية السيطرة بعد إجراء إصلاحات فيها وستسمح لحوالي مليوني فلسطيني بالبقاء في القطاع على النقيض من اقتراح ترامب.
واستبعدت إسرائيل أي دور للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة مستقبلا.
ويطالب مقترح الدول العربية وقيمته 53 مليار دولار بإعادة بناء غزة بحلول عام 2030. وتدعو المرحلة الأولى إلى بدء إزالة الذخائر غير المنفجرة وتطهير أكثر من 50 مليون طن من الأنقاض التي تركها القصف الإسرائيلي والهجمات العسكرية.
ولا يزال وقف إطلاق النار الحالي في غزة، الذي بدأ العمل به منذ يناير ، موضع شك بعد انتهاء المرحلة الأولى منه السبت. وتبنت إسرائيل ما تقول إنه اقتراح أمريكي بديل لتوسيع وقف الأعمال العدائية وإطلاق سراح الرهائن الذين تم احتجازهم في هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أثار الحرب.
ومنعت إسرائيل دخول الغذاء والوقود والأدوية وغيرها من الإمدادات إلى غزة للضغط على حماس لقبول الاتفاق وحذرت من عواقب إضافية، مما أثار مخاوف من عودة القتال.
وأثار تعليق المساعدات انتقادات واسعة النطاق، حيث قالت جماعات حقوق الإنسان إنه ينتهك التزامات إسرائيل كقوة احتلال بموجب القانون الدولي.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمة ألقاها في القمة التي أعلنت خطة مستقبل غزة إنه لن يكون هناك “سلام حقيقي” دون إقامة دولة فلسطينية.
وتعهدت إسرائيل بالحفاظ على سيطرة أمنية مفتوحة على غزة والضفة الغربية التي استولت عليها في حرب عام 1967 والتي يريد الفلسطينيون أن تكون دولة مستقبلية لهم.
وتعارض حكومة إسرائيل ومعظم طبقتها السياسية الدولة الفلسطينية.

أول تعليق مصري رسمي على “تراجع” ترامب عن خطته بشأن غزة

الرئيسان ترامب والسيسى
الرئيسان ترامب والسيسى

علقت مصر لأول مرة في بيان لوزارة الخارجية بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن عدم مطالبة سكان قطاع غزة بمغادرته.

وأكد بيان لوزارة الخارجية المصرية أنها تثمن موقف ترامب، موضحة أن هذا الموقف يعكس تفهماً لأهمية تجنب تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع، وضرورة العمل على إيجاد حلول عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية.
وفي هذا السياق، شددت مصر على أهمية البناء على هذا التوجه الإيجابي لدفع جهود إحلال السلام في الشرق الأوسط، وذلك من خلال تبني مسار شامل يستند إلى رؤية واضحة تحقق الاستقرار والأمن لكافة الأطراف.
وترى مصر أن مبادرة الرئيس ترامب لإنهاء الصراعات الدولية وإحلال السلام، بما في ذلك في الشرق الأوسط، يمكن أن تمثل إطاراً عملياً للبناء عليه والعمل المشترك لتحقيقه، بما يراعي تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وإذ تؤكد مصر على التزامها الراسخ بدعم جميع المبادرات الجادة التي تهدف إلى تحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة، فإنها تدعو كافة الأطراف الدولية والإقليمية إلى تكثيف الجهود لدفع عملية التسوية السلمية، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لشعوب المنطقة.
ويعد هذا أول رد رسمي من القاهرة بعدما تراجع ترامب عن خطته السابقة حول غزة وتهجير سكانها إلى دول مجاورة.
وبلورت مصر خطة عربية شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير الفلسطينيين خشية تصفية القضية الفلسطينية، وتعتزم القاهرة عرض خطتها في أعمال القمة على القادة والزعماء العرب.
وتشمل خطة مصر لإعادة إعمار غزة والتي سيتم عرضها على القادة والزعماء العرب خلال القمة الطارئة، تشكيل لجنة إدارة غزة لتتولى إدارة شؤون القطاع في مرحلة انتقالية لمدة 6 أشهر، على أن تكون اللجنة مستقلة ومكونة من شخصيات غير فصائلية (تكنوقراط) تعمل تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، والتي يجري تشكيلها خلال المرحلة الحالية تمهيدًا لتمكينها من العودة بشكل كامل للقطاع وإدارة المرحلة المقبلة بقرار فلسطيني.
وأكدت الخطة المصرية أن حل الدولتين هو الحل الأمثل من وجهة نظر المجتمع والقانون الدوليين وأن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية، كما أدانت قتل واستهداف المدنيين ومستوى العنف غير المسبوق والمعاناة الإنسانية التي خلفتها الحرب على غزة.
الخطة المصرية حثت كذلك على ضرورة مراعاة حقوق الشعب الفلسطيني وبقائه على أرضه دون تهجير، وضرورة تكاتف المجتمع الدولي من منطلق إنساني قبل كل شيء لمعالجة الكارثة الإنسانية التي خلفتها الحرب، مركزة على أن محاولة نزع الأمل في إقامة الدولة من الشعب الفلسطيني أو انتزاع أرضه منه لن تؤتي إلا بمزيد من الصراعات وعدم الاستقرار.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى