الإمام الطيب يفسر قوله تعالى “ونحن أقرب إليه من حبل الوريد”

كتب- علي هلال
أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين، أن الآية الكريمة “ونحن أقرب إليه من حبل الوريد” تحمل دلالة عميقة على قرب الله من عباده بعلمه وإحاطته، لا بذاته، مشيرًا إلى أن هذا المعنى يعكس مفهوم التوحيد المطلق في القرآن الكريم، الذي يؤكد تفرد الله بصفاته دون مشابهة للمخلوقات.
اقرأ أيضا.. الإمام الطيب: اجعلوا من وردكم ليلا دعاء بأن يثبت الفلسطينيين على أرضهم
جاء ذلك خلال استضافته في الحلقة الثالثة والعشرين من برنامج “الإمام الطيب”، الذي يقدمه الإعلامي الدكتور محمد سعيد محفوظ، حيث تناول الحديث تفسير اسم من أسماء الله الحسنى، وذلك عبر شاشة قناة “ON” وقنوات المتحدة.
وخلال حديثه، أوضح الإمام الطيب أن العقيدة الإسلامية تقوم على أن الله لا يُشبه أي شيء من مخلوقاته، مستشهدًا بالآية المحكمة “ليس كمثله شيء”، والتي تعد أصلًا من أصول التوحيد، مؤكدًا أن الله لا يُدرك بالحواس ولا يخضع للزمان أو المكان، لأنه سبحانه منزه عن الاحتياج، إذ إن الاحتياج ليس من صفات القادر المطلق.
وأضاف أن تفسير الآية لا يعني أن الله موجود بذاته مع الإنسان، وإنما هو قريب بعلمه وقدرته، مستشهدًا بتفسير العلماء لهذه الآية بأن قرب الله من عباده ليس قربًا ماديًا، وإنما هو قرب معنوي يعكس الإحاطة التامة بكل ما يتعلق بالإنسان، سواء ما يخفيه في نفسه أو ما يظهره في أفعاله.
وأوضح أن بعض التفاسير أشارت إلى أن المقصود بالقرب في الآية هو قرب الملائكة من الإنسان عند احتضاره، حيث يُقال إن ملك الموت والملائكة الموكلة بقبض الروح هم الأقرب للإنسان في تلك اللحظات، لكن المعنى الأشمل يشمل علم الله المحيط بكل شيء.
وأكد شيخ الأزهر أن هذا المفهوم ضروري لفهم العقيدة الصحيحة، حيث يبتعد تمامًا عن أي تصورات خاطئة قد تؤدي إلى تشبيه الله بالمخلوقات، كما أشار إلى أن المسلم مطالب بتدبر آيات القرآن بروح التوحيد، بعيدًا عن التأويلات التي قد تخرج عن معاني النصوص المحكمة.
وفي سياق حديثه عن أسماء الله الحسنى، أشار الإمام الطيب إلى أن هذه الأسماء ليست مجرد صفات، بل هي دلالات على الكمال المطلق لله، مؤكدًا أن فهم هذه الأسماء يساعد المسلم في تعزيز علاقته بخالقه، مما ينعكس على سلوكه وإيمانه.
وأضاف أن إدراك الإنسان لقرب الله منه بعلمه وسمعه وبصره يجعله أكثر خشية ورقابة لنفسه، مما يدفعه إلى التقوى والعمل الصالح.
ودعا شيخ الأزهر إلى ضرورة الرجوع إلى التفسير الصحيح للنصوص القرآنية، خاصة في زمن تنتشر فيه تأويلات خاطئة قد تؤدي إلى فهم غير دقيق للعقيدة.
وأكد أن الأزهر الشريف يحرص دائمًا على تقديم الفهم الصحيح للدين، القائم على الوسطية والاعتدال، مشيرًا إلى أن هذا النهج هو الذي حفظ الإسلام من الانحرافات الفكرية على مر العصور.
كما ختم حديثه بالتأكيد على أهمية تدبر القرآن الكريم وفق ما جاء عن العلماء الموثوقين، محذرًا من الاعتماد على التأويلات السطحية التي قد تضلل الناس عن المعاني الحقيقية للنصوص.