“قل شكوتك “: فروق.. ولكن

كتبت: أسماء خليل
“نصف الأدب عدم التدخل في شؤون الآخرين”.. هذه الحكمة التي تربيتُ على تطبيقها في حياتي، وياليت كل من حولي كانوا يطبقونها، إنَّني أعاني من أثر ذلك التدخل الذي دمر حياتي، ولا أعرف الآن في أي دربٍ ستكون مسيرتي.
أعتقد أن ما سبق هو مقدمة مناسبة لشكوى أرسلتها السيدة“ص.هـ”، عبر البريد الإلكتروني، راجية من الله تعالى أن يجد من يؤازرها في طريقها، ويرشدها لطريقٍ ربما يكون الأفضل.
الشكوى
أنا ” ص. هـ” زوجة ثلاثينية العمر، حاصلة على مؤهل متوسط على قدر كبير من الجمال، كنت أعيش بالقاهرة مع أسرتي الصغيرة المكونة من أبي وأمي وأخي إلى أن انتقلت إلى بيت الزوجية في بلدة ريفية بإحدى مدن الدلتا مع زوجي الذي يكبرني بسبعة أعوام، حيث يعمل مهندسنا للري.
كم كانت سعادتي بهذا الزوج الطيب جدا، الذي يتمتع بقدر كبير من الحنو والعطف،، ولكني بدأت أعاني من مشكلة لا تجعلني أهنأ بحياتي، فقد اعتقدت قبل الزواج أن أي مشكلة ستقابلني؛ سيتثنى لي حلها بسهول بالغة ولكن الواقع أمرُّ من التخيل بكثير.
فمنذ ثماني سنوات هي مدة زواجي وأنا أعيش وتغمرني السعادة في بيت أهل زوجي بالطابق الثاني، ولدى حماتي شقة بالطابق الأول، لم تكن أم زوجي متواجدة بها لأنها كانت تعيش لدى ابنها بإحدى الدول الأجنبية.
ولكن بعدما اجتاحت كورونا العالم نزل زوجي وأسرته وحماتي إلى بلدتهم.. بدأت حماتي المعيشة بالدور الأول وكنت أسمع عنها دائمًا سمع خير أنها كانت تعامل زوجة أخي زوجي أرق معاملة، ولم تكن تفتعل أي مشاكل؛ ولكني علمت بعد ذلك أن السبب هو أن ابنها كان حازما شديدا ولا يسمح بأى شيء خارج عن الحد، سواءً من زوجته أو أمه.
منذ أن وطئت قدمها الدار وأنا أتعامل معها بالحسنى؛ إلى أن حدث ما غير مجرى حياتي حقا، لقد بدأت معاملة زوجي لي تتغير تماما، بل ومشاعره.
لقد أصبح شخصًا آخرًا، استبدل الطيبة والحنو بالغلطة والقسوة.. وعلمت أن ما أنا به من عدم دوام الحال سببه حماتي؛ حيث كنت ذات يوم أنظِّف السُّلم فسمعتُها تكلم زوجي حيث كان لديها.
والمفاجأة أنها ذكَرَتْ اسمي، لم أنكر عدم احتمالي ألا أكمل سماع ما يقولان، سامَحَنِي الله؛ اقتربت لأنصت دون أن يراني أحد.. سمعتها تقول له : مالكَ ولحالِكَ كيف تعاملها بهذه الطيبة ؟!.
ألا يكفي أنها ليست من مستوانا المادي! لا تجعلها تجلس أبدًا.. طوال الوقت قل لها قومي بعمل قهوة.. شاي.. قومي بكي الملابس.. نظِّفي المنزل.. افعلي كذا لأمي.. لا تُدللها.. لا تجعلها تفتح الفيس…… إلخ، يكفي أنك تزوجتها وأنت من أنت،، دقَّ قلبي حينما شعرتُ أنه صاعدٌ.
أسرعت ، ثم أمسكتُ بالهاتف وكأنني كنت جالسة من مدة.. سرعان ما دخل عابس الوجه، نظر إليّ متعصبًّا ثم جذب من يدي الهاتف وألقى به على الأرض، وهو يقول: “هل تفتحين الهاتف وتجولين بين وسائل التواصل وتتركين السُّلم؟!”.
اندهَشتُ لما يحدث، لقد تغير تماما.. يبدو أن حماتي ستستغل طيبته في صفها.. لم أُخبِرهُ بما سمِعت.. بدأتُ عهدًا جديدًا لم أعتده في حياتي.. وبدأ هو يُنفِّذ كل حرف من دروس أمه، إنني لم أكن أعلم أنَّه شديد التعلق بها هكذا.
أنا الآن أحايلهُ تارة، وأُحايلها هي تارة أخرى.. حياتي تبدَّلت وأصبحت بلا معنى، فكرت أن أطلب الطلاق.. ماذا أفعل سيدتي؟!
الحـــل
عزيزتي “ص. ه” كان الله بالعون.. لابد من تسمية الأمور بمُسمياتها الحقيقية، إذ أن زوجكِ بتلك التصرفات الأخيرة خرج من نطاق الطيبة؛ فالطيب هو من جعل حياة من حوله أسعد بوجوده وليس أتعس بسلبيته.
إن مشكلتك تنحصر في شقّين الأول : هو سلبية زوجك ومحاولة استغلال حماتك لتك السلبية.. والثاني : هو أنَّ حماتكِ مُتفرغة الآن لكِ.
فأما بالنسبة للشق الأول فلابد أن تلتمسي العذر لزوجكِ، إذ أن الإنسان يولد على الفطرة وأبواه هما اللذان يملآن بوتقة روحه بما لديهما من مفاهيم تربوية، إن أمه وبشكل غير ملحوظ هي من شكلت تلك الشخصية؛ ولكن بعدما بلغ الإنسان لابد من إدراكه إدراكا تاما أنه مخير لا مُسير وعلى هذا يحاسبنا الله..
لابد على زوجكِ ألا يكن إمَّعة في انتظار ما تضعه أمه به كي يلقيه في جعبة حياتكِ،،أما بالنسبة لحمايتكِ فاعذريها؛ ففي تلك السِّن لا يكن لدى النساء أي عمل وصحتهنَّ لا تساعدهن على ممارسة الحياة المُعتادة، كما أنّ الأدوية التي تتناولها الحموات في تلك السن- أيضا- لها آثار جانبية، بما في ذلك العصبية.
فلا تجد بعض النساء بُد في أن تشغل أنفسهن بالتَّسلِّي على اختلاق المشاكل لدى أولادهن، وتعشن فيها وتنسج حياة نشطة مُسلية.
بالطبع هذا سلوك مذموم ومخزي ونقص في الدين ولكني أردتُ أن أرصد لكِ حالة مجتمعية تتكرر دائما .
عزيزتي إذا أدركتِ ذلك جيدًا ستهدأين قليلًا.. ثم.. واجهي ذلك الزوج هو وأمِّه بما سمعتينه صدفة، فإن من الكلام ما هو أشد من الحجر وأنفذ من وخز الإبر وأمر من الصبر.. وقولي لهما معًا: أنا أريد العيشة.. فهل تريدون طلاقي ؟!.
بالطبع سيدرك زوجك الموقف.. وذكريه أنكِ تراعين الله فيك هو وأمه،، قومي بعمل ما يطلبه منكِ، بما في حدود طاقتكِ واستطاعتكِ، وإذا شعرتِ أنه فقط يريد أن ينفذ كلام والدته فقولي له الحقيقة، أنكِ لا تقدرين على كل تلك الطلبات.. كما أن شغل البيت هي وظيفتكِ أنتِ ولا دخل له بها ولا يحق له نقدكِ الدائم الغير مبرر مما يعكر صفو حياتكما؛ بل اطلبي منه بذكاء أن يقوم بعمل بعض الأشياء، كي يساعدكِ ويعتاد على المشاركة.. وراعي الله في حماتك بقدر المستطاع أيضًا.. ولا تشغلي بالكِ بما يقولون، دعيهَم وشأنهم.. الأهم ألَّا يهينكِ أحد في وجهك.
وإذا زادت الأمور عن حدها الطبيعي فلا تتحملي فوق طاقتكِ إذ أن الصبر في الأمور التي باستطاعتنا حلها يولد الانفجار؛ قومي بعرض المشكلة على كبار العائلة لكي يتوسطوا بما علمتهم الأيام من خبرة حتى لا تتركين بيتك وتهدمين عش الزوجية.. مزيد من الحكمة وستسير الأمور بإذن الله.
منحكِ الله السعادة وراحة البال.
…………………………………………………………………………………………………..
راسلوني عبر الواتس آب 01153870926 و “قل شكوتك” وأنت مطمئن لعلى بعد الله أستطيع أن أخففها عنك.