أحمد عاطف آدم يكتب: وفوق كل ذي علم عليم

بيان
“كان جنسي المحدد لي عند الولادة سلعة تُشترى ويُدفع ثمنها، لذلك عندما كنت أنثوية في طفولتي ثم تحولت جنسيًا – عارضت السلعة المعروضة للبيع – ذلك التوقع بالرجولة الذي اضطررت للتمرد عليه طوال حياتي، كان بمثابة معاملة مالية”.
هكذا كتبت “فيفيان جينا ويلسون” ابنة الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، في بيان لها على موقع “ثريدز”،، والتي كان اسمها قبل التحول من ذكر لأنثى هو (كزافييه ماسك)، حيث اتهمت والدها أغنى رجل أعمال في العالم، باعتماده على طريقة التلقيح الاصطناعي الانتقائي، كوسيلة لاختيار جنس الجنين، بهدف إنجاب الذكور فقط،، مع العلم بأن أباها المدير التنفيذي لشركة “تسلا” لديه ١٤ طفلًا من ثلاث سيدات.
ونظرًا للفجوة الكبيرة بين الأب وابنته، تقدمت الأخيرة عام ٢٠٢٢ بطلب لتغيير اسمها الأول، متخذة اسم عائلة والدتها (جاستين ويلسون) من أجل الخضوع لعملية تحول جنسي، وذكرت في طلبها أنها لم تعد ترغب في الارتباط بوالدها البيولوجي بأي شكل من الأشكال، حسب ما ورد بأكثر من موقع اليكتروني مثل “العربية نت، وروسيا اليوم”، في حين وجه والد الفتاة البالغة من العمر ٢٠ عامًا أصابع الإتهام إلى ما أسماه “أيديولوجية اليقظة”، وهو مصطلح يسعى أصحابه إلى ضرورة التصدي لمغتصبي الحقوق المسلوبة من الأقليات المهمشة – حسب وجهة نظرهم – مثل المثليين جنسيًا والمتحولين، وفضح أصحاب الامتيازات الخاصة، التي يقتنصها بعض أفرادها من الآخرين ظلمًا.
الصراع الممتد منذ بضعة سنوات بسبب عملية التحول الجنسي الذي يناهضه “ماسك” في العموم، وآخره الصدام سالف الذكر مع ابنته، بسبب التغريدة السابقة للفتاة المتحولة (فيفيان) ضد والدها المنفصلة عنه، دفع المغردون إلى التعاطف مع موقفها، حيث علق أحدهم قائلًا: “تقولين إنه اختار جنس جنينك ليكون ذكرا، ثم شعر أنه لم يحصل على ما دفع ثمنه؟ خسارته هي فوز للعالم، أنتِ جوهرة”.
بينما كتب آخر ساخرًا من الملياردير ذائع الصيت: “انتظر، دفع ثمن كروموسومات {XY} لديه، ومع ذلك انتهى به الأمر إلى فتاة؟ يبدو أنه يتخذ الكثير من القرارات الخاطئة!”.
التعليق الأخير على تغريدة الفتاة البائسة من قبل أحد المستخدمين، أراه هو الأقرب تشريحيًا لوصف فلسفة القدر الخاصة، عندما تدحض بيد الخالق العظيم كل المحاولات الفاشلة للالتفاف حول أوامره جل شأنه – فالرجل الثري عندما حاول استغلال العلم القليل الذي سخره العلي القدير لخلقه بمقدار، وشرع في استنساخ نوع واحد من الجنس البشري – هو (الذكر)، ظنًا منه أن بإمكانه تطويع إرادة القدر حسب رغبته – كانت إرادة الله أقوى وأحكم، بتسليط أحد أبناءه الذي أختاره بالانتقاء “الكروموسومي”، وجعله يلتف حول رغبة الأب نفسه ويتحول لأنثى إذلالًا وإخضاعًا له – وربما كان مقدرًا (لها أو له ) هذا النوع قبل خروجها أو خروجه للحياة من ظهر أبيه،، يقول الحق سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بسورة المرسلات:
بسم الله الرحمن الرحيم
{ أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (21) إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (24)} صدق الله العظيم [المرسلات ٢٠-٢٤]
وفى سورة الشورى يقول جل شأنه، واصفًا السيادة المطلقة للخالق في ملكه بالسماء و على الأرض، وامتلاكه وحده ودون غيره لإرادة تحديد نوع الجنين، وعلمه وقدرته الحكيمة على المنح أو المنع، حيث يقول جل شأنه:
بسم الله الرحمن الرحيم
{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } صدق الله العظيم [الشورى 49]
ومن الدروس المستفادة أيضًا عزيزي القارىء، أن الأبناء يظلوا يراقبون الموقف من بعيد، ويرصدوا ويقيموا تصرفات الآباء والأمهات، ولا يهم أن يستغرق هذا الأمر سنوات وسنوات، بداية من مرحلة الطفولة وحتى انتهاء المراهقة المرهقة – وإما أن يستمدوا صفات بعينها، مثل التعقل والتدبر والعدل والرحمة – أو ينقلبوا بسلوكيات وصفات قاسية تنعكس على تصرفاتهم، مثل الظلم والقهر والنقد السلبي وإيذاء النفس، وتكون المحصلة هي شخصيات ناشئة تشذ عن المنطق، وقد تسبح ضد تيار الاستواء الإنساني، بدافع مماثل لنفس النهج وتلك البيئة التي نشأوا فيها، والدليل على ذلك هو الإنقلاب الجنسي للمراهق الأمريكي (كزافييه ماسك) ابن الملياردير الأمريكي الشهير، الذي فشل والده في احتواءه، واكتشاف استعدادته النفسية المشوشة والعمل على تصويب بوصلته المنحرفة، بدلًا من استعداءه وهجره.