تصاعد حملة ترحيل المهاجرين غير النظاميين في أمريكا وسط مخاوف الجاليات العربية

مصادر – بيان
تشهد الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدًا مدينة نيويورك، تصعيدًا في حملات الترحيل، حيث بدأت فرق شرطة الهجرة والجمارك (ICE) بتنفيذ عمليات مداهمة واسعة في مختلف الأحياء، مستهدفة المهاجرين غير النظاميين.
تأتي هذه الحملات في إطار تشديد السياسات الأمريكية تجاه الهجرة، مما أثار مخاوف كبيرة بين أفراد الجاليات العربية المقيمة في الولايات المتحدة، وخاصة أولئك الذين لا يمتلكون وثائق إقامة قانونية.
تأثير الحملة على الجالية العربية
تشكل الجالية العربية نسبة مهمة من المهاجرين في نيويورك ومدن أمريكية أخرى، حيث يتركز وجودهم في أحياء مثل بروكلين، وكوينز، وديترويت، وشيكاغو، ولوس أنجلوس.
ومع تصاعد الإجراءات الأمنية، ازدادت حالات الاعتقال والمداهمات، مما أدى إلى حالة من القلق والارتباك بين العائلات العربية، التي تخشى أن تؤثر هذه السياسات على استقرارها وأمانها.
ردود الفعل
في ظل هذه التطورات، أبدت العديد من المنظمات الحقوقية والجمعيات العربية الأمريكية استياءها من هذه الإجراءات، حيث اعتبرت أن حملات الترحيل الجماعية لا تفرق بين المهاجرين غير الشرعيين وأولئك الذين ينتظرون تسوية أوضاعهم القانونية.
كما ناشدت مراكز الجاليات العربية الحكومة الأمريكية بالتعامل بشكل أكثر إنسانية مع المهاجرين، خصوصًا مع العائلات التي استقرت منذ سنوات وساهمت في الاقتصاد والمجتمع الأمريكي.
التوصيات والمخاوف
يخشى المراقبون أن تؤدي هذه السياسات إلى موجة من التمييز والعنصرية ضد الجاليات العربية، خاصة مع تصاعد الخطاب المناهض للهجرة في بعض الأوساط السياسية.
كما يُنصح العرب المقيمون في الولايات المتحدة، سواء بوضع قانوني مستقر أو غير ذلك، باتباع الإجراءات القانونية الصحيحة، واللجوء إلى المحامين المختصين بشؤون الهجرة لحماية حقوقهم.
في عهد ترامب
وبعد فوزه بولاية رئاسية ثانية، واصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سياساته الصارمة تجاه المهاجرين، حيث أطلق حملة ترحيل واسعة النطاق وصفها بأنها “أكبر برنامج ترحيل في التاريخ الأمريكي”.
وخلال فترة ترامب الثانية، نفذت الحكومة الأمريكية حملات ترحيل جماعية استهدفت ملايين المهاجرين وطالبي اللجوء، من خلال عمليات اعتقال واحتجاز وترحيل على نطاق واسع.
تضمنت هذه الإجراءات سياسات قاسية مثل فصل العائلات، والاحتجاز العشوائي، والتمييز العنصري، مما أثار انتقادات حادة من منظمات حقوقية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، التي اعتبرت أن هذه السياسات تنتهك الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بحق اللجوء والإجراءات القانونية العادلة.
مداهمات واسعة على “مدن الملاذ”
في 23 يناير من هذا العام 2025، بدأت إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) بتنفيذ مداهمات واسعة استهدفت ما يُعرف بـ”مدن الملاذ”، حيث تم احتجاز وترحيل مئات المهاجرين. وعكست هذه الخطوة تغييرًا جذريًا في السياسات السابقة، حيث مُنحت وكالات الهجرة الضوء الأخضر لمداهمة المدارس والمستشفيات ودور العبادة، مما أثار غضبًا واسعًا داخل الولايات المتحدة وخارجها.
غوانتانامو مركز احتجاز
ضمن السياسات المثيرة للجدل، ناقشت إدارة ترامب إعادة فتح معسكر الاحتجاز في خليج غوانتانامو لاستخدامه كمركز احتجاز للمهاجرين، في خطوة وُصفت بأنها تصعيد غير مسبوق في سياسات الهجرة الأمريكية.
وقد أثارت هذه الخطوة انتقادات حادة بسبب التكلفة الباهظة لتشغيل غوانتانامو، والتي بلغت تاريخيًا نصف مليار دولار سنويًا، فضلًا عن المخاوف الحقوقية بشأن الظروف القاسية داخل المعتقل وتأثيرها على سمعة الولايات المتحدة عالميًا.
الآثار الاقتصادية
أثرت حملات الترحيل بشكل كبير على قطاعات حيوية مثل الزراعة، والبناء، وصناعة الضيافة، حيث تعتمد هذه القطاعات بشكل أساسي على العمالة المهاجرة.
ووفقًا لتقديرات مركز بيو للأبحاث، بلغ إجمالي عدد المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة نحو 11 مليون شخص في عام 2022.
ورغم أن ترامب كان قد طرح فكرة الترحيل الجماعي خلال حملته الرئاسية لعام 2016، وخلال رئاسته الأولى، وكذلك في حملته لعام 2024، إلا أن الرأي العام الأمريكي شهد تحولًا واضحًا؛ فبينما كان ثلث الأمريكيين يؤيدون عمليات الترحيل الجماعي عند بداية رئاسته الأولى، ازدادت المعارضة لهذه السياسات بحلول ولايته الثانية، حيث اعتقدت غالبية الأمريكيين أن ترحيل جميع المهاجرين غير الشرعيين ليس الحل الأمثل لمشكلة الهجرة.
وتبقى قضية الهجرة في أمريكا ملفًا شائكًا، حيث يتأرجح بين السياسات المتشددة والنداءات الحقوقية المطالبة بمراعاة الجوانب الإنسانية والاجتماعية للمهاجرين، ومن بينهم الجالية العربية التي تساهم بشكل فعال في المجتمع الأمريكي.
طالع المزيد: