د. ميخائيل عوض يكتب: مَن يسبق “التتريك”’ عبر إدارة التوحش أم رحيل “الجولاني”’ وعودة قصر الشعب لأهله؟

بيان
الحالة:
بينما الكل مشغول باجترار أفكار وسيناريوهات عتيقة لمستقبل سورية تحت قيادة الجولاني كترجيح احتمال الفوضى واحتمال التقسيم و’’تَناتُش’’ سورية، لإقامة دويلات طائفية ومذهبية لا أساس لها ولا قابلية أو حوامل محلية أو إقليمية أو دولية إضافة إلى أنها عبء وغير مفيدة لأصحاب المشاريع والمخططين.
وفي الواقع والحالة كِلا الاحتمالين لا أساس ولا أصل له في الواقع والمعطيات المادية والمعاشة، ولن تقبله سورية ولا يوجد َمن يستطيع فرض أحدهما.
على الضفة الأخرى وتحت غطاء من التضليل والتهويل تجري عملية منسقة بذكاء وعن سبق تخطيط وتصور ’’لتتريك’’ سورية وتحويلها إلى ولاية تركية تديرها وتَحكُمها مجموعة من حَملة الجنسية التركية كواجهات، بينما تم تسليم مهمة إعادة تشكيل جهاز الدولة ومؤسساته والجيش والأمن للخبراء والضباط الأتراك، وأطلِقت يدهم في كل المجالات وفي أدق التفاصيل.
الاقتصاد والمصرف المركزي والجيش ووزارة الدفاع والداخلية ووزارة الاتصالات والأمن إضافةً للقصر الجمهوري الذي تحميه المخابرات التركية، وقد انتدب’’ حقان فيدان’’ لجنة من خبرائه لإدارة ابو محمد الجولاني وتنظيم خطواته ومبادراته بما في ذلك البروتوكول والزيارات والضيوف والمقابلات والخطب.
لا أظن أنَّ الأمر خافٍ على أي مراقب متابع حصيف، فيبدو الجولاني في استقبالاته وإطلالاته أقرب للروبوت المسيطَر عليه والمراقَب في كل خطواته وكلماته، وهذا انطباعٌ عام وعند الجميع حتى غير المتعاملين بالسياسة والاجتماع.
حلُّ الدولة وأجهزتها كلها وترك البلاد عرضه للفوضى والارتجال وتعطيل مصالح الناس وصناعة الفلتان الأمني وإطلاق العصابات وارتكاب المجازر استراتيجية مشغولة منذ زمن عرَّفتها وثائق’’ داعش والقاعدة’’ بكتاب’’ إدارة التوحش’’.
فالتوحش يجعل الناس تهتم بأمنها وحياة أفرادها والتقاط الحاجات الدنيا لإدامة الحياة البشرية فتصبح أية خطوات للإدارة والانضباط مطلباً بل مكسباً تُفاخر به السلطة وإذا جاء على يد الأتراك وخبرائهم سيكون الامتنان والتثمين لهم!
تعطيل التعليم والجامعات وتجويع المدرسين والدكاترة وتصفية الخبراء سياسة متقنه لجعلهم طيعين لتتريك المناهج وتدريسها فلقمة العيش أولوية على المهنية والوطنية في التعليم أيضا كما في الجيش ووزارة الداخلية والأمن.
لتتريك سورية وتحويلها (ولاية عثمانية) يحكمها والي برتبة رئيس مؤقتاً جارية على قدم وساق فتدمير الجيش والأسلحة بهدف بناء الجديد باعتماد السلاح والعقيدة التركية والتتلمذ على يد الأتراك وبِلغَتهم.
وإدارة الأجهزة الأمنية من قبل الأتراك إلى محاولات فرض الحماية العسكرية ووضع سورية تحت المظلة العسكرية التركية وإنشاء القواعد التركية خاصة قاعدة تدمر ذات القيمة والأهمية الاستراتيجية.
وتجنيس الأجانب وتسليمهم الجيش والأمن واعتماد الفرق والجماعات ‘ العصابات وشركات الأمن الخاصة’ وتوطين الغرباء وتكليفهم ضبط الأمن والدفاع والحؤول دون وجود جيش وطني وإلغاء التجنيد الإجباري خطة متقنة لتفكيك المجتمع وتحويله الى جماعات وكانتونات تحكمها العصابات والفرق كل على مزاج الوالي وجماعته.
التعايش مع واقع لا دولة مركزيه وترك المحافظات والمدن تدير نفسها، أو تحت وصاية الإسرائيلي في الغرب والجنوب، وتحت الإدارة الأمريكية وقسد في الشمال والشرق، خطة محترفة فلا الإسرائيلي ولا قسد والأمريكي يستطيع الاستيلاء على سورية’ المفيدة’ من حلب الى دمشق مروراً بالساحل، وهذا ما يفسر َتركُز المجازر والفلتان في ريف حمص وحماة والساحل فتطويع العلوين وترهيب السنة والأقليات وتحويلهم الى حالة الخوف من خطر الإبادة يحول دون نهضتهم والقتال ضد ’’التتريك’’ وتالياً يسهل السيطرة على المناطق الأخرى.
’’التتريك’’ لا يتعارض مع ترك مناطق واسعة تحت السيطرة المباشرة الإسرائيلية والامريكية فالثلاثة تركيا وإسرائيل وقسد والاحتلال الامريكي يعملون عند سيد واحد يحركهم ويديرهم لتحقيق غاياته.
في واقع الحال وما هو جار ’’التتريك’’ هو الاحتمال الوحيد وليس من بديل إلا برحيل الجولاني وطرد هيئة تحرير الشام.
غداً؛ الظروف والمعطيات المادية تؤكد قرب رحيل الجولاني وانهيار سيطرة تحرير الشام.