مفتي الجمهورية: تحقيق السكينة في العصر الحديث يتطلب إدراك المعنى الحقيقي للطمأنينة

في ظل تسارع وتيرة الحياة وكثرة التحديات التي يواجهها الإنسان يوميًا، يظل البحث عن السكينة والطمأنينة من أكثر الأمور التي تشغل الأذهان، التوتر والقلق أصبحا سمة العصر، فيما يحاول كثيرون إيجاد حلول عبر الانغماس في الماديات أو العزلة عن المجتمع، لكن هذا لا يؤدي إلى راحة حقيقية.

مفتي الجمهورية يعلن الحد الأدنى لزكاة عيد الفطر

الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الديار المصرية، تحدث عن هذا الموضوع خلال برنامج “حديث المفتي” الذي يُعرض على قناة “دي إم سي”، حيث أوضح أن السكينة ليست مجرد غياب للاضطرابات، بل هي حالة نفسية مستقرة نابعة من الإيمان والتقرب إلى الله.

وأشار إلى أن الطمأنينة القلبية لا تُشترى بالمال ولا تتحقق فقط بالراحة الجسدية، بل هي نور إلهي ينزل في القلب ليملأ النفس باليقين.

استشهد المفتي بموقف النبي محمد صلى الله عليه وسلم أثناء هجرته مع أبي بكر الصديق، عندما كان المشركون يطاردونهما، لكنه ظل ثابتًا مطمئنًا وقال لصاحبه: “لا تحزن إن الله معنا”، وهو ما يعكس النموذج الحقيقي للسكينة، التي لا تتأثر بالظروف الخارجية، بل تعتمد على قوة الإيمان والثقة بالله.

أوضح المفتي أن الوصول إلى السكينة يتطلب ممارسات روحية تساعد الإنسان على تهدئة نفسه والتغلب على مشاعر القلق، منها الإكثار من الذكر، وقراءة القرآن، والتأمل في نعم الله، والبعد عن كل ما يسبب الاضطراب الداخلي.

وشدد على أهمية الحفاظ على صلة دائمة بالله من خلال الصلاة والدعاء، لأن ذلك يمنح الإنسان شعورًا بالراحة حتى في أصعب الظروف.

أكد أن السكينة لا تعني الهروب من المشكلات أو تجنب المواجهات، بل هي القدرة على التعامل مع الأزمات بهدوء وثبات، الإنسان الذي يدرك أن كل شيء بيد الله ويؤمن بأن ما يصيبه هو لحكمة إلهية يكون أكثر قدرة على تحقيق الطمأنينة الحقيقية.

وأضاف أن المجتمع اليوم يعاني من انتشار التوتر نتيجة الانشغال الزائد بالحياة المادية والسعي الدائم وراء الملذات المؤقتة، وهو ما يجعل كثيرين يعيشون حالة من القلق المستمر دون أن يشعروا بالراحة النفسية.

أشار إلى أن التوازن بين الجوانب الروحية والمادية ضروري لتحقيق السكينة، إذ لا يمكن للإنسان أن يعيش حياة مستقرة دون أن يكون لديه ارتباط قوي بالله، وفي الوقت نفسه يجب ألا يهمل مسؤولياته تجاه عمله وأسرته ومجتمعه.

وبيّن أن الانعزال عن الحياة ليس حلًا، بل يجب على الإنسان أن يسعى لتحقيق السكينة وسط زحام الحياة، من خلال ترتيب أولوياته والتعامل مع ضغوطه بحكمة.

اختتم المفتي حديثه بأن تحقيق السكينة مسؤولية فردية، تعتمد على وعي الإنسان وإدراكه لما يجلب له الراحة الحقيقية، وشدد على أن السكينة ليست مجرد حالة شعورية مؤقتة، بل هي أسلوب حياة قائم على الإيمان، واليقين بأن كل ما يحدث هو ضمن تدبير إلهي حكيم، كما أوصى الجميع بالحرص على تهذيب النفس والتقرب من الله لتكون السكينة جزءًا من حياتهم اليومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى